حصاد الأسبوع

حفظ النعمة.. زيادة واستدامة

جدة – البلاد

ما أعظم نعم الله تعالى ، وفضائله التي لا تعد ولا تحصى على الإنسان ، وفي المحافظة عليها تطبيق لتعاليم ديننا الحنيف لبقائها وزيادتها، وعائد كبير من الخير على الفرد والمجتمع والاقتصاد ، بتجنب خسار الهدر الغذائي التي تقدر بعشرات المليارات من الريالات سنويا. ولنتصور قيمة هذا الرقم الهائل بمعالجة كافة أسباب الفقد والهدر ، مع التطور الحاصل بمنظومة النقل والإمداد للأسواق ، وتتويجه بالوعي المجتمعي بالحد من الاسراف مع توجيه فائض الطعام إلى حيث يجب.
قبل أيام دشّن وزير البيئة والمياه والزراعة المهندس عبدالرحمن الفضلي ووزير الشؤون البلدية والقروية والإسكان الأستاذ ماجد بن عبدالله الحقيل، المؤسسة الأهلية لحفظ النعمة، والتي تعمل على الحد من الهدر الغذائي في مختلف مناطق المملكة عبر عمل مؤسسي جامع لسبل ومقاصد حفظ النعمة.

كثير من النقاط التي تخاطب الفرد والأسرة والمجتمع ، طرحها الوزير الحقيل خلال كلمته في حفل التدشين والاجتماع الأول لمجلس الأمناء ، أولها أهمية حفظ النعم من الإسراف انطلاقا من تعليم الاسلام الحنيف، راجياً أن تسهم المؤسسة تحقيق الاستدامة وتعزيز الوعي المجتمعي للحد من الهدر الغذائي.

أما مظاهر الهدر التي أشار إليها فهي عديدة وتستوجب المعالجة بالوعي السلوكي بشأن فائض الأطعمة ، وما يحدق من إلقاء كميات كبيرة من الغذاء في النفايات ، وما لذلك من تأثير سلبي على الأمن الغذائي.
أيضا الخسائر والأضرار في المجمل ، تتجاوز ما يعتقده البعض بأن فائض الطعام لاقيمة له وهم في غنى عنه ، لكن في حقيقته هو إسراف وهدر بميزانية الإنفاق الأسري ، وفي نفس الوقت إضرار بالاقتصاد العام، كاشفًا بلوغ حجم خسائره في المملكة نحو 40 مليار ريال، الأمر الذي يدعو إلى ضرورة معالجته بطرق عدة، أهمها تفعيل دور القطاع الثالث المختص بالاستفادة من هذا الهدر بشكل إيجابي.
هنا تكمن أهمية المؤسسة الوليدة لتقوم على أهداف وسبل حفظ النعمة ، وتأكيد الوزير ماجد الحقيل في هذا الشأن بأن الهدف هو إيجاد كيان قانوني مستدام لتعظيم المشاركة المجتمعية في الحلول للحد من الهدر الغذائي، حيث سيكون دور المؤسسة دعم توجيه القطاع الثالث (غير الربحي) ، لتولي المهام المتوقعة منه في مجال حفظ النعمة بالشكل الأمثل، وذلك عبر توفير الدعم المالي والمعرفي واللوجستي وغيره، وذلك بالاستفادة من الخبرات المتوفرة والتجارب العالمية الناجحة.

خطوة مهمة
هكذا تبدو القضية حالة وطنية تترجم ، كما قال الوزير الفضلي خلال المناسبة اهتمام المملكة بالقطاع غير الربحي ، كونه شريكًا أساسيًا للقطاع الحكومي في تنمية المجتمع، وفق مستهدفات رؤية المملكة 2030، وما تضمنته من أهداف إستراتيجية لزيادة إسهام القطاع في الناتج المحلي الإجمالي، مؤكدًا أن مبادرة إنشاء مؤسسة حفظ النعمة الأهلية تأتي خطوة مهمة في إطار العمل المؤسسي لدعم العمل الخيري لجمعيات حفظ النعمة بالمملكة، واستشعاراً بأهمية الحفاظ على الغذاء من الفقد والهدر.
وفي ظل توجهات برامج التحول الوطني الرامية إلى استثمار الموارد الطبيعية بفعالية ورفع كفاءة التشغيل للوصول إلى سلوك استهلاكي مثالي، تبنت وزارة البيئة والمياه والزراعة مبادرة “البرنامج الوطني للحد من الفقد والهدر في الغذاء”، والذي سيسهم بمشيئة الله في نشر الوعي، والمحافظة على النعم وخفض معدلات الفقد والهدر، بما يتوافق مع قيمنا الإسلامية التي تدعو إلى الحد من الفقد والإسراف والحفاظ على نعمة الغذاء.
هنا جاءت رسالة الوزير إلى الجمعيات وجهودها الكبيرة المنشودة في حفظ النعمة من الهدر ، والاستفادة من الفائض منه وتوجيهه لمستحقيه، إضافة إلى البعد الاقتصادي من خلال المحافظة على مقدرات الوطن وكذلك البيئة ، حيث تعد “المؤسسة الأهلية لحفظ النعمة” كياناً مستقلاً وذراعاً أهلياً غير ربحي، تهدف إلى الإسهام في تمكين دور القطاع الثالث في الناتج المحلي وقيادة القطاع في مجال حفظ النعمة للحد من الهدر الغذائي بالمملكة بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة في جميع القطاعات.

مسؤولية الجميع
والحديث عن حفظ النعمة كسلوك رشيد ، تشهد المناطق فعاليات وجهود كبيرة من الجمعيات الخيرية العاملة في هذا الشأن ، فقبل نحو شهر وتحديدا في مارس الماضي رعى سمو الأمير فيصل بن بندر بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض، الحفل السنوي لـ “جمعية خيرات لحفظ النعمة” ، مؤكدا أهمية دور الجمعية ، وضرورة التكاتف وتقديم الدعم الكامل للجمعية على ما تسعى إليه من خير للإنسان والوطن.
كما سبق ووقّع وزير البيئة والمياه والزراعة المهندس عبد الرحمن الفضلي اتفاقية مع الأستاذ فهد بن عبدالعزيز الخضير رئيس المجلس التخصصي لجمعيات حفظ النعمة بالمملكة، ورئيس مجلس إدارة جمعية “طعامي” ببريدة، بهدف الإسهام في حفظ النعمة والحد من الفقد والهدر في الغذاء بالمملكة، بالإضافة إلى توعية المجتمع بأهمية المحافظة على النعمة، من خلال 30 جمعية لحفظ النعمة في مختلف مناطق المملكة ، وذلك ضمن إطار اهتمام المملكة بالقطاع غير الربحي؛ كونه شريكًا أساسيًا للقطاع الحكومي في تنمية المجتمع، وفق مستهدفات رؤية المملكة 2030، وما تضمنته من أهداف إستراتيجية لزيادة نسبة إسهام القطاع في الناتج المحلي الإجمالي.

شركاء المسؤولية
شكر النعمة والحفاظ عليها مسؤولية الجميع : رب وربة الأسرة في منازلهم، وقطاع المطابخ والمطاعم ، ومحلات الوجبات الخفيفة ، ومحلات الخضروات والفواكه ومراكز التسوق التي غالبا ماتشهد تلفا وفاقدا مستمرا من هذا الأصناف الغذائية ، وكذلك إدارات الفنادق والشقق المفروشة والاستراحات وقصور الأفراح ، ليسوا بمنأى عن فداحة ما يرمى من فائض أطعمة ، مع نفايات مطابخهم ، مما تستوجب تصويبا لتلك السلوكيات السلبية.
ومن أجل وعي أعمق وأشمل ، يأتي دور الدعوة والمؤسسات التعليمية بكافة قطاعاتها ، والتي تقع على كاهلها مسؤولية عظيمة في ترسيخ قيم حفظ النعمة، كثقافة حياتية صحيحة في سلوك الفرد والمجتمع جيلا بعد جيل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *