الباحة ـ البلاد
عاش أهالي قرية الأطاولة التراثية شمال منطقة الباحة في الماضي روحانية شهر رمضان المبارك تجمعهم بساطة الحياة وتسود علاقاتهم أجواء من الألفة والتعاون . وروى ابن القرية محسن بن صالح بن نصيب الواقع المعاش قبل 50 عاماً في أحضان المكان وحال أهلها في شهر الخير ، فكانوا يستقبلون تباشير حلوله عن طريق ” المشاعيل ” ويتواتر الأهالي نقل الخبر بإشعال النيران على قمم الجبال فكانت بمثابة الإعلان والوسيلة الأسرع تبليغاً ،فيستقبلونه بالفرح ويتبادلون فيما بينهم التهاني. ووصف ليالي رمضان في القرية بغير ما اعتاد عليه الناس بقية الأشهر فعند المساء تتسع دائرة اللقاءات بين الأهالي والأصدقاء بعد أدائهم صلاة العشاء والتراويح في جامع القرية الذي جرى ترميمه وتأهيله مؤخراً ضمن مشروع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع – حفظه الله – لترميم وتأهيل المساجد التاريخية بالمملكة التي تضم 30 مسجداً في 10 مناطق، أما نهار رمضان فمقرون بالعمل وكسب الرزق ومع شروق الشمس ينصرف الأهالي إلى مهامهم اليومية في الحقول ورعي الماشية وأعمال التجارة وفي المهن الحرفية مثل البناء والنجارة تفصلهم عن مواصلة العمل وقفة قصيرة للراحة والقيلولة لاستعادة النشاط ومعاودة الانطلاق.
وقال ابن نصيب:” من العادات التي كانت سائدة في القرية اجتماع الصائمين على موائد الإفطار في المساجد والمشاركة الجماعية في تجهيزها التي لا تخلو من “الخبزة المقناة”، فيما تتنوع اطباق وجبة السحور من منزل لآخر بحسب ما يتوفر وبشكل عام فإن اللحم والعصيدة هما الأبرز”. وتحدث عن الحركة التجارية وكيف كان يقضي الأهالي حوائجهم ومستلزماتهم الرمضانية إذ كان سوق الربوع الأسبوعي مقصداً لتأمين المتطلبات ومركزا يتوافد إليه الناس من مختلف أرجاء المنطقة ومن المناطق المجاورة يعرضون بضائعهم المختلفة من ماشية وبن وأنواع المحاصيل والفواكه والسمن والعسل والملابس والأقمشة والحلي وغيرها ،مشيراً إلى ما يختصره السوق من مسافات بين الأهل والأصدقاء فكان نقطة اجتماع ولقاء وسؤال عن الأحوال والديار ومحضرا لقضاء بعض الشؤون وبعث الرسائل والمؤن مع العائدين إلى القرى الأخرى، وأضاف أن أجواء رمضان لا تخلو من قضاء بعض أوقات التسلية وممارسة الألعاب الشعبية مثل الزقطة والطيبان والقطرة و الغُميما.
وتقف إطلال قرية الأطاولة التراثية بمحافظة القرى شامخة منذ عدة قرون شواهدها ماثلة في بيوتها ومسجدها ومدرستها المشيدة بالحجارة ومن أبرز معالمها حصن دماس بعلوه الشاهق وحصن مشيخة آل عثمان المشيد.