اجتماعية مقالات الكتاب

الراوي الرقمي.. الواقع والمأمول

إن الرواية الشفهية قد لعبت دوراً فاعلاً في الماضي لنقل الأخبار والأحداث وشيوعها بين الناس، ويعزى الفضل إلى شخصية الراوي والقاص والحكواتي في نقل الأحداث والقصص والملاحم التاريخية الكبرى بمصداقية لمجتمعاتهم، ثم جاءت وسائل الاتصال الجماهيري من تلفاز ومذياع وصحف لتضطلع بنقل الأخبار والمعلومات، أعقبتها الثورة الرقمية التي استفاد منها الرواة، وتفننوا في رواياتهم عبر المنصات الرقمية المختلفة من يوتيوب وإنستغرام وسناب شات وغيرها.

إن هنالك أدوات كثيرة يطوعها الراوي الرقمي لتوصيل رسالته عبر المنصات الرقمية؛ كالمعينات الصوتية والبصرية والبث الحي المباشر على المنصات الإعلامية الاجتماعية بجانب تفاعله مع جمهوره ومتابعيه واستصحابه لتعليقاتهم ومشاركاتهم وغيره. وفي سبيل وصول رسالة الراوي على الوجه الصحيح فلابد من وجود متابعين بانتظام؛ بل ومعجبين بأعداد كبيرة، حيث يؤدى ذلك إلى ظهور مصطلح “المؤثرين” جراء عناصر شتى ترتكز على مدى التأثير والمصداقية والانطباع الذهني والمادة الرقمية التي يتم بثها بوتيرة منتظمة، ويكون الراوي الرقمي مهموماً بالقضايا اليومية الآنية المهمة، أو ما يسمى بـ “Trend” الذي يهتم بالموضوعات والأحداث محل اهتمام المتابعين، حيث يتفاعل متابعو مواقع التواصل الاجتماعي يومياً مع مواضيع محددة سلفاً من جانب رواة أو شخصيات لها وزنها أو أحداث عاجلة تستأثر على اهتماماتهم.

إن السواد الأعظم من الرواة الرقميين اليوم هم من الجيل الجديد المعروف بجيل Z “Generation Z” الذين جاؤوا للحياة بعد العام 2000م حيث يتسم هذا الجيل بالاستخدام الواسع للوسائط التقنية ووسائل التواصل الاجتماعي ويتكئ على إمكانات كبيرة للتغيير، تفوق الأجيال التي سبقته. ويمكن تصنيف الرواة الرقميين إلى عدة تصنيفات، فمنهم الراوي الحاذق العليم المتخصص في مجاله سواء كانت علوماً طبيعية أو تقنية أو غيرها والراوي العام الذي ليس متخصصاً في مجال معين بيد أنه يكتسب مصداقيته من عدد المتابعين له وتأثيره، وقد يتناول مواضيع شتى؛ طبقاً لأهميتها لجمهوره وهنالك الراوي المسوق الذي ينتهز وجود أعداد كبيرة من المتابعين ويسوق لحملات إعلانية أو تجارية، والراوي الكاذب الذي يوظف شائعات الوسائط التقنية والمواضيع التي لا تستند على حقائق علمية لكسب مزيد من المتابعين له.

وأخلص إلى أن للراوي الرقمي دورا مهما في الجوانب الإعلامية والاجتماعية والثقافية، وتزداد الحاجة إليه لاكتساب المعرفة لاسيما في عصر طوفان المعلومات الراهن. وتفعيلاً لدوره فهنالك حاجة لتوفير منصات للرواة الرقميين لتقوم تلك المنصات باختيار الجيد من المواد ومن ثم العمل على بثها، كما تبرز الحاجة لأن تقوم القنوات الفضائية بدعم الرواة الحاليين بجانب أن تعمل كليات الإعلام في الجامعات على إدراج الرواية الرقمية ضمن مناهج تدريسها.
باحثة وكاتبة سعودية

J_alnahari@

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *