العلا – البلاد
امتدادًا لرسالة المملكة وفضائها الرحب لخير البشرية، وعلى أرض الحضارات “العلا” بإرثها العريق وإشعاع حاضرها، اختتمت فعاليات مؤتمر الحِجر الثاني للحائزين على جائزة نوبل وأصدقائهم، الذي نظمته الهيئة الملكية لمحافظة العلا، واستقطب نخبة من الفائزين بجوائز نوبل، وبوليتزر ولوريال اليونسكو للمرأة في مجال العلوم، وجائزة الملك فيصل العالمية وجائزة الملك سلمان لأبحاث الإعاقة، إضافة إلى نخبة من الشخصيات البارزة، حيث ناقشوا أبرز تحديات البشرية اليوم.
كما يقال “الكتاب يبدو من عنوانه” ، هكذا تبدو أهمية مؤتمر الحائزين على الجوائز الرفيعة
في رحاب العلا، بكل دلالاتها الراسخة في عبقرية الجغرافيا والتاريخ كملتقى للطرق والحوار بين الثقافات، أما العنوان فهو: “فرصة لاتخاذ قرارات حاسمة في أوقات مصيريّة”.
نعم.. هي فرصة متجددة للقاء والنقاش من خلال المؤتمر الذي نظمته الهيئة الملكية لمحافظة العلا، وما سيعقبه من مؤتمرات تعكس المساحة الرحبة من نقاشات هذه النخبة الفائزة بجوائز مرموقة تكرم الجهد البشري في كل مجال للتقدم، وهي الأولوية الحاضرة دوما في دور المملكة بقيادتها الرشيدة، حفظها الله، واهتمامها بكل مافيه صالح البشرية.
فمؤتمر نخبة الفائزين بجوائز نوبل وأصدقائهم، ضم نخبة من المفكّرين والمثقفين من أبرزهم؛ الناشطة الغواتيمالية ريجوبيرتا مينشو- توم (حائرة على جائزة نوبل للسلام في عام 1992)، والرئيس البولندي السابق ليخ فاونسا (حائز على جائزة نوبل للسلام في عام 1983)، والصحفيين مايكل موس (حائز على جائزة بوليتزر للتقارير الصحفية التوضيحية في عام 2010) وجيف جوتليب (حائز على جائزة بوليتزر للخدمة العامة في عام 2011)، والبروفيسور عمر م. ياغي، رئيس قسم الكيمياء (جيمس ونيلتي تريتر) في جامعة كاليفورنيا بيركلي (حائز على جائزة الملك فيصل)، ودومينيك لانجيفين، رئيسة قسم البحوث في المركز الوطني للبحث العلمي، وهي أكبر وكالة للعلوم الأساسية في أوروبا (حائزة على جائزة اليونسكو للمرأة في مجال العلوم).
لقد أكد المهندس إبراهيم بن محمد السلطان، عضو مجلس إدارة الهيئة الملكية لمحافظة العلا خلال كلمته الافتتاحية، أهمية مؤتمر الحِجر الأول للحائزين على جائزة نوبل وأصدقائهم ، كانعكاس لإرث العلا في تبادل المعرفة والحوار، وهو أيضا محاولة هامة لتحليل أهم القضايا التي تواجه البشرية اليوم وإصدار توصيات قابلة للتنفيذ.
وخلال هذا المؤتمر الذي نظمته الهيئة لمدة ثلاثة أيام بالتعاون مع شركة “ريتشارد أتياس وشركاه”، ناقش المشاركون مجموعة من المواضيع بما في ذلك سدّ الفجوة في التعليم وتوفير خدمات الرعاية الصحية للجميع.
ومع انتهاء المناقشات يتجدد موعد إعلان التوصيات في الأيام المقبلة، بهدف تحفيز صنّاع القرار في مختلف أنحاء العالم، بمن فيهم قادة الدول ورؤساء المنظمات الدولية والشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة والمواطنين، لاتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على سلامة البشرية وتطورها في القرن الحادي والعشرين.
ومع ختام المؤتمر، كانت الكلمة البليغة المعبرة التي ألقاها الأمير تركي الفيصل، رئيس مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، وقال فيها: “لقد أتيتم من منازل رفيعة في حياتكم وأنتم أحق إجلالاً من أقرانكم، هنا في العلا، حيث نحت القدماء معارفهم على وسيلة الكتابة المتاحة آنئذ، وهي الصخور، وتبادلتم المعارف أنتم وناقشتموها على الوسيلة المتاحة لكم اليوم “الإنترنت”، وستنتشر في بقية العالم لخير البشرية”.
وبهذه الروح الداعمة للعلم والتفوق، وتكريماً لإنجازات شباب وفتيات الوطن؛ استضافت الهيئة الملكية لمحافظة العلا طلبة برنامج “موهبة” الذين حققوا جوائز في مسابقة آيسف 2022، إضافة إلى عدد من الطلاب المنتسبين في جامعة طيبة لحضور جلسات النقاش، حيث شاركوا في العديد من الجلسات النقاشية خلال المؤتمر، لا سيما في جلسة اليوم الأخير التي تمركزت حول موضوع الشباب كبناة للمستقبل.
منارة ثقافية
في فبراير من العام 2020 ، شهدت العلا انطلاقة “مؤتمر الحِجر الأول للحائزين على جائزة نوبل” وشارك فيه 18 شخصية من الحائزين على جوائز نوبل للسلام والاقتصاد والأدب والفيزياء والكيمياء وعلم وظائف الأعضاء والطب، إلى جانب نخبة من قادة الفكر والمجتمع والسياسة من 32 دولة حول العالم، لمناقشة وتقديم الحلول والأطروحات لمواجهة التحديات التي تؤثر على الإنسانية والعالم.
في ذات المؤتمر تجلت أبعاد الرؤية الثقافية والتراثية للعلا، التي أخذت اتجاهًا واضحًا للتنمية طويلة الأجل في المنطقة والتزام الهيئة الملكية بالسياحة المستدامة التي تحافظ على الخصائص الطبيعية والتراثية للمكان.
فقد تحدث الأمير بدر بن عبدالله بن محمد بن فرحان وزير الثقافة محافظ الهيئة الملكية لمحافظة العلا عن هذا الإشعاع الحضاري بقوله: “طالما مثلت العلا على مر التاريخ منارة ثقافية وملتقى طرق للعديد من الحضارات والثقافات المختلفة، حيث اجتمع فيها الناس من جميع الثقافات والأيدولوجيات لتبادل الأفكار والمعرفة والتجارة ، واليوم، نجتمع في نفس المكان، يدفعنا الشغف ذاته الذي تميز به أسلافنا“.
وأضاف: “هذا يعكس إيماننا العميق بدور الأشخاص الملهمين والمبدعين، الذين يقدمون حلولًا للمشاكل والنزاعات العالمية، والذين يدعون للسلام والازدهار، ويسهمون في تنمية الإنسانية والاستدامة على جميع المستويات، ونأمل أن يوفر هذا المؤتمر للفائزين بجائزة نوبل منصة فريدة لإحياء الدور التاريخي للعلا في التبادل الثقافي العالمي”.
من جانبها، قالت المديرة العامة لمنظمة اليونسكو أودري أزولاي: “إن التنوع الهائل والثراء الحضاري والإنساني الذي نشهده هنا في العلا يؤكد أن التراث محفز رئيس للسلام والتعليم والكثير غير ذلك، ومن الضروري لنا أن ندرك الجوانب المختلفة للتاريخ وأن نتبنى كيف يكون للتراث دور في الخطاب السلمي وخلق تنوع كبير في الأفكار”.