متابعات

الجنبية النجرانية موروث أصيل مستلهم من التاريخ

نجران ـ البلاد

يحافظ أهالي منطقة نجران على اقتناء ولبس الخنجر “الجنبية” لاعتزازهم بهويتهم وملابسهم التقليدية،التي تمثل قيمة تاريخية لديهم، ولهذا أصبحت ضمن تراث وتاريخ المنطقة، الذي يكشف طبيعة المجتمع وعاداته وتقاليده وحياته البسيطة التي كانوا يعيشونها قديماً، ولتبقى شاهداً على تاريخ وتفاصيل مجتمعهم على مر العصور.

ولا يزال أهالي نجران متشبثين بتاريخهم وأمجادهم من خلال الزي الشعبي المحلي الذي تُعد «الجنبية» إحدى سماته ، لما يحمله من فخر واعتزاز وقيمة للمكان، وإرث مستلهم من طبيعة التاريخ ، ورمز ملهم ومهم من الرموز الوطنية التي يعتز بها الفرد ويتوارثها عبر امتداد تاريخ المنطقة، إيماناً منه أن المستقبل هو الماضي ومن ليس لديه ماضٍ لا يمكن بناء حاضره ومستقبله.
وأكد المواطن مانع بن صالح آل حيدر أن الخنجر «الجنبية النجرانية»، تعكس مراحل مهمة من تاريخ المنطقة، كون الجنبية يرجع تصميمها ومظهرها إلى مئات السنين، لذا يحرص الأهالي على ارتدائها والتزين بها في المناسبات الاجتماعية والأعياد ، وكذلك حينما يقدمون الفولكلور والألعاب الشعبية المحلية ، بوصفها رمزاً للانتماء والرجولة والشهامة والتقاليد الأصيلة، ولا يكتمل الزي النجراني التقليدي إلا بالخنجر المشدود إلى وسط الرجل بحزام من نوع خاص مزخرف، يمتاز بالنقوش والتصاميم الرائعة والألوان المبهجة. وفي جولة في جنبات سوق الجنابي بحي « أبا السعود «، أوضح المواطن صالح بن محمد آل عقيل، صاحب ركن لبيع الخناجر بالسوق أن هناك تنوعاً في الخناجر من منطقة إلى أخرى، وترتبط في كثير من الأحوال باختلاف الرأس والزخارف والحزام لمن يرتديها، وتتفاوت أشكالها وأصنافها، فالأنواع المحلية تشمل « أم تسعة « أو « أم فصوص « و»المشطف»، وهناك نوع آخر من الجنابي يسمى «بالمكعب»، وكذلك الجنبية « الدرما «،وتتميز بزخارف ونقوش فنية رائعة تظهر طابع الخنجر النجراني.

جمال ومهارة
فيما يميز جودة الجنبية أو الخنجر «المقبض»، فالمصنوع من «الزراف « الذي يميل إلى اللون الأصفر والأحمر الخفيف يكون هو الأغلى ثمناً والأفضل، وهناك نوع آخر لونه أبيض ويميل إلى الأصفر والنوع الثالث هو «القرن»، وتكسو أشكال المقابض الذهب أو الفضة مما يكسبها جمالًا ومهارة في الصنع، ثم يأتي الطوق ويليه الصدر وهو عبارة عن صفائح وأسلاك دقيقة وحلقات من الفضة أو الذهب، ثم القطاعة وتمثل الجسد أو الغمد، وغالبًا تتكون من صفائح فضية أو ذهبية مزخرفة بنقوش بديعة، وهو عبارة عن قطعة من الفضة المزركشة بنقوش ورسومات دقيقة جدًا في حين يُغطَّى الجزء الخلفي من الخنجر بالمخمل أو الصوف، أما (السلة) فلها أشكال متعددة وأبرزها المسمار الهندي والحضرمي.

صناعة تقليدية
لا تزال صناعة الخنجر من أبرز الصناعات التقليدية القائمة في منطقة نجران، حيث تصنع من الحديد بمقبض يصنع من قرون بعض الحيوانات ويحلى بقطع فضية أو ذهبية، في حين يصنع الغمد من الخشب المغطى بالجلد أو بصفائح من الفضة ويثبت الغمد في حزام من الجلد.

تراث اصيل
واكد عدد من المواطنين أن الخناجر في نجران تعد رمزا تاريخيا وتراثا أصيلا لأهالي منطقة نجران، يحرصون على اقتنائها كباراً وصغاراً، لما يمثله الخنجر النجراني من هوية حضارية لأهالي المنطقة، مبيناً أن تواجده في السوق من أجل تجديد محزم جنبيته الغالية لديه كونها من التقاليد التي تحضر أيام الأفراح والأعياد .

سوق الجنابي
يعد سوق الجنابي بحي أبا السعود بنجران أشهر الأسواق المحلية التي تلبي احتياجات المتسوقين الراغبين في اقتناء الجنبية أو تقديمها هدية للأصدقاء والأقارب، حيث يضم العديد من المحلات التي تعرض أنواعا متعددة من الجنابي حسب النوع والصناعة والجودة، وتتفاوت أسعارها لتصل قيمة بعضها لأكثر من 100 ألف ريال، وأقلها سعراً يصل لـ»200»ريال، بحسب صناعتها وجودتها وقدمها.
أكد أحد البائعين أن السوق يشهد مبيعات جيدة خلال مواسم الأعياد والمناسبات لحرص أغلب الرجال بالمنطقة على اقتناء الجنبية للكبار والصغار، كما يحرصون على صيانة الجنابي وتجديدها للحفاظ على جمالها ورونقها عبر زيارتهم السوق وقضاء ما يحتاجونه لها من فضة وملبوسات جلدية.
وبين مواطن أنه جاء لسوق الجنابي لشراء جنبيتين لأبنائه الذين تبلغ أعمارهم 5 سنوات و4 سنوات ،لارتدائها في المناسبات وحضورهم مناسبات الزواج بالعائلة، حيث كلفته الواحدة مبلغ 100 ريال،مؤكداً على حرص أغلب الأهالي بالمنطقة على اقتناء الجنبية لما تمثله من موروث ثقافي وتاريخي بنجران منذ القدم ولا زال إلى اليوم مدعاة للفخر والاعتزاز عبر توارث الأجيال للجنبية النجرانية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *