إن الطوفان المعرفي وثورة المعلومات والوسائط التي يعيشها العصر الراهن تقتضي نهجاً جديداً لاستنباط أفكار إدارية إبداعية ترتكز على مشاركة المعرفة كأساس بنائي وتطويري للمؤسسات والمنشآت.
وهنالك عدة تفسيرات للإدارة الإبداعية إلا أنني أشير إلى أنها عملية فكرية تجمع بين المعرفة والعمل الخلاق وتمس هذه العملية العديد من مجالات الحياة وتتعامل مع الواقع وتسعى نحو الأفضل وهو ناتج تفاعل متغيرات ذاتية أو موضوعية أو شخصية أو بيئية يقودها أفراد متميزون، وهي منظومة شاملة تشترك فيها المنشأة الإدارية والإدارات العليا والإدارات المتوسطة وكوادر التنظيم الإداري وبيئة العمل.
إن هنالك مجالات عديدة للإدارة الإبداعية خاصة في بناء الاستراتيجيات وابتكار الأساليب وتعظيم القدرات وتلبية احتياجات البيئة من خدمات، وهنالك جوانب كثيرة يمكن تحويلها إلى فرص إبداعية، فعلى سبيل المثال لا الحصر فإن أهم دوافع المؤسسات للإدارة الإبداعية المعرفية يكمن في أنها تعد عنصراً أساسياً في جميع أنشطة أي منظمة لرفع كفاءتها وإنتاجيتها وتطوير مخرجاتها، بجانب أن المؤسسات والمنشآت تمر بظروف متغيرة وصعبة تفرض عليها اللجوء إلى الإدارة الإبداعية لمجابهة تلك الظروف، فضلاً عن تزايد المشكلات الإدارية والتنظيمية داخل تلك المؤسسات والذي يفرض عليها البحث عن التغيير الذي يتطلب فكراً إدارياً إبداعياً معرفياً جديداً، كما أن تزايد المنافسة الشرسة وتداعيات العولمة يتطلب من تلك المؤسسات الأخذ بنهج الإدارة الإبداعية علاوة على ظهور المشكلات المرتبطة بالفساد التي تتطلب قيادات إبداعية تواجه هذه المشاكل بأساليب بعيدة عن الأساليب النمطية التقليدية.
وأهم سمات المؤسسات والمنشآت الناجحة هي قدرتها على ترك الأساليب الإدارية المألوفة العقيمة التي أثبتت عدم فاعليتها، واستصحاب الأساليب الإدارية الإبداعية، فالتجديد هو جوهر الإدارة لأي منشأة أو مؤسسة حيث يجمع علماء الإدارة على أن المؤسسة المعاصرة تعيش ظروفاً متغيرة وصعبة مما يحتم عليها الأخذ بمفاهيم الإدارة الإبداعية الكفيلة بتطوير قدرات العاملين على توليد الأفكار واللحاق بالتطورات وحل المشكلات والمشاركة في اتخاذ القرارات الصائبة.
وهنالك مشكلات وتحديات جمة تطبق على مفاصل المنشآت العامة والخاصة تتمثل في الأساليب والممارسات الإدارية العقيمة ذات الروتين الممل والبيروقراطية الجامدة التي تحكم قبضتها على العقول وتقيّد تصرفات بعض العاملين والموظفين في تلك المنشآت، بل وتحيلهم بمرور الوقت إلى آلات منوط بها القيام بإجراءات وأعمال روتينية دونما إعمال أو استصحاب لعنصر الإبداع والتجديد والإضافة وبعيداً عن مفاهيم الإدارة الإبداعية، لذا فإن المردود والنجاح لتلك المنشآت غالباً ما يكون ضئيلاً. وفي المملكة التي تسير على هدى رؤية 2030، فلابد من تنحية كافة المفاهيم الإدارية التقليدية العقيمة واستصحاب الفكر الإداري الإبداعي القائم على مشاركة المعرفة وصولاً إلى تحقيق كافة الأهداف المرجوة.
J_alnahari@
باحثة وكاتبة سعودية