الرياض- البلاد
تواكب الزيارة الحالية للرئيس الكوري “مون جيه إن” إلى الرياض الذكرى الستين لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وجمهورية كوريا، التي بدأت في 16 أكتوبر 1962م.
وتتسم العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وجمهورية كوريا بالتطور الإيجابي المتسارع، وذلك مواكبةً للتنسيق السياسي والاقتصادي المستمر بين قيادتي البلدين الصديقين تُجاه مختلف القضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك، فضلاً عن اتصافها بالثبات والاستقرار والنمو الجيد المستمر.
خلال مسيرة علاقاتهما المتميزة أبرمت المملكة وكوريا عددًا من الاتفاقيات الاقتصادية والاستثمارية المشتركة بين الشركات السعودية والكورية، إضافة إلى تبادل الخبرات في المجالات الثقافية، والرياضية، وتنظيم زيارات الوفود الشبابية بين البلدين.
وكان في اجتماع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود – حفظه الله -مع فخامة الرئيسة بارك كون هيه -على هامش أعمال قمة العشرين التي استضافتها مدينة بريسبن الأسترالية في العام 2014م، حين كان وليًا للعهد نائبًا لرئيس مجلس الوزراء وزيرًا للدفاع، ورئيسًا لوفد المملكة في القمة -، تعبير عن الرؤية الدبلوماسية العميقة نحو توطيد علاقات الصداقة مع دول مجموعة العشرين ذات الثقل الاقتصادي العالمي، ومنها كوريا التي تربطها علاقة متينة مع المملكة امتدت لعقود.
تعاون شامل
وأعطى المنتدى الاقتصادي والتجاري الأول بين المملكة وكوريا المنعقد عام 2014م، بعدًا جديدًا في العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين،إذْ أسهم في تعزيز التعاون في مجالات الصحة، والطب، وتنمية القوى البشرية، والطاقة النووية، والاستثمار في مختلف المجالات، خاصة الصناعي والتقني.
وأكدت فخامة الرئيسة “بارك كون هي” رئيسة جمهورية كوريا في كلمتها خلال منتدى الأعمال السعودي الكوري بالرياض في 04 مارس 2015 م ، أن علاقات بلادها مع المملكة العربية السعودية التي قامت منذ نحو 53 عاما ، أسهمت في تعزيز اقتصادي البلدين، مشيرة إلى أن الكثير من الكوريين لا ينسون ما قدمته السوق السعودية من فرص لنمو الشركات الكورية المتخصصة في البنى التحتية.
وأطلق البلدان (الرؤية السعودية الكورية 2030)، في شهر أكتوبر عام 2017م حيث تم تشكيل لجنة مشتركة من ممثلي الجهات والهيئات الحكومية ذات العلاقة من البلدين؛ لمراجعة التقدم في هذه الشراكة، واعتماد مشروعات الرؤية وخططها التنفيذية، وتذليل الصعوبات في تنفيذها، وبذلك تعد جمهورية كوريا واحدة من ثماني دول تتعاون مع المملكة لتحقيق رؤية 2030.
مشروعات الرؤية
وتوافق البلدان من خلال لجنة (الرؤية السعودية الكورية 2030) على 40 مشروعاً ومبادرة مبدئية لتأسيس الشراكة بينهما، وتتوزع هذه المشروعات على خمس مجموعات فرعية لحوكمة اللجنة؛ وذلك بغرض متابعتها ودعمها للوصول إلى أهدافها المرجوة، وهذه المجموعات هي: مجموعة الطاقة والتصنيع، ومجموعة البنية التحتية الذكية والتحول الرقمي، ومجموعة بناء القدرات، ومجموعة الرعاية الصحية وعلوم الحياة، وأخيراً مجموعة المنشآت الصغيرة والمتوسطة والاستثمار.
واستكمالاً لتعزيز التعاون بين البلدين الصديقين، جاءت زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود إلى جمهورية كوريا في عام 2019م، لزيادة مجالات التعاون الثنائي لتشمل مختلف المجالات بما في ذلك مجالات الرعاية الصحية والخدمات الطبية وتقنيات التواصل والمعلومات والثقافة والتعليم بما يتوافق مع رؤية المملكة (2030).
واتفق البلدان الصديقان على تنويع التعاون الثنائي في مجال الصناعات الجديدة التي تلبي احتياجات الثورة الصناعية الرابعة، إضافة إلى توفير فرص وظيفية للشباب في الدولتين، وفي مقدمتها مجالات الصناعة الحديثة المستقبلية كالسيارات الصديقة للبيئة، وصناعة الروبوتات، وتقنية المعلومات والتواصل، وتقنيات شبكة الجيل الخامس.
وتعد المملكة المصدر الرئيس لواردات البترول في جمهورية كوريا، حيث ارتفعت واردات كوريا من الخام السعودي بنسبة 2.1% على أساس سنوي (نوفمبر 2020م) إلى 24.41 مليون برميل، وحصلت شركة سامسونغ للهندسة ومجموعة هيونداي الكوريتان على عقد لتنفيذ بعض أعمال مشروع حقل الجافورة للغاز في المملكة، بقيمة تفوق 11 مليار دولار. كما دخلت شركة هيونداي للصناعات الثقيلة شريكاً في مشروع إنشاء مجمع الملك سلمان العالمي للصناعات والخدمات البحرية في رأس الخير، الذي يعد أكبر مشروع من نوعه في المملكة والمنطقة من حيث القدرة الإنتاجية. وتنفذ كوريا العديد من المشروعات العملاقة في المملكة، منها مترو الرياض، ومشروع محطة الشعيبية لتحلية المياه وتوليد الطاقة.
التبادل التجاري
وتعد المملكة من أوائل الشركاء التجاريين لجمهورية كوريا في منطقة الشرق الأوسط، فبناءً على البيانات الأولية الصادرة من الهيئة العامة للإحصاء حتى شهر أكتوبر من العام 2021م؛ فقد بلغ حجم التبادل التجاري بين المملكة وكوريا أكثر من 242 مليار ريال (64 مليار دولار أمريكي) خلال الثلاث سنوات الماضية ، وفي الربع الثالث من عام 2021م بلغ 27.7 مليار ريال، لينمو بنسبة 66 % مقارنة بالربع نفسه من العام السابق.
ويستكشف الجانبان الفرص المستقبلية للمشروعات المشتركة في قطاع البتروكيماويات، بما في ذلك تحويل البترول الخام إلى بتروكيماويات، وكذلك الابتكار وتطوير المواد والوقود، خاصةً في مجال المواد المتقدمة، ، وكذلك التعاون المشترك بينهما في قطاع الطاقة، خاصة فيما يتعلق بالاستخدامات السلمية المتعلقة بالطاقة النووية، وتبادل الخبرات في مجال التطبيقات والرقابة النووية، وتطوير الكفاءات البشرية، وذلك بما ينسجم مع (الرؤية السعودية الكورية 2030).