حصاد الأسبوع

من النفط والغاز إلى «المتجددة».. تعزيز الريادة السعودية في الطاقة والبيئة المستدامة

جدة – البلاد

رافد اقتصادي قوي ، وموعد متجدد لريادة المملكة في الطاقة ، بدعمٍ وتوجيه من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ، وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، حفظهما الله ، بإطلاق أعمال التطوير التجاري للغاز غير التقليدي في حقل الجافورة بالمنطقة الشرقية ، والذي عدّه مجلس الوزراء عنصراً جوهرياً في تحقيق العديد من مستهدفات رؤية 2030، وتعزيز مكانة المملكة الرائدة في سوق الطاقة العالمية، وسجلها في حماية البيئة واستدامتها.
إنها المعادلة الراسخة في سياسة المملكة للطاقة ، وركائزها التي أوجزها سمو وزير الطاقة الأمير عبد العزيز بن سلمان بن عبد العزيز ، وتقوم على مثلث ( أمن الطاقة، والنمو الاقتصادي ، والتغير المناخي) وهي ركائز تحرص المملكة أن تكون دائما في دائرة المسؤولية تحقيقا لمصلحة الاقتصاد الوطني المستدام ، وللاقتصاد العالمي شديد الارتباط بالطاقة بكافة قطاعاتها.

فهذا الإنجاز الكبير الذي انطلق بتطوير حقل الغاز الأضخم ، وكما قال المهندس أمين الناصر رئيس أرامكو السعودية وكبير إدارييها التنفيذيين، “يأتي في وقت مثالي”، نظرا لما يشهده العالم من محطات تحول في قطاع الطاقة ، تحتاج عمليا وبدرجة كبيرة إلى التوازن الضامن لاستمرار تأمين الطاقة دون فجوات أو خلل يعرض الاقتصاد العالمي ودولاب حركته الهائلة لهزات وأزمات لايتحملها.

رمانة الميزان
لقد نجحت المملكة في تأكيد أهمية هذا التوازن ، وتقوده برؤية عميقة بعيدة المدى في قراءة واقع وتحديات مستقبل الطاقة ، وتسجل قصب السبق في تعظيم قدراتها وتكامل مشاريعها واستثماراتها الاستراتيجية للطاقة ، تعزيزا لدورها المؤثر باعتبارها رمانة الميزان للطاقة عالميا ، مع تقدمها في تطبيق مفهوم وتقنيات الاقتصاد الدائري للكربون (الحياد الكربوني) الذي تبنته بمبادرتها الرائدة التي تبنتها وأبرزتها في أهم المحافل العالمية، وفي مقدمتها قمة قادة مجموعة العشرين 2020م في الرياض ، ودعوة دول العالم للتعاون في هذا التوجه المتوائم مع اتفاقية باريس للمناخ، والمتوافق مع طموحات وتطلعات كل دولة في التنمية.
فالكثير من صناع السياسات في العديد من دول العالم ، كما قال المهندس الناصر ، عجزوا عن تحقيق مثلث التوازن (الطاقة، والنمو ، والمناخ)، فيما تصدرت المملكة مشهد النجاح في دائرة أوسع لدورها ، بإطلاق أعمال التطوير التجاري لحقل الجافورة ، حيث أهمية الغاز كخيار أساسي للعالم في التعامل مع تحديات الزمن اللازم لنمو معدلات الطاقة المتجددة ضمن الاحتياج العالمي المتزايد.

استدامة الاقتصاد والمناخ
في السياق تبدو أهمية الغاز الطبيعي في هذه الحالة أيضا ، أنه يسهم في تقليص الانبعاثات الكربونية ، حيث سيستفاد من الكميات الإضافية من الإيثان والسوائل، المنتجة من الجافورة، في مضاعفة كفاءة اقتصاديات إنتاج البتروكيميائيات، وفي زيادة استخدام اللقيم السائل، بما يحافظ على استدامة الطلب على البترول وصناعاته التحويلية ، حتى الحديثة منها ، اللازمة لأدوات وأجهزة الثورة الصناعية الرابعة.

وعلى صعيد المناخ ، سيُسهم إنتاج حقل الجافورة بدور كبير في تحقيق أهداف مبادرتي “السعودية الخضراء” و”الشرق الأوسط الأخضر” اللتين أعلنهما سمو ولي العهد ، حيث سيُسهم الحقل في تقليل انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري بنحو تسعة ملايين ونصف مليون طن سنويًا.
أيضا هذا الحقل الواعد في احتياطياته الضخمة (أكثر من ٢٠٠ تريليون قدم مكعبة قياسية من الغاز الخام الرطِب) وانتاجيته القياسية المنتظرة (مليارا قدم مكعبة يوميا) يعد مُمكّنا رئيساً لخطط الاستغناء عن ما يقارب مليون برميل نفط مكافئ من الوقود السائل، المُستخدم في توليد الكهرباء وتحلية المياه وغيرها ، ضمن مستهدفات مزيج الطاقة الأمثل ، ليشكل الغاز نحو 50% من الطاقة المستخدمة في إنتاج الكهرباء بحلول عام 2030م.

وأخيرا وليس آخرا في هذا المجال سيُسهم حقل الجافورة، بشكل كبير، في إنتاج الهيدروجين الأزرق، بحيث يدعم تحقيق المملكة هدفها إنتاج ٤ آلاف كيلو طن من الهيدروجين منخفض الانبعاثات (الأخضر والأزرق) سنوياً، بحلول عام ٢٠٣٥م.
محليا أيضا ، ووفق مسيرة الاستدامة التنموية والاقتصادية ، سيسهم الغاز الطبيعي من حقل الجافورة في تغذية شبكة الغاز الرئيسة، التي تستهدف مضاعفة أطوال خطوط الأنابيب الخاصة بها لإيصال الغاز إلى مناطق إضافية في المملكة؛ مثل القصيم والخرج وجدة والشعيبة وجازان ، كما يؤدي مشروع تطوير حقل الجافورة إلى زيادة طاقة خطوط الأنابيب، في شبكة الغاز الرئيسة وتفرعاتها، من 12 بليون قدم مكعبة قياسية إلى 16,1 بليون قدم مكعبة قياسية من الغاز يومياً.
أما العائد على الناتج المحلي الإجمالي ، فالمستهدف أن يُسهم المشروع بحوالي 20 مليار دولار (75 مليار ريال) سنوياً ، وتوفير 200 ألف فرصة عمل . وهكذا تواصل المملكة تعزيز ريادتها في حاضر ومستقبل الطاقة عالميا ، وتكامل حلقاتها من النفط وخطط الحياد الكربوني ، والانتاج التجاري لغاز الجافورة ، إلى الطاقة المتجددة .. كما تقدم عبر رؤيتها الطموحة أنموذجا ملهما في الإنجاز التنموي والتقدم ببصمات متميزة لمفهوم الاستدامة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *