الباحة ـ البلاد
تمتاز قرية ذي عين الأثرية بالمخواة في منطقة الباحة بتراث أصيل، وتاريخ عريق وجمال أخاذ يأسر الألباب، يعود تاريخها الزمني إلى نهاية القرن العاشر الهجري – القرن الثامن الميلادي – مما يجعل عمرها أكثر من 400 عام، بحسب موقع منظمة اليونسكو.
وتعد قرية ذي عين إحدى أهم القرى التراثية على مستوى المملكة، حيث شيدت قصورها البالغ عددها 58 قصراً والمبنية بالحجر، على جبل من المرو الأبيض، وتضم القرية مسجداً تؤدى فيه الصلوات المفروضة وصلاة الجمعة. وحبا الله قرية ذي عين بسقيا رحمة تلك المياه الجارية طوال العام ، فتفتقت مزارعها “شذاً” و”موزاً” و”عطراً”، و”تأهلت إنساناً”، و”تطورت مكاناً” سكب اسمها بعين ماء ذي عين فألبسها ثوب النظارة وحلاها بحسن العبارة، وجعل لها درباً “إلى التاريخ والحضارة”.
وما يشاهده الزائر في ذي عين هو الجمال الذي يصعب صنعه قصداً، فتميزت بموقعها الجغرافي الذي يعد من أفضل القرى التراثية بالمنطقة؛ وذلك لاعتبارات أساسية أهمها: الناحية الأمنية والناحية الاقتصادية، فمن الناحية الأمنية ساعد موقع القرية الطبيعي على تأمين ثلاث جهات “الشمالية والشرقية والجنوبية” بمرتفعات عالية ووعرة، وأحكمت هذه الجهات من أي اعتداء، ومن الناحية الاقتصادية فقد وفرت المياه العذبة والمتدفقة للعين الجارية تنوع محاصيل الزراعة.
وبرع إنسان ذي عين في عدة مجالات، منها البسطات الزراعية، وقنوات الري فشمخت سنابل القمح، وأثمرت النخل الباسق، وأنتجت عناقيد الموز، وفاح أريج الكادي، وهبت نسائم الريحان في الوادي، كما تميز في مجال العمارة التقليدية، يظهر ذلك جليا في قصة ذلك الشيخ الكبير الذي انحنى كتفاه وهو يحمل الصخور والثقال، الصخرة تلو الصخرة، ليعلي البنيان، ويشيد المكان، فبنى منزلاً لأسرته، ومجمعًا لقبيلته.
السقيا بالأطواف
وعن سقيا المزارع ابتكر إنسان ذي عين الأول قانوناً لسقيا مزارعه يسمى (الأطواف) ففي بادئ الأمر كان يصنع حبلاً من ألياف الشجر ويغمسه بالدهن فيعقد عقدة في طرفه ثم يعقد أخرى للوقت الزمني الذي تستغرقه المزرعة، ثم بدأ بالاقتداء بالنجوم فيبدأ بالثريا ثم التايع فالأذرع اليماني فالشمالي ثم الجوزاء ، ثم النثرة ، ثم الطرف ، وأخيرا المرزم ، وفي وقتنا الحاضر تسقى المزارع بـ 12 طوفاً كل 24 ساعة.
ويتحدث في هذا السياق أحد أبناء القرية الذي أعاد الحياة لمزارعها المندثرة (حوزة السدان المسقوي) التي تمثل مساحة أكثر من 62000 ألف متر، ويحرص على زراعة الأصول الوراثية للموز البلدي والكادي، ويعمل أيضا في إعداد الوجبات الشعبية لتقديمها للزوار داخل مزرعته الريفية. وتستقبل قرية ذي عين التراثية أعدادا كبيرة من السياح والزوار هذه الأيام، حيث يفضّل السياح والزوار قضاء أوقات ممتعة بصحبة عائلاتهم نظراً لما تتمتع به منطقة الباحة من أجواء معتدلة ومناظر طبيعية ومواقع أثرية ساحرة، وبما تحتضنه من إرث حضاري وثقافي مهم. وعلى رأس تلك المواقع الأثرية قرية ذي عين التراثية التي يحرص على زيارتها أيضا العديد من الوفود الخليجية والأجنبية.
عين مائية
واستمدت قرية ذي عين تسميتها من عين مائية تنساب من الجبال المجاورة، وتصب في عدة أماكن بالقرية، مما ساعد الأهالي على زراعة الموز والكادي والليمون والنباتات العطرية، عبر نظام للري ابتكره الأهالي لتوزيع المياه والسقاية. وقد نُسجت حول تلك العين ومياهها المتدفقة العديد من الحكايات والأساطير الشعبية، نظرا لتدفقها المتواصل عبر مئات السنين.
معمار فريد
وتتميز قرية ذي عين بطرازها المعماري الفريد وجمالها العمراني المدهش، حيث يبلغ عدد مباني القرية المبنية من أحجار الجرانيت الصلبة والمقطعة من الجبال المحيطة ٨٥ منزلا يرتفع بعضها إلى خمسة أدوار، وقد زينت بأحجار المرو الأبيض، كما يوجد بها حصنان تاريخيان مرتفعان عن المباني بهدف كشف كامل المنطقة المحيطة بالقرية من جميع الجهات.
وتعد زيارة قرية ذي عين إحدى أهم التجارب السياحية التي يمكن أن يستمتع بها السائح في منطقة الباحة، بالإضافة إلى العديد من التجارب الأخرى بالمنطقة.
مناخ معتدل
تتمتع قرية ذي عين التراثية بكونها ذات مناخ حار صيفاً معتدل شتاءً كونها في منطقة منخفضة ضمن الجزء الذي يسمى بمنطقة تهامة العليا من منطقة الباحة. وترتفع قرية ذي عين التراثية عن مستوى سطح البحر بحوالي 1985 متراً الوراثية للموز البلدي والكادي، ويعمل أيضا في إعداد الوجبات الشعبية لتقديمها. حيث يؤدي ذلك إلى تكثف الغيوم وهطول الأمطار الرعدية فيما يكون هطول الأمطار متوسط على القرية في فصل الشتاء كما تشتهر بزراعة الموز البلدي والكادي والنخل الباسق، وبعض الموارد الطبيعية الأخرى مثل المانجو والجوافة. فضلا عن جودة الصناعات اليدوية، والأكلات الشعبية، وتضم مسجداً ومصطبة بجانب الشلال، كما تمتاز القرية بعين ماء عذبة جارية على مدار العام تسقي الوجهات الزراعية.