متابعات

مستشفيات خاصة .. الدفع قبل العلاج

جدة – رانيا الوجيه

يشهد القطاع الصحي في المملكة، نقلات نوعية متتالية، تتمثل في توفير الرعاية الشاملة، وفق أعلى المعايير العالمية، إذ أولت القيادة الرشيدة ــ حفظها الله ــ ، اهتماما غير مسبوق، من خلال تطوير المنشآت الصحية والكوادر البشرية لمواكبة المستجدات والتصدي للأمراض، وتوفير حلول الرقمنة للتيسير على المستفيدين، وإعداد بنية تحتية متينة قادرة على مواجهة التحديات، وقد ظهر ذلك جليا خلال جائحة كورونا حيث أثبتت الجهات الصحية في المملكة مواكبتها للحدث حتى أضحت المملكة نموذجا عالميا في التعامل مع الجائحة العالمية من حيث العلاج وتنفيذ الاحترازات الصحية وتوفير التطعيم كما انه يتم دعم القطاع الأهلي، من خلال القروض والتسهيلات بسخاء، حتى أصبحت الجهات الأهلية من مستشفيات ومستوصفات ومراكز صحية ومختبرات جزءاً أساسياً في النظام الطبي القائم، ولأن تسارع وتيرة رفع أسعار الخدمات يتم وفقاً لطموحات كل مستشفى فإنه يسعى للكسب المادي الكبير، غير أن ثمة سيناريوهات في بعض المستشفيات الخاصة تتمثل في عدم اسعاف الحالة الطارئة قبل استيفاء الرسوم ما يفاقم بعض الحالات أو قد تنتقل الحالة إلى الضفة الاخرى ، نماذج كثيرة لمثل هذه المشاهد حدثت في بعض المستشفيات.

فعلى سبيل المثال هل يعقل أن مستشفى خاصا يدخل اليها طفل حالة طوارئ بسبب حادث وهي اقرب موقع من وقوع الحادث ويوضع في العناية ويتأخروا في اسعافه واجراء عملية لإنقاذه بسبب عدم توفر المبلغ المطلوب وقتها لعمل العملية الى أن توفي الطفل. هذه الحادثة تم تداولها عبر “تويتر ” من أحد المغردين، مستغربين من آلية تعامل بعض المستشفيات الخاصة مع الحالات الطارئة..

وفي موقف آخر لسيدة كانت تشكو من آلام حادة وهي في حالة طارئة ولسوء حظها فقد نست محفظتها في المنزل وبين وصول المحفظة من البيت الى المجمع الطبي الخاص فإن المجمع لم يبادر بإسعافها رغم إنها كانت تعاني ، فيما كانت الممرضة تدخل عليها وتلقي نظرة فقط وكانت تتوسل لها لكي تعطيها مهدئا ولكن كان يأتيها الرد ” الحسابات أولا ” ، وبعد أن وصلت المحفظة وتم الدفع قاموا فورا بتعليق المغذيات واعطائها المسكنات وتغيرت المعاملة للأفضل ، وقس على ذلك من حالات.


القيام باللازم
الدكتور محمد ساجر استشاري جراحة عامة بمستشفى الملك عبدالله الطبي يعلق على مثل هذه الحالات بقوله: من المفترض على المستشفيات الخاصة أن تستقبل اي حالة حرجة وطارئة ، والقيام باللازم للحالة، فعمل الطبيب في النهاية هو عمل انساني أولا، وبعد أن تستقر الحالة اذا كان المريض وأهله يرغبون في الاستمرار للعلاج بالمستشفى ولديهم القدرة على تكاليف العلاج في المستشفى الخاص، أو أن يحول المستشفى الخاص المريض الى مستشفى حكومي ، وذلك هو النظام الذي يفترض أن يحدث وهو ما تتبعه وزارة الصحة في لائحتها، ولا ننكر إن هناك العديد من المستشفيات الخاصه تطبق ذلك النظام ولكن هناك فئة للأسف لا تطبق ذلك ، لاهتمامهم بالجانب المادي فقط ، وبشكل عام لا أتوقع أن أي طبيب تأتي اليه اي حالة حرجة بين الحياة والموت ويرفض اسعافها لمجرد الدفع أولا في حساب المستشفى أو حتى العيادة، خاصة وأن مهنة الطب هي مهنة إنسانية في المقام الأول.


إنقاذ الحياة
من جهته أيضا غرد الدكتور الكاتب حمود أبو طالب بقوله: للأطباء إذا لم تكن لديك الرغبة أو القدرة على التعامل مع المريض كروح ومشاعر وأحاسيس قبل أن تتعامل معه كجسد أو مجرد ملف طبي، فالأفضل أن تبحث عن مهنة أخرى..وأوضح دكتور أبو طالب لـ” البلاد ” بقوله: يمكن الحديث عن هذه الإشكالية من جانبين، فهناك المرضى القادرون مالياً الذين يذهبون الى طوارئ المستشفيات الخاصة باختيارهم وهم يعرفون مسبقاً أنهم سيدفعون مسبقاً، هذه الفئة لا مشكلة لديها أو لدى المرفق الطبي الذي يطالبهم بمبلغ الرعاية الطبية مهما كان المشكلة تتمثل في المرضى الذين يضطرون للذهاب الى طوارئ المستشفيات الخاصة لأن حالتهم لا تحتمل الانتظار أو لبعد المستشفى الحكومي عنهم، أي أنه ليس باختيارهم وانما لأن الوضع يتطلب إنقاذ الحياة. هؤلاء المرضى وبحسب تعليمات وزارة الصحة يجب علاجهم فوراً في أي مرفق طبي خاص دون الزامهم بدفع مبلغ مقدماً لأن الوزارة سوف تتكفل بذلك لاحقاً وفق نظام معين، ولكن للأسف كثير من المرافق الطبية الخاصة لا تلتزم بذلك وتتجاهل التعليمات والقيم الانسانية وقد يفقد المريض حياته أو يتعرض لمضاعفات خطيرة قبل تقديم الرعاية الطبية له بسبب عدم استطاعته تأمين مبلغ.

هذا الوضع اللا انساني يجب ضبطه بحزم وصرامة من وزارة الصحة بإلزام المرافق الصحية الخاصة الالتزام بتقديم الرعاية الطبية الطارئة لكل مواطن، وتطبيق العقوبات الصارمة بحق كل مرفق يخالف ذلك.

فاتورة بالتقسيط
تؤكد بقولها دكتورة أنوف نعمة الله استشاري أمراض معدية وطب باطني بقولها: وضع بعض المستشفيات الخاصة نتمنى أن يكون كما يحدث في كندا على سبيل المثال جميع المواطنين هناك لديهم تأمين صحي ولكن الاشخاص القادمين كزيارة او سياحه اذا لم يكن لديه تأمين صحي فيلزم بالدفع للتأمين وفي حال لم يكن لديه تأمين واضطر لدخول المستشفى في حالة طارئة لايمكن أن يدفع اي مبلغ ويتم علاجه بشكل كامل وتصدر الفاتورة بعد الانتهاء من العلاج، وفي حال لم يستطع المريض دفع الفاتورة كاملة يقوم بالتقسيط المبلغ بالطريقة التي تناسبه، ومن جانب اخر في الحالات الطارئة والحرجة من الممكن أن ينسى المريض مع التعب محفظته أو بطاقة البنك، ايضا هناك مبالغ كبيرة لايمكن ان تدفع على مرة واحدة، وتحتاج الى الدفع على مرحلتين، ولذلك من الافضل لحل مشكلة المستشفيات الخاصة والدفع قبل اجراء اي خدمه طبية، أن يتم علاجه فورا وبعد ذلك تصدر الفاتورة ويخير بحسب مقدرة الشخص اذا وضعه المادي يسمح بدفع المبلغ كامل أو مراعاة ظروفه وتقسيط مصاريف العلاج، وهذه تجربة رائعة شاهدتها اثناء دراستي وعملي في الطب في كندا.

 

العلاج الإسعافي

كما عقب سليمان الزّايدي المشرف على فرع الجمعيّة الوطنيّة لحقوق الانسان بمنطقة مكة المكرمة قائلاً: نصت الانظمة واللوائح الخاصة بتنظيم عمل المؤسسات الصحية الخاصة بأن تلتزم بتقديم العلاج الإسعافي لجميع الحالات الطارئة الخطرة الــواردة إليها دون مطالبة مالية قبل تقديم العلاج، ويجب أن تتوفر في أقسام الطوارئ الأدوية الإسعافية لتقديم العلاج الإسعافي لكافة الحالات الطارئة الخطرة والجلطات القلبية الناتجة عن إصابة، أو مرض يمكن أن يهدد حياة المريض، أو أحد أطرافه، أو أعضائه الداخلية، أو الخارجية، وتقديم الإجراءات الطبية العاجلة التي تطلبها حالة المريض وتؤدي إلى استقرار حالته بشكل يسمح بنقله، واجراء الفحوصات الضرورية في الحالات الإسعافية التي لاغنى عنها لتشخيص حالة المريض أو تقرير طريقة العلاجية، لافتا إلى أن أي مؤسسة طبية ترفض استقبال الحالات الطارئة، أو الخطرة تحاسب حال تعريضها حياة الانسان للخطر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *