ابتهجت شعوب دول مجلس التعاون الخليجي بل والشعوب العربية بالجولة الخليجية التي قام بها مؤخرًا سمو سيدي ولي العهد صاحب السمو الملكي الامير محمد بن سلمان – حفظه الله – وعمَّت البهجة والحفاوة البيت الخليجي ابتهاجًا بزيارة سموه الكريم لكلٍّ من عُمان والإمارات وقطر والبحرين والكويت، ولقيت هذه الزيارة ترحيبًا كبيرًا وأصداءً واسعة ليس في دول مجلس التعاون الخليجي وحسب وإنما في جميع الأقطار العربية.
ورغم الخلافات التي شهدتها دول مجلس التعاون الخليجي خلال السنوات القليلة الماضية إلا أنها تربطها جميعًا روابط الدين والعقيدة، ووشائج الدم الواحد، وأواصر القُربى وصلة الرحم، فضلًا عن التاريخ الواحد، والثقافة الواحدة، والمصير الواحد، والمصالح المشتركة، والمستقبل المشرق بإذن الله تعالى، نعم قد يختلف الإخوة الأشقاء في البيت الواحد، فلا تخلو العلاقات الأخوية مهما كانت قوية ووثيقة من وجود سوء تفاهم أو بعض الخلافات والنزاعات، أو حتى وجود أزمات عابرة، لكن في النهاية تبقى دائمًا روابط الأخوة، ووشائج القُربى وصلة الرحم هي العامل الأقوى الذي يوحِّد الصفوف ويجمع الكلمة.
وقد كشفت الأزمة العابرة التي مرَّت بها دول مجلس التعاون الخليجي مؤخرًا أنه ليس لها إلا بعضها البعض، ولن ينفعها بعد الله إلا وحدتها، وليس أمامها سوى الانخراط في مشروع واحد هو صناعة النهضة والتقدم والازدهار لشعوبها ولأمتيها العربية والإسلامية، والبعد عن دعاة الفتن ومُشعلِي نيرانها في كل اتجاه!!
وفي الحقيقة تعكس الفرحة العارمة والحفاوة الكبيرة التي قُوبِلت بها الجولة الخليجية لسمو سيدي ولي العهد طموحات شعوب دول مجلس التعاون الخليجي في التوحُّد وإنجاز الأهداف الكبرى في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعمرانية والبيئية، وكل هذا يحتاج إلى الاستقرار ونبذ الخلافات، وتوحيد الجهود، لتحقيق العمل الخليجي المشترك في كافة المجالات.
لقد سعى سمو سيدي ولي العهد من خلال جولته الخليجية إلى تخفيف (بل إزالة) التوترات، وإنهاء الخلافات الخليجية في عدد من الملفات السياسية والاقتصادية، وأكَّد على أهمية التعاون بين دول مجلس التعاون الخليجي لتحقيق المصالح الخليجية المشتركة في كل الاتجاهات، ولقيت دعوته – حفظه الله – ترحيبًا كبيرًا من الجميع حكامًا ومحكومين، وسوف تعزز جولة سموه من تكاتف دول مجلس التعاون الخليجي، وتساعد على تحقيق وحدة الصف وتَبني رؤى خليجية موحَّدة في كافة القضايا تَسعى إلى تحقيق مصالح شعوب المنطقة على جميع الأصعدة، وذلك من خلال زيادة التنسيق وتوحيد السياسات والإجراءات الخليجية في مختلف القضايا، وخصوصًا ما يتعلق بالشأن الأمني، والجانب البيئي، فضلا عن الشأن الصحي، وذلك بهدف توفير الحماية لجميع المجتمعات الخليجية.
واكتسبت الجولة الخليجية لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان – حفظه الله – أهمية كبرى لأنها ركَّزت على رأب الصدع داخل البيت الخليجي، وتوثيق العلاقات والروابط الأخوية بين الأشقاء، والبحث عن سبل جديدة لتحقيق التعاون المشترك، والتعاطي البنَّاء لحل المشاكل المشتعلة في أماكن كثيرة من المنطقة العربية، وتم التركيز على الجانبين: الاقتصادي والاجتماعي؛ لدفع عجلة التطور في مختلف الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية، وتعزيز سبل التعاون بين دول مجلس التعاون الخليجي للارتقاء بالإنسان الخليجي والعربي في هذه المنطقة وفي كل مكان.
GhassanOsailan@
أكاديمي وكاتب رأي