مازالت دعوة الخليل إبراهيم لهذا البلد الحرام تجد طريقها؛ خيرًا وبركة وسلامًا، ومازال الزمان يمنح شرف خدمة هذه البقعة الطاهرة لمن أيقن بعلو قدرها وجلالة مكانها بين مدن المعمورة قاطبة، فنال بهذا المرتقى كل خير.
وهاهي مكة في هذا العهد السعودي الزاهر تحظى بفصل جديد من فصول الاحتفاء بها؛ احتفاءً يليق بروح العصر ومتطلبات المرحلة واستحقاقات التنمية المستدامة والشاملة.
فحينما نتأمل ما مر به العالم في جائحة كورونا، لن يغيب عن تلك الذاكرة الصعبة الاهتمام المبهر الذي أولته الدولة لبيت الله الحرام، وكيف كانت التقنية المعاصرة بمختلف إصداراتها عونا لقاصدي ذلك المكان الشريف؛ تطهيرا ومراقبة وسلامة وأمنا،
وحين تنحى الوباء، فإن قيادة هذا البلد المبارك لم تتأخر عن سابق عهدها فيما سبق فيه فضلها من الاهتمام بمشاريع تنمية مكة، التي وجه بها والدنا خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين، التي انطلقت من أبعاد جديدة، راعت فيها متطلبات العصر، ومواكبة المتغيرات وخطط التنمية والنماء؛ لتصنع من كل هذه المكونات أنموذجًا عصريًا فريدًا في التنبؤ بمستقبل هذه الوجهة التي تفيض روحا وروحانية للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.
وكيف للنفس أن تخطئ في الاستبشار بالقرارات الحكيمة للقيادة الرشيدة في استحداث وتشغيل ومتابعة الأجهزة المختلفة والمنظمات المتعددة المعنية بمكة المكرمة؛ ليكون العمل مؤسسيا في روحه، وعالميا في إجراءاته فتكون مكة حينها على موعد مع عصر جديد وغير مسبوق شهد به البعيد قبل القريب والغريب قبل الحبيب! وحين نعيد النظر في معادلة الزمن والإنجاز، وكيف يتحقق في فترة وجيزة وأتأمل مع نفسي قبل غيري كيف باتت مكة بثوبها الجديد مفخرة المدن ومحل إعجاب الحاج والمعتمر والزائر والركع السجود، فإنني أندهش من تعاقب الإنجاز الذي كنا نعده مستحيلًا وتوالي الخدمات التي ظنناها عتية، بل وتوظيف الابتكارات الحديثة في المشاريع العملاقة المرتقبة التي ستصب، بحول الله، في مساق الإنشاء والإسكان والنقل وأمن الحجيج وإدارة الحشود وسلامة الجماعات، يغلفها بعد حفظ الله، سياسة راسخة وأمن محكم؛ ليعود كل من أتى اليها بقصص تروى وأحاديث لاتنسى.
ولأن مكة لم تغب عن عين القيادة- ولن تغيب- فإن الزمن لم يعد أجمل منه في يومنا هذا لطرح الأفكار الخلاقة، والرؤى السديدة، والمقترحات الأصيلة في محتواها ومقاصدها، التي ماانفكت القيادة الرشيدة تؤكد على أهميتها دومًا وأبدًا للمضي بهذا البلد الأمين إلى مزيد من التقدم الذي يمزج الروحانية بالعصرية والتاريخ بالمستقبل ورؤية الوطن بآمال المواطن.
linguist_abdul@yahoo.com