جدة – البلاد
تكتل اقتصادي مزدهر متنوع المصادر، واستكمال الوحدة الاقتصادية ومنظومتي الدفاع والأمن، وتنسيق مواقف دول مجلس التعاون الخليجي بما يحافظ على مصالحها. بهذه الركائز أكدت القمة الخليجية التي احتضنتها المملكة، منطلقات العمل المشترك لهذه المرحلة المهمة في مسيرة المجلس ، والذي يبدأ عقده الخامس بطموحات كبيرة وتطلعات لمزيد من التقدم والرخاء للدول الأعضاء وشعوبها الشقيقة، وترسيخ تلاحمها وتحصين أمنها واستقرارها في ظل التحديات الجيوسياسية والأمنية التي تشهدها هذه المنطقة الاستراتيجية والأمة، وبما يعزز الدور الفاعل والمؤثر للمجلس إقليميا ودوليا.
أكدت أعمال ونتائج الدورة الثانية والأربعين للمجلس الأعلى ، على الأهداف العريضة لهذه المرحلة الدقيقة ، بأهمية التنفيذ الدقيق والكامل والمستمر لرؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – والتي تشكل ركائز ومداميك قوية لصون وحدة المسار والمصير المشترك لدول مجلس التعاون الخليجي ، بترسيخ التضامن ووحدة الصف في التصدي لمختلف التحديات، وتفعيل الجهود الخلاقة في التنمية وتعزيز المصالح المشتركة عبر مؤسسات المجلس التي أنجزت على مدى تاريخه الكثير من المكتسبات.
هذه الروح الفاعلة والوثابة صوب تعظيم المصالح المشتركة لدول المجلس والأمن الجماعي ، أكد عليها سمو الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع ، خلال جولته الموسعة لعواصم الدول الشقيقة أعضاء المجلس ، ومباحثاته مع القادة ، وما صدر من بيانات ختامية عنها ، ثم في كلمة سموه ، وفقه الله، خلال ترؤسه أعمال القمة نيابة عن خادم الحرمين الشريفين. ويتمحور ذلك في عدة ركائز شديدة الترابط كخارطة طريق نحو الأهداف الطموحة للمجلس ، وأهمها:
• استكمال بناء تكتل اقتصادي مزدهر، وما يتطلبه ذلك من إيجاد بيئة جذابة ومحفزة تعتمد على تنويع مصادر الدخل وإطلاق إمكانيات قطاعاتنا الاقتصادية الواعدة ومواكبة التطورات التقنية في جميع المجالات.
• إيجاد التوازن لتحقيق أمن واستقرار أسواق الطاقة العالمية والتعامل مع ظاهرة التغير المناخي من خلال تزويد العالم بالطاقة النظيفة
• التحديات العديدة التي تواجه المنطقة ، تتطلب المزيد من تنسيق الجهود بما يعزز ترابط وأمن واستقرار دولنا.
• استمرار المملكة في بذل جميع الجهود لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.
• التقدير للحرص البالغ على وحدة الصف والالتزام والتضامن الذي حقق نجاح مخرجات بيان العلا.
• تأكيد المملكة لموقفها الداعم للحلول السياسية والحوار لحل النزاعات، ومنها حل الأزمة اليمنية وفق المرجعيات الثلاث ومبادرة المملكة بشأن ذلك ، ودعم جهود المبعوث الأممي.
• أهمية التعامل بشكل جدي وفعال مع البرنامج النووي والصاروخي الإيراني بما يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، وتطبيق مبادئ حسن الجوار واحترام القرارات الأممية وتجنيب المنطقة جميع الأنشطة المزعزعة للاستقرار.
• تكثيف الجهود الإقليمية والدولية لتقديم المساعدات الإنسانية للشعب الأفغاني، وألا تكون أفغانستان ملاذا للتنظيمات الإرهابية.
رؤى مشتركة
وبختام أعمال هذه الدورة التاريخية الثانية والأربعين للمجلس الأعلى في الرياض ، عزز قادة دول مجلس التعاون الخليجي خطوات إنجاز أهداف الرؤى الاقتصادية المشتركة لتحقيق التنوع وتعظيم الاستفادة من الإمكانات والفرص المتميزة لمضاعفة الاستثمارات المشتركة ، بتطوير التعاون الإستراتيجي والتكامل الاقتصادي والتنموي بين دول المجلس وتحقيق تطلعات مواطنيها ، وتعزيز التعاون لاستمرار مكافحة جائحة كورونا ، والدعم الجماعي لمكافحة الأوبئة والأمراض واللوائح المماثلة مستقبلا حال حدوثها ، لاسمح الله.
أيضا تعزيز العمل المشترك نحو التحول الرقمي والتقنيات الحديثة، وتعزيز التعاون وبناء التحالفات في مجال الأمن السيبراني وأمن المعلومات بما ينسجم مع تطلعات دول المجلس، ودعم دور الشباب والقطاع الخاص والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في نمو التنوع الاقتصادي والتحول الرقمي، وتشجيع الشراكات والمشاريع والمبادرات في هذا المجال ، واستمرار دعم وتعزيز دور المرأة الخليجية في برامج التنمية الاقتصادية ومشاركتها في العمل الخليجي المشترك، وتشجيع دور الشباب في قطاعات المال والأعمال وتنمية العمل الإغاثي والإنساني والتطوعي.
البيئة المستدامة
أيضا تعزيز التعاون المشترك وتنسيق الخطط التي تهدف إلى تحقيق الاستدامة والتعامل مع التغير المناخي وآثاره، وتعزيز العمل المشترك بين دول المجلس لتطبيق نهج الاقتصاد الدائري للكربون الذي أطلقته المملكة العربية السعودية خلال رئاستها مجموعة العشرين، والتأكيد على اللجان المختصة بأن تقوم بوضع الآليات اللازمة لتحقيق أفضل النتائج بما يتعلق بحماية البيئة والاستفادة من مبادرة السعودية الخضراء ومبادرة الشرق الأوسط الأخضر اللتين أطلقهما سمو الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ، وزيادة الاعتماد على التقنيات النظيفة لجميع مصادر الطاقة ، بما يحقق أفضل سبل العيش الكريم لشعوبها، وبما يتوافق مع ظروف وأولويات الدول الأعضاء وخططها التنموية، ويتماشى مع الأهداف العالمية للتنمية المستدامة.
رسائل قوية
وعلى الصعيد السياسي والأمني الاستراتيجي ، جاءت رسائل القمة قوية في تعزيز المنظومة الدفاعية والأمنية المشتركة، وتضافر الجهود وصولا لبلورة سياسة خارجية موحدة وفاعلة تخدم تطلعات وطموحات شعوب دول الخليج وتحفظ مصالحها ومكتسباتها، وتجنب الدول الأعضاء الصراعات الإقليمية والدولية أو التدخل في شؤونها الداخلية، وتنسيق المواقف بما يعزز التضامن واستقرار دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ويحافظ على مصالحها، وتأكيد ما تضمنته المادة الثانية من اتفاقية الدفاع المشترك ، بأن الدول الأعضاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربية تعتبر أن ” أي اعتداء على أي منها هو اعتداء عليها كلها، وأي خطر يتهدد إحداها ، إنما يتهددها جميعها” وما نصت عليه الاتفاقية بشأن التزام الدول الأعضاء بالعمل الجماعي لمواجهة جميع التهديدات والتحديات. وهكذا تضيف القمة الخليجية في الرياض ، رصيدا قويا لوحدة الصف والأهداف المشتركة وترسيخ ركائز ومنطلقات المرحلة ، في أجواء من التآلف والرغبة الصادقة من أجل خدمة دول مجلس التعاون وشعوبها ومسيرتها الوارفة بالأمن والنماء والازدهار.