شاهدت فيديو متداولًا عن شاب يصطحب كلبًا ( أكرمكم وأعزكم الله ) في مكان عام وهو بذلك أعتقد انه متأثر ويقلد ثقافة غربية، وغريبة على ثقافتنا وعاداتنا بأن ننقلها وننشرها في الأماكن العامة.
وهذا المشهد ذكرني بصدمة حدثت لي واسترجعني للوراء لسنوات ماضية تقدر بأكثر من ربع قرن تقريبًا عندما كنت في المرحلة الثانوية أتت شركة من اقصى اسيا لعمل مشروع حيوي وكانوا يصيدون الكلاب الضالة والصغيرة وأحيانا يتم مساعدتهم الى مكانها وخاصة بعد ان انتشر وأشيع انهم يأكلونها وتقلصت واختفت ولا تكاد تشاهدها.
وبعد التخرج من المرحلة الثانوية أرسلني والدي ( رحمه الله ) الى دولة غربية من أجل تعلم اللغة الإنجليزية وعندما وصلت الى هناك انبهرت بما شاهدت من تغير حضاري وثقافي وانا قادم من مجتمع تقليدي تسوده العادات والتقاليد وتؤثر في ضبطه اجتماعيا فأحدث ما شاهدت صدمة حضارية كان لها تأثيرها على دراستي وهدفي الذي قدمت من أجله.
وذلك عندما وصلت إلى العائلة التي مقرر ان أسكن عندها وإذا عجوز كبيرة بالسن ولما دخلت وإذا هذا الكلب الصغير ذو الشعر الكثيف الغريب في شكله وهيئته يأتيني مسرعًا فخفت منه ولكنني تصديت له برجلي حتى طار بعيدا عني ولكن هذا الفعل لم يعجب العجوز صاحبة الكلب واتضح ذلك في وجهها ولكن شاهدت علي الخوف والارتباك والهلع وهدت من روعي وقالت لا تخف هذا فقط يريد ان يتعرف عليك فقط بشمشمتك حتى يصاحبك وهو أليف ونظيف ومعه شهادة صحية وأنا اقوم بتنظيفه بالشامبو دائمًا، فقلت حسنًا ولكنني لا أحب الكلاب وأخاف منها وعندي فوبيا منها فاقتنعت بذلك وذهبت بي الى حيث المكان المعد لي فدخلت غرفتي ولما قفلت الباب واستلقيت على سريري استعدادا للنوم من عناء السفر وإذا هناك من يحاول فتح الباب فقمت متثاقلا أفتح الباب وإذا (أكرمكم الله) كلب آخر كبير بشعر كثيف أشقر كنت أشاهد أمثاله في الأفلام البوليسية. فخرجت مسرعًا من غرفتي وإذا العجوز في المطبخ تحضر الأكل فقالت هذا كلب كبير في السن ولا تخاف منه، قلت هناك كلب غيره حتى اتعرف عليه قبل أن يفاجئني؟، قالت لا، فقلت ( الحمد لله ) وبعد ذلك أتت لي بالأكل ولكن نفسي توقفت عنه ولم تشتهيه رغم حلاوته والجوع الذي أشعر به فقلت انا مسلم قالت: لا مشكله انا اعرف وهذا الأكل حلال فأكلت قليلًا. وبعد ان استقر بي الوضع قلت لها لا أريد للكلب أن يقترب مني أو يشمني او يأتي لغرفتي فقالت حسنًا وبعد ذلك أصبحت أكلمه بالعربي بكلمات شعبية متداولة كنا نستخدمها في طرد الكلاب ولكنه لم يفهمها رغم ان الكلب ذكي ويتكيف مع الإنسان بسرعة ويفهمه. وبعد ذلك ذهبت للكلية التي ادرس فيها وتكلمت مع معلمنا وشرحت له خوفي وان معي رهاب فوبيا من الكلاب وحاولت معه ان يجدوا لي عائلة بدون كلاب عندها ولم يجدوا الا بعد اسابيع وبعيدة عن مكان دراستي.
وأثناء وجودي هناك لاحظت كيف ربوا الكلاب وأدبوها وعلموها كيف تفتح الباب وكيف تركب السيارة وكيف تقضي حاجتها في المكان المخصص وشاهدت انواعا كثيرة منها وانها لها مستشفيات خاصة ومغاسل وحلاقين وأكل خاص بها واهتمام كبير وحتى أسعارها مرتفعة لأنها متعلمة وأليفة وتفهم وذكية وهي من عاداتهم وثقافتهم واهتمامهم.
ولما شاهدت ذلك قلت لصديقي صاحب السفر لو أتينا معنا بكلب الحراسة والصيد ( السلوقي ) شكله جميل وبعناه هنا بثمن غالٍ لغطينا تكاليف الرحلة والسفر والدراسة وزيادة فقال هي فكرة اقتصادية وخاصة وان بعض الكلاب الضالة اصبحت مسعورة وتشكل خطرا ولها حوادث منشورة فبدلا من ان يتم التخلص منها بالطرق الرحيمة نقوم بتصديرها الى الدول التي تأكلها او تربيها ومن ثقافتها وعاداتها ولا نبقي منها الا كلب الصيد او الحراسة. وبعد ذلك اتصلت على والدي وقال كيف دراستك قلت له (قد في دق) وانا عندي فوبيا رهاب من الكلاب وهذا أثر على دراستي ولم أكملها رغم بريق الحضارة والعلم والتقدم والجمال الموجود لكن مرض الرهاب شكل لي صدمة غيرت في مساري التعليمي.
وبعد هذه (لطيفة) وحكاية جميلة وتجربة مريرة حدثت فعلا ونقلتها بتصرف بعد ان شاهدت الفيديو المتداول، رغم انها حرية شخصية خاصة وكما قيل والناس فيما يعشقون ويحبون مذاهب وثقافات وعادات وتقاليد.
lewefe@hotmail.com