على مر العصور ومختلف الأماكن تتنوع أساليب الاحتيال المالي وتتعدد طرقها، فمن حادثة الزئبق الأحمر في آلات الخياطة ومروراً باتصالات ربح مبلغ وقدره مائة ألف ريال فقط أرسل لنا رقم حسابك البنكي للحصول عليها، وانتهاءً بالتسويق الشبكي والمستشار المالي المزعوم الذي يتابع مع العميل ارتفاعات الأسهم وأوقات البيع والشراء وأفضل الشركات وأسوئها، ورغم بدائية هذه الأساليب ووضوح الاحتيال في مضامينها إلا أن كثيراً من الناس ينخدعون بها ويذهب ما كانوا يكنزونه أدراج الرياح،
وبالرغم من تطور الأساليب وتقدمها إلا أن أكثرها رواجاً وتأثيراً أخذ المال من أجل توريد البضائع من الخارج بسعر منافس بغرض بيعها والحصول على مكاسب من ذلك، وفي الحقيقة أني وقفت على عدة قضايا من هذا النوع كان آخرها لرجل من جنسية عربية تحصل على أموال تقدر بالمليون ونصف من امرأة كبيرة في السن وأولادها بهدف إحضار بضائع من دولة أجنبية وبيعها هنا، وقد تكبدت المرأة العناء لتوفير المال لهذا الرجل وذلك ببيع أراضٍ كانت لها ولأولادها رغبة في جني أضعاف هذا المال جراء ذلك، وفي النهاية لم يُحْضر البضائع ولم تتحصل على أموالها،
بل عانت الأمرّين لإثبات حقها في الأموال، وكل ذلك نتيجة الاحتيال المالي من جهة الجاني وعدم الوعي من جهة المستهلك، فعلى الرغم من التوعية الدائمة من الجهات ذات الاختصاص بأهمية الحذر من هذه الدعوات التجارية التي تغري العميل بالثراء العاجل والأرباح الطائلة، إلا أن هناك من لا يزال يقع ضحية لهذه الأساليب البدائية، فلو أمعنا النظر في قضايا الاحتيال المالي في المحاكم الجزائية سنجد أغلبها تدور في هذا النطاق، صحيحٌ أن رغبة الإنسان في تنمية ماله كبيرة جداً، ولكنها ليست لدرجة الانخداع بدعوات من لا يعرفونهم ولم يلتقوا بهم إطلاقاً، كما أن سوق المحتالين لم يكن ليجد رواجاً لولا تصديق الكثير من الناس لهم وانسياقهم خلفهم، ولذا فمن الواجب تكثيف التوعية بمخاطر هذا الاستغلال وبيان صوره وطرقه للناس للحذر منه، فقد بيّنت النيابة العامة عقوبة جريمة الاحتيال المالي بأنها تصل إلى السجن مدة سبع سنوات وبغرامة مالية تصل إلى خمسة ملايين ريال، وتعد من الجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف، كما أن إظهار القضايا الجنائية التي تتضمن فحواها الاستغلال المالي له دور كبير في تحذير الناس وحرصهم على أموالهم وعلى معرفة الطرق السليمة والنظامية لاستثمارها وتنميتها.
dralsaadlaw@gmail.com