سأتحدث إليكم اليوم عن نموذج جديد من الشراكات، وأقصد شراكة المدراء والموظفين مع الآلة. وبمعنى آخر شراكة الإنسان مع الآلة في جميع مناحي الحياة، حيث ستقوم الآلة بأداء وتنفيذ الكثير من الأعمال نيابة عن الإنسان، وبذلك سيفقد الإنسان عمله ووظيفته ومهاراته، وستعمل الآلة مكانه.
وهناك رأيان لهذه القضية عند علماء الإدارة، فمنهم من يرى أن الآلة ستكون خير معين للبشر، وآخرون يرونها ستصبح كارثة على مقدرات البشر.
عندما نتحدث عن الآلة هنا نقصد الروبوتات ذات الأذرع الثقيلة أو الخفيفة أو تلك التي تأخذ شكل الإنسان وهي ذاتية الحركة والتنقل، وإذا ما أضيف إليها الذكاء الاصطناعي فإنها ستقوم مقام البشر في أداء الأعمال واتخاذ القرارات، وبالذات تلك المهام التي لا يستطيع الإنسان القيام بها أو اقتحامها، مثل الأحمال الثقيلة والخطرة أو التي يصعب على الإنسان أداءها، مثل المهام المتعلقة بالإنقاذ والحرائق وأثناء الكوارث الطبيعية، وأخرى شديدة الأهمية، وهي التي ترسل إلى الفضاء للاختبار ودراسة الطبيعة الطبوغرافية للكواكب الخ.
أما الرأي الثالث عند علماء الإدارة، هو إعداد وإنتاج الإنسان القادر على منافسة الآلة أو على الأقل التعامل معها وتطويرها وتسخيرها لخدمته دون أن تقفز عليه وتستولي على وظيفته.
وما يهمنى هنا هو مناقشة الجانب الثالث من القضية، ألا وهو إعداد وإنتاج الإنسان القادر على التعامل مع متطلبات العصر والآلة، ويتم ذلك عن طريق أساليب التعليم، وتغيير المناهج الدراسية، وطرق إستيعابها، وإنتاج الوسائل التي تعزز المهارات لدى الفرد، وتقصير المسافة الزمنية للتعلم وذلك عن طريق تغذية المخ مباشرة بالمعلومات والمهارات المطلوبة عبر شرائح الكترونية تزرع في الدماغ. ولكن هل هذا الخوف والهوس من الآلة أمر في محله؟
هناك من العلماء من يرى أن الآلة ولزمن طويل سوف لن تشكل أي تهديد على الإنسان، حيث أنها ستقوم فقط بمهام محددة وليست وظيفة متكاملة أو كاملة. فمثلا في ورش صيانة السيارات، الآلة هنا يمكنها أن تؤدي مهمة تنظيف الموتور والفحص الآلي لبعض الاجهزة ولكنها لا تستطيع أن تؤدي دور المهندس في فك الموتور كاملا واصلاح العطب واعادته ثانيا الي مكانه وتثبيته الخ.والمقصود أن تقوم الآلة بوظيفة مهندس الورشة كاملا.
وأخيراً، كيف يمكننا أن نعد إنسان هذا العصر، كي يكون شريكاً أو متزاوجاً في قدراته ومهاراته مع الآلة؟
وللإجابة عن هذا السؤال، لا بد من إيجاد التكامل بين التعليم والتدريب والتكنولوجيا، فالمهارات المطلوبة هي الإبداع وحل المشكلات، والتواصل الفعال عن طريق التكنولوجيا، ومهارات الذكاء الاصطناعي، أما التعليم فيجب أن يركز على مناهج STEM وهي العلوم، والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات. لذلك نريد تعليماً يجعل الطفل يفكر بحرية ويسأل وينتقد ويبحث عن الدهشة والإبداع.وبهذا يكون لدينا إنسان قادر على التعامل مع الآلة بل ويعتبر شريكا لها.