لوكان طفلي عاقلاً لتجنب السقوط في غياهب الجُب، ولابتعد عن بؤر التوتر وبراكين الحروب، ولاستشعر مكامن الخطر ونأى بنفسه من صعق الكهرباء ولسعة الحروق، لو كان الطفل المغربي ريان كبيراً، لأبصر الطريق وفر من الجحيم ، لو كان الطفل السوري فواز قطيفان كبيراً لغير المسير إلى مدرسته ورّد عن نفسه كيد الخاطفين، ولو كان الطفل ايلان كبيراً لمخر عُباب البحار ووصل إلى بر الأمان ،حيث بلد اللجوء والهدف المنشود.
إنهم حقاً أطفالٌ أبرياء لا يدركون، فلماذا نقصر في حمايتهم من الأذى اللفظي والجسدي وما قد يودي بحياتهم ويحرمنا منهم إلى الأبد؟ إنهم أمانة وضعها الله في أيدينا وهم زينة الحياة الدنيا، ألا تسمعون عن معاناة بعض الناس في انجاب الأطفال، وكم بات مكلفاً عمليات طفل الأنابيب، والحقن المجهري ( icsi )، أليس الانتظار الطويل لقدوم المولود بات شبحاً يقود الأزواج إلى ديمومة الاضطرابات النفسية، ألم يكن صحيحاً أن وجودهم في حياتنا يجعلنا أكثر ارتياحاً وأكثر نضجاً ويشعرنا بالعزوة والسند إن أجدنا في تربيتهم. وبناء على ما سبق، كيف نرمي بهم إلى التهلكة وهم فلذات أكبادنا، كيف نلقيهم في الشارع ليصنفوا كلقطاء ومشردين، أمن عوز أم فضيحة؟ ألم يقل المولى عز وجل: (ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم)، لماذا نتغول في شتمهم ونتصارع في حضرتهم، لماذا نغفل عن تعليمهم ونهمل في صحتهم، لماذا نقترف إثم الدفع بهم نحو رفاق السوء ونجهل معهم فن الحوار وأصول الآداب، لماذا لم نعدهم جيداً ليصبحوا رجال الغد وبناة المستقبل؟
أرجوكم ، من أجل هذا الكائن الضعيف الذي لا حول له ولا قوة ، انصتوا لأطفالكم وتبادلوا معهم الأفكار ، حلوا الخلافات فيما بينكم حتى لا يصابوا بالتشتت الذهني والضياع ، ربوهم على التضحية والإيثار ، حتى لا ينعزلوا عن محيطهم وتقض الأنانية مضاجعهم ، اسمعوهم صوت العقل ونبض الفؤاد بعيداً عن صوت المدافع وأزيز الطائرات ، أروهم نقاء الطبيعة وجمال الحياة بعيداً عن مشاهد الدم وجثث الشهداء ، اسكنوهم في بيئة نظيفة تخلو من التلوث والحشرات ، اصلحوا الأعطال الكهربائية والتشققات الخرسانية في منازلكم قبل فوات الأوان ، أردموا الحفر العشوائية في الشوارع والطرقات ، اوقفوا المتهورين من السائقين ، وشددوا العقوبة على المتحرشين.
نريد أطفالنا أسوياء أصحاء، فمن أجل الله ، لا تكسروا أمان الطفولة ، وانقذوا الأطفال.
bahirahalabi@