متابعات

هدر الطعام .. إضرار بالصحة والبيئة

البلاد ـ مها العواودة

أكد مختصون ضرورة التحلي بالحكمة في شراء السلع الغذائية، والتقليل من الإقبال على السلع التي لا تحتاجها الأسرة بشكل فعلي ، خصوصا وإنه مع إطلالة شهر رمضان المبارك فإن الكثيرين يتكالبون على شراء السلع الغذائية أكثر مما يحتاجونه ، فضلا عن إعداد كم هائل من المأكولات في افطار شهر رمضان ونتيجة لذلك فإن الفائض منها يذهب إلى حاويات النفايات، لافتين في الوقت نفسه إلى أن الكثير من الجمعيات الخيرية لديها مبادرات لحفظ النعمة وهي تتولى توزيع الفائض من الاطعمة خلال شهر رمضان أو غيره من المناسبات على المحتاجين.

وأضافوا أن التخفيضات التي تعلن عنها المتاجر الكبرى تجر وراءها الكثير من الويلات، من خلال إقبال الكثير من المستهلكين على سراء سلع تفوق احتياجاتهم الفعلية.
لافتين إلى أن هذه السلوكيات تؤدي إلى إساءة عملية الشراء، ومن ثم إساءة التخزين والاستهلاك، كما تسبب هدرا كبيرا للمال والوقت والجهد.

واستطردوا أن بعض المتسوقين يشترون ما يشتهونه وليس ما يحتاجونه بالفعل، من خلال شراء كل ما تقع عليه أعينهم، ثم يكون السلوك بالقاء الطعام في النفايات أو تقديمه للحيوانات في أحسن الأحوال، داعين في الوقت نفسه إلى تصحيح الأساليب والسلوكيات الخاطئة مع انطلاقة هذا الشهر الفضيل‏ والعمل على تقنين الطعام خصوصا وأن الهدر له علاقة بالاقتصاد وصحة الإنسان، كما أنه له أثار سلبية أيضا على البيئة.


يرى مدير إدارة التوعية والتثقيف بجمعية حفظ النعمة بمنطقة الرياض أن أسباب هدر الطعام كثيرة ومتنوعة و أهم هذه الأسباب وأبرزها :الفهم الخاطئ لمفهوم الكرم والذي تحول في كثير من الأوقات إلى مفاخرة وبالعامية ” مهايطة ” الطلب والشراء بكميات أكثر من احتياجنا مما ينتج عنه هدر وإسراف ، ولابد من تجنب الوقوع في الخطأ بعد مرة أو مرتين، ضعف استشعار نعم الله عليهم وعدم تصورهم لعواقب هذه التصرفات والأخطاء.

حفظ النعمة
وحول دور جمعيات حفظ النعمة في التوعية من هدر الطعام قال إن جمعيات حفظ النعمة في مختلف مناطق ومحافظات المملكة تقوم بعمل جبار لحفظ النعمة وتقليص الهدر، ولكن اسمحوا لنا أن نتكلم هنا باسم جمعيتنا ، ونبشركم بفضل الله الجمعية تعمل على مسارين أساسين أولها وما نسميها ” إطفاء الحرائق” والتي يتم فيها جمع الفائض وتجهيزه وتغليفه وتوزيعه للمستفيدين ، والثاني هو ما نسميه ” الوقائي ” والذي نهدف فيه لرفع الوعي المجتمعي والتطبيق العملي عبر التوعية والتثقيف.
مشيرا إلى وجود عدة مشاريع توعوية وتثقيفية متميزة أبرزها مشروع سفراء حفظ النعمة ، نشرة أو مجلة حفظ النعمة ، ديوانية حفظ النعمة، لحملات التوعوية الموسمية ومنها حملة ” قدرها ” والتي تستهدف رفع الوعي المجتمعي لتقدير النعمة في شهر رمضان .

كما أوضح أن الشراء العشوائي أحد أهم الأسباب في زيادة معدلات الهدر وتابع “هذا تم تأكيده عبر الدراسات والأبحاث ، ونحن دائماً ننصح المشاركين وعموم المجتمع بضرورة كتابة ما نحتاج شرائه قبل الذهاب للسوق وكذلك لا نتسوق ونحن جائعون مما يؤثر على سلوكنا الشرائي” .

ممارسات خاطئة
وعن كيفية التخفيف من هدر الأطعمة في شهر رمضان دعا إلى ضرورة استشعار فضيلة شهر رمضان والمقاصد الشرعية من هذا الشهر المبارك ، وأردف “لكن للأسف نحن نرى اليوم ممارسات خاطئة وخطيرة تساهم في زيادة معدلات الهدر في هذا الشهر ، وننصح باتباع هذه النصائح لتخفيف الهدر في هذا الشهر الكريم وهي تتمثل في اكتب قائمة احتياجاتك للمواد الغذائية بعناية ، شتري وفق القائمة ، اعتني بالتخزين في المكان المناسب ووفق درجات الحرارة المناسبة ،الاستخدام بحرص وبكميات قليلة بحسب الاحتياج ،مراقبة الاستهلاك فإذا زاد نقلل في المرات القادمة لحين الوصول للمقدار المناسب.

سوء التخزين
من جانبها قالت الدكتورة فاطمة محمد كعكي استشاري اول طب نفسي وعلاج الادمان إن سوء التخزين والصرامة في الالتزام بموعد الصلاحية وعروض بيع الجملة اسباب تجعل البعض يهدرون الطعام .
وقالت” يتعرض نحو 30 % من الإنتاج العالمي من الأطعمة؛ أي ما يوازي نحو 1.3 مليار طن من الطعام، للتلف والإهدار سنويا قبل أن تصل إلى مائدة المستهلك.

يحدث هذا في وقت يعاني 821 مليون شخص على مستوى العالم من نقص الغذاء والجوع المستمر، وفقا لبيانات منظمة الصحة العالمية حول وضع التغذية والأمن في العالم”.

وحول دور الحالة النفسية في هذا الهدر قالت” تمت دراسة آثار الطعام على الحالة النفسية لعدة آلاف من السنين من قبل الفلاسفة الشرقيين ولقد ذهب العديد من هؤلاء الفلاسفة إلى حد تصنيف الآثار المترتبة على تناول الأطعمة المختلفة ، وقد ذكرت النصوص الهندوسية القديمة آثار الغذاء على السلوك الروحي أيضاً وقامت بتصنيف الغذاء إلى ثلاثة أنواع وهي كالتالي:
‏الأطعمة النقية: وهي مجموعة الفواكه والخضروات الطازجة ومنتجات الألبان والتي تعتبر ضرورية لتحقيق الهدوء والطمأنينة للنفس والعقل وتعمل على زيادة وضوح الذهن وضبط السلوك والتصرف وينصح بتناولها خصوصا من قبل أولئك الذين يرغبون في السمو الروحي وتعزيز ملكة التأمل العقلي.

الأطعمة المحفزة:   وهي مجموعة التوابل واللحوم والبيض والبصل والثوم وغيرها من الأغذية التي تستهلك وقتاً لهضمها وتعتبر من الأنواع التي تساهم في تفشي الاضطرابات العصبية والنفسية.
‏الأطعمة الفاسدة: وهي مجموعة السكريات والكربوهيدرات التي تعتبر أساسية في انخفاض القدرة على التفكير وتعطيل عمل الحواس والمساهمة في الأمراض النفسية المزمنة و كذلك تسريع عملية الشيخوخة والوفاة المبكرة.

التخطيط للوجبات
ولتفادي هدر الطعام في رمضان أكدت الدكتورة كعكي وجود عدة خطوات من شأنها تجنب هدر الطعام في الشهر المبارك منها إعداد الطعام بكميات مناسبة: فإذا كان عدد الأفراد على مائدة الطعام ستة أشخاص يجب ألا تزيد كميات الطعام المقدمة على المائدة عن حاجتهم ، شراء الطعام المنتج محلياً؛ لأن استيراد المواد الغذائية ونقلها عبر الدول يتسبب في فرص فساده بسرعة عبر وسائل النقل العالمية ،التخطيط للوجبات الغذائية عبر الاحتفاظ بالمواد اللازمة في مكان واحد مثل خزائن الطعام والثلاجة؛ فيسهل تحضير قائمة المشتريات والتقيد بها. هذه الخطوة لا تقلل فقط من كمية بقايا الطعام ولكنها توفر أيضاً الوقت والمال ، الحرص على معرفة تواريخ انتهاء صلاحية المواد الغذائية من خلال الاهتمام بقراءة “تاريخ الإنتاج” وتاريخ “انتهاء فترة الصلاحية” ، إعداد قائمة بالمشتريات قبل الذهاب إلى التسوق، وتجنب التسوق في حالة الجوع؛ لأن هذه الحالة تؤدي إلى الشراء العشوائي ، الاستفادة من بقايا الطعام عبر تصفح شبكة الإنترنت والبحث عن أفكار جديدة للتعامل مع بقايا الطعام الزائد لتحضير أطباق مميزة وشهية، استخدام المنتج الذي يتم شراؤه لأقصى درجة ممكنة عبر تحديد أنواع الطعام التي يمكن تجميدها أو تخزينها أو تجفيفها، مما يساهم في تجنب هدر الطعام، تجنب ملء طبق الطعام: في الحفلات أو التجمعات، تجنب ملء طبقك بشكل مبالغ فيه عند اختيار الطعام من البوفيه المفتوح، وبهذا تتجنب هدر الطعام ، تقديم الفائض من الطعام للمحتاجين من الناس بدلاً من إلقائه في القمامة، مع الحرص على التأكد من سلامة الطعام وصلاحيته قبل التبرع به.


الأمن الغذائي
أكد المستشار الأسري مشبب بن ناصر المقبل أن المجتمع العربي لا زال يبالغ في الكرم واكرام الضيف حتى وصل الى حد الهدر وبلوغ الاثم ، موضحا أن السعودية تخطو خطوات متقدمة للمساهمة في تحقيق الأمن الغذائي، من خلال تحفيز السلوك الإيجابي ونشر الوعي والاستهلاك الرشيد وتلافي مخاطر الهدر الغذائي الذي يسبب هدر الموارد وغضب الرحمن من هذا الاسراف المخيف والحذر من العروض التجارية الوهمية التي تخفف من الاسعار وتزيد الكميات المشتراه ممايسبب تلفها وانتهاء صلاحياتها وهذا اسراف عظيم ومخيف، داعيا إلى الحافظ على النعم وليكن سلوك اسلامي اصيل فعلى سبيل المثال بقايا طعامك في المطعم خذها معك واعطها لاقرب عامل أو محتاج أو خذها لبيتك فهكذا تدوم النعم وادعوا الله ان لايريكم النعم بعد زوالها.
وأضاف “‏المتتبع لسيرة الرسول صل الله عليه وسلم ،وصحابته الكرام وسير السلف حفظ النعمة واحترامها وشكر الرب سبحانه وقد كانوا يربطون الحجر على بطونهم من الجوع وقد قال تعالى :(ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما واسيرا).
وقال صلى الله عليه وسلم :(ما عال من اقتصد) فكان حفظ النعمة منهج رباني وعلمنا محمد عليه الصلاة والسلام حفظها عندما اكل عند ابو ايوب الانصاري ومعه ابو بكر وعمر قطعة لحم وماء بارد فبكى عليه الصلاة والسلام وقال والله لتُسألن عن هذا النعيم”.

 

التوعية بخطورة الإسراف

أظهرت البيانات والمعلومات الواردة من المؤسسة العامة للحبوب أن الفقد والهدر في المملكة يبلغ سنويًا نحو 557 ألف طن من الأرز، فيما يهدر الفرد نحو 184 كيلوجرامًا من الغذاء سنويًا، كما بلغت نسبة الهدر الغذائي بالمملكة 18.9 % سنويًا بقيمة تصل إلى 40 مليار ريال.
وسلطت الحملة الضوء على أهم الأمراض الناجمة عــن الهــدر الغذائــي وكيفيــة التعامــل مــع ملف النفايات، وكذلك التوعية بخطورة عادة الإسراف في شراء المنتجات الغذائية وتخزينها لمدة طويلة، دون فائدة مما يفقدها قيمتها الغذائية، والدعوة للعمل بمحتوى الآية الكريمة “وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إن الله لا يحب المسرفين”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *