النجاحات الكبيرة التي حققتها السعودية على المستوى العالمي في مواجهة جائحة كورونا من واقع حرصها على صحة وسلامة مواطنيها والمقيمين فيها، كانت محل تقدير الجميع في الداخل والخارج بما وصلت إليه من خلال تطبيق الإجراءات الاحترازية الوقائية الفاعلة مع بداية ظهور الفايروس وكانت محل إشادة بدءاً بعمليات الحجر وإجراءات التباعد ولبس الكمامات، والأهم من ذلك برنامج اللقاحات الوطني والاستجابة الشعبية العالية التي ساهمت في ارتفاع نسبة التحصين وتشكيل المناعة إلى حدٍّ كبير ضدّ هذا الوباء في المجتمع ..
وكذلك اشتراطات القدوم إلى المملكة والتي حدّت أيضا من انتشار كورونا في البلاد، وكانت المملكة من أوائل الدول السّباقة في العمل الوقائي الذي لازم تطورات الوضع الوبائي وخطت خطوات كبيرة تحسب لها، وفي مقدمتها تطبيق “توكّلنا” الإلكتروني الذي تم تطويره من الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي “سدايا” لمساندة الجهود الحكومية والتحقّق من الحالات الصحية عند دخول الأسواق والمنشآت وعند حضور المناسبات والحفلات وعند ركوب وسائل النقل العام والطائرات. وتلك الخطوات الهامة ساعدت بفضل الله وبشكل كبير في منع تفشي الفيروس في المملكة. ومع تثمين هذه الجهود المباركة والخطوات الموفقة والإجراءات الفاعلة فإن من الأهمية استمرار التعاون من الجميع مواطنين ومقيمين لأن الأوبئة لا يستهان بها ولا يؤمن ظهورها وتفشيها مجدداً وبأشكال أخرى كما رأينا في كوفيد 19 الذي كشف العلماء المختصّون تحوّره بعد فترات الأمر الذي يقتضي المتابعة اليقظة والمستمرة.
ومع رفع الإجراءات الاحترازية حالياً وإيقاف عمليات الحجر والتباعد في الحرمين الشريفين والجوامع والمساجد وعدم اشتراط لبس الكمامات في الأماكن المفتوحة فإن ذلك لا يعني الإهمال من المجتمع على الإطلاق، بل الواجب زيادة التعاون وإكمال اللقاحات لمن لم يكملها حرصاً على الصحة العامة حتى العودة الآمنة -بإذن الله-ويظل من المهم تنامي الوعي لدى الجميع تحسّباً لكل الاحتمالات. فمن يشعر بأدنى أعراض فإن الوضع يستدعي القيام بالعزل الشخصي حتى التأكد من الحالة وإخطار الجهات الصحية بذلك، وقد يكون من الواجب الشرعي عدم دخول الحرمين والمساجد للمصابين بأي مرض معدٍ آخر يسهل انتقاله بين المصلين، فأذى ذلك يتعدى أذى روائح بعض البقول التي كرّه الإسلام دخول آكليها إلى المساجد. رغم أن بعض العلماء يرون تأثيم تعمّد الدخول بين الناس لمن هو مصاب مرضٍ وبائي معدٍ لأنه يعرّضهم لخطر الإصابة وما بعدها وفي ذلك تعدٍّ محظور يجب عدم التهاون به حفاظاً على سلامة الأنفس. (فمن قتلها كأنما قتل الناس جميعاً).
alnasser1956@hotmail.com