الحديث عن الماضي ذو شجون وجميل بذكريات الحياة التقليدية البسيطة السهلة والتي تسودها العادات والتقاليد والاعراف والتي تختلف من منطقة الى أخرى حسب طبيعتها المختلفة لتصبح موروثًا قائما وجميلا يعمل به ويكتب ويحفظ لأجيال وأجيال عبر فترات الزمان رغم ان بعضه اندثر واختفى مع التقدم الحضاري ولا نشاهده الا في المتاحف وبعضها ما زال يقاوم الاندثار ومتداولًا ومعمولًا به ويمارسها البعض ويفضلها على غيرها ومن هذه مثلا ما يسمى بالسمك المملح أو الحوت الناشف (الكشاط) الذي ما زال له محبوه وتجاره وصناعه والباحثين عنه وخاصة في أوقات الشتاء،
وطريقة عمل الحوت الناشف ان يقوم الصياد باختيار السمكة ومن ثم يقوم بتشريحها ثم وضع الملح بكثرة عليها وبعد ذلك تعرض للشمس وحرارتها ويتم نشرها لمدة من الزمن ثم يتم تنظيفها بماء البحر ويجففها مرة أخرى لأيام حتى تصبح جاهزة للنقل وللبيع والاكل، والاسماك التي تجفف وتملح غالبا هي اسماك الشعور.
وابو قرن الرهو والحريد والقرش اللخم العويص، وغيرها الكثير من الأسماك التي تكون صالحة للتجفيف بالملح والبعض يجفف ويملح الأسماك التي لا تباع فحتى لا يخسرها يقوم بتمليحها وتجفيفها، وهذه الطريقة قديمة جدا وكانت تستخدم قبل اختراع الثلاجات وأدوات الحفظ والتخزين والمواد الحافظة وذلك حتى يستطيع حفظ السمك المجفف المملح لأشهر وينتقل بها وينقلها الى أماكن بعيدة عن البحر. ومن الاكلات التي تفضل مع الحوت الناشف الرز مع العدس والسمن البري وتكثر هذه الأكلات في أجواء الشتاء الباردة عندما يمتنع الصيادون عن ركوب البحر لبرودته ويقل السمك وبذلك يظهر للعيان السمك الناشف المخزن (الكشاط) ليكون بديلا في أيام الشتاء عن السمك الطازج.
وطريقة التجفيف طريقة قديمة كانت تستخدم ايضا في اللبن عندما يجفف ليكون (أقط) ولذلك قيل وانتشر المثل المشهور (في الصيف ضيعت اللبن)، وكذلك يجفف العنب ليكون زبيبا وهكذا هي أيام زمان أيام الطيبين تغلبوا على احتياجاتهم باختراعات بسيطة وسهلة ومن بيئتهم.
وأخيرًا قال القائل:
يا حوت ناشف مع المعدوس
لا صار فوقة سمن بري
وبلاش حاشي ولحم تيوس
خلك مع المنتج البحري
lewefe@hotmail.com