كتب : محمد الجهني
هل نملك حق إدراج الإجراءات التي اتخذتها المملكة العربية السعودية في ذروة اجتياح الوباء للعالم بمتحوراته المتلاحقة في قوائم حماية حقوق الانسان؟
وهل تسمح لنا بعض دكاكين الحقوق الانسانية ممارسة الفخر والاعتزاز بما تحقق لدينا ومن خلالنا قياسا لغيرنا؟ وهل يستطيع النشطاء توظيف المفاخر الفعلية السعودية في قوائم الانجازات المعززة لرفاهية الانسان؟
دعونا نستعرض الجزء اليسير جدا من تلك المبادرات الضخمة بعد ان شمرت المملكة عن سواعدها لإغاثة المجتمعات الأقل قدرة على مجابهة الجائحة واعتمدت المليارات للحفاظ على صحة الانسان بحكم ترؤس الرياض لقمة العشرين الكبار المتزامنة مع الازمة اضافة لمئات المبادرات التي ادت لتصفير عداد كورونا في المملكة العربية السعودية وحفظت الوظائف ودعمت الرواتب وحمت القطاع الخاص وقبل كل هذا ادت لصيانة حياة الانسان بغض النظر عن الجنس والجنسية والدين والمذهب واعتمدت تعويضات بمئات المليارات وتكفلت بعودة جميع السعوديين من كافة اصقاع الارض واسكنتهم في فنادق النجوم الخمس مكرمين معززين فهل يكفي هذا الجزء اليسير لكسب رضا اصحاب الهوى في دكاكين الحقوق؟.
شخصيا لا أعتقد بل اجزم ويجزم غيري ان الموضوع ليس ذا علاقة بالحقوق الانسانية لا من بعيد ولا من قريب رغم الاعتراف المتكرر بأن المجتمع الحيوي السعودي لا يختلف عن غيره من شعوب الارض قاطبة من حيث مشاهد الخطأ والصواب فلسنا ملائكة ولا منزهين لكننا الأكثر عناية بحق الانسان بحكم مبادئ ثابتة لا تهزها محاولات التشكيك المعلوم أهدافها.
كثر يدركون وهم يتقيأون الحقد شاتمين محرضين ليل نهار بأن الآية الكريمة “لاتزر وازرة وزر أخرى” مبدأ لسلوك سعودي متجذر ولسنا أمام حلقة تشهير استدلالي بمثل هؤلاء الكثر سعوديين كانوا او غير سعوديين من جملة المقيمين بالمملكة ولولا خشية الملامة جراء تعداد الفضل والإحسان انطلاقا من تبني المملكة لتجنب المنّ لطرحت الأسماء الرباعية بوضوح تام، فذوو مرتكبي الجرائم الكبيرة لا يتحملون جريرة أفعال ابنائهم وآبائهم واخوانهم ولا تتأثر مكانتهم وقيمتهم ومناصبهم العملية على الاطلاق قياسا لما يجري في دول كثيرة تعرفها دكاكين الحقوق المزعومة لأهداف ليس من بينها حق الانسان وبعض المقتاتين على مواردها لا يستطيعون الافصاح عن دهشتهم بما تحقق لدول الخليج من باب الارتزاق والحفاظ على المكتسبات المالية، اذ لا هم لهذه الدكاكين الا ما يجري بالسعودية العظمى رغم الالتفات بين تارة واخرى لبعض الدول الموغلة بالانتهاكات عيانا بيانا من باب ذر الرماد بالعيون دون ادنى اصرار او تكرار فأضحت على رؤوس الأشهاد منظمات مسيسة، أما أهالي العاقين الناكرين من المحرضين الداعين لزعزعة استقرار الشعب السعودي فيرفلون بالعز والرخاء دون ان يتعرضوا لمجرد سؤال انطلاقا من احترام الحق الاصيل وهو حق غير مرتبط “بكشكات” حقوق الانسان غير المعتبرة وادعاءات النشطاء في جانب مهني انساني اضحى مهنة لمن لا مهنة له حتى بات نصف المارة سفراء نوايا حسنة ورواد حقوق انسانية ومنظرين يتلقفهم الاعلام الجديد وتقود بعضهم الاهواء والمصالح ومبادئ رد الجميل لمن نفخ اوداجهم.
باختصار مفيد لعل المتابع الفطن يدرك حقيقة العواطف الجياشة لقادة المملكة المحتكمين لمبادئ سامية لا تفصلهم عن افراد المجتمع حتى باتت صفة خادم الحرمين الشريفين على سبيل المثال أكثر عظمة من الجلالة والسلطنة واصبحت عادة تقبيل اليد من الافعال المنهي عنها في كل مناسبة وتأصلت العادات الحميدة المعززة للمروءة والشهامة والنخوة حتى باتت مجالس كبار المسئولين ساحات نقاش حر مثمر بل اضحى تقييم نجاح الوزير مرتبطا بالمخرجات والتفاعل مع المواطن أما الوصول الى الحق الثابت فهو متاح للجميع دون استثناء لا يحتاج سوى ضغطة زر من صالة جلوس المنزل عبر شبكة رقمية ضخمة استثمرت بمئات التطبيقات المتفردة بما يليق بوطن شامخ حجز مقعده في الصف الأول عالميا ليظل الرد والتفاعل مع صاحب الحق أيا كان رهن الحالة والأهمية قد لا يحتاج الى اكثر من ساعات معدودة وفي حال التقاعس الذي اضحى في خبر كان مدعوما بالإصلاحات ومشروع حرب الفساد وإجراءات المتابعة وتطبيق العقوبات جاز لصاحب الحق مخاطبة اكبر سلطة في الدولة دون حرج.
صحيح أن كثيراً من القنوات والمنظمات وأنصار الأغراض وأصحاب الهوى يحاولون تصوير الأمور على غير ماهي عليه وصحيح ان هؤلاء عازمون (جماعة وافرادا) على اعلان بشارة تمزيق الامة عبر تنفيذ خطط شيطانية لاستكمال ما سمي بالفوضى الخلاقة عن طريق التربص بالمجتمعات العربية والخليجية بشكل عام والسعودية على وجه الخصوص من باب الحقد الطبقي الفارغ حتى من المبررات وإن كانت في منتهى السخف.
لكن ألأكثر صحة أن دول مجلس التعاون الخليجي ظلت صامدة في وجه عواصف التدمير ومحاولات تقويض الاستقرار واعية بشكل مطمئن الى حد كبير لمخاطر المثابرة في صناعة المكائد ومستفيدة من التجارب التي عصفت بالأمة لولا لطف المولى القدير رغم سقوط بعض عواصم الدول العربية مع الأسف الشديد في حبائل الغدر حتى أضحت خارج السيطرة تموج بالفوضى والعوز والمرض والندم فتمكن المتربص من التباهي بالسيطرة بحكم الاختراقات والحيل والاكاذيب والتأجيج ومخرجات فرق تسد عن طريق الطائفية الكريهة قبل أن يكشف الأعداء حقيقة البغض لكل ما يمت للعروبة بصلة ويكتشف العربي المخدوع أن مسائل الشراكات المزعومة والدين المقدس آخر اهتمامات الحاقدين وأن الانضواء تحت لواء المحيط العربي المخرج الوحيد من مصير ليس غامضا كما يتصور البعض بل كارثيا بكل ما تعني المفردة ولعلنا نستشهد بالكرامة العربية الساقطة في مناطق سيطرة اعداء الامة حتى بلغ الامر التحكم بالمصائر وتجاوز ذلك حتى بلغ لعق الاحذية امام كاميرات القريب والبعيد ، وظل الشموخ مقترنا براية المملكة الخفاقة ولنا بخروج الشعب السعودي في وطن بحجم قارة وبمختلف طبقاته وفئاته للاحتفاء باليوم الوطني ما يؤكد حقيقة التلاحم الفريد بين الشعب والقيادة وحجم الحب المشترك لتراب الوطن الطاهر.
لقد ظلت دول الخليج ترفل بالعز والرفاهية بعد أن وأدت المملكة أحلام الطامعين فتكسرت آمالهم تحت اقدام السعوديين وباءت محاولاتهم بالفشل ولن تختلف تلك الاحلام عن أحلام ابليس بالجنة والتاريخ القديم والحديث سطر من الأمثلة ما يكفينا عناء السرد واستحضار قوائم المهددين من طواغيت العصر الذين نفقوا بعد ان دمروا اوطانهم فيما ظلت المملكة شامخة تقفز كالغزال من مرحلة الى مرحلة أكثر ازدهارا ونموا ومنعة وفي هذا الدليل القاطع على الحكمة والوعي والاخلاص وتلاحم القيادة والشعب.
لا يمكن لعاقل الوقوف مكتوف الايدي أمام أكاذيب واشاعات تنطلق بغرض التشويه من ابواق قبيلة المرتزقة لأهداف لا تخفى على احد ولا يمكن لمدرك استيعاب تدليس وتزوير الحقائق على نحو ما نرى ولعل دليلنا الواضح في هذا الصدد ارتكاب اثم البهتان عيانا بيان فيما يتعلق بمزاعم الدفاع عن حقوق الانسان فالانتهاكات الصارخة التي لا تقبل التأويل لحق الانسان تجري بعنف مضاعف وتؤدي لضرر مقزز ومهين على بعد امتار من مقرات بعض دكاكين تلك المنظمات بل أن شبابيك تلك المقرات وبواباتها مطلة بشكل مباشر على أفعال شنيعة بحق الإنسانية غابت عن الاهتمام عمدا بحكم الكيل بمكيالين وهو الدليل القاطع على تسييس حقوق الانسان والمتاجرة بعواطف الناس، ولعل مجرد استعراض نماذج سعودية ليست بحاجة لعناء الاثبات أمر يؤكد بما لا يدع مجالا للشك المفهوم الرباني الحقيقي لحقوق الانسان الذي يأتي في المقدمة التسامح المنضبط مع المتجاوزين الذين خلت ذممهم من الدماء البريئة فعلا او تحريضا إضافة الى عدم تحميل جريرة الأفعال المشينة وان كانت جرائم كبيرة لغير مرتكبيها بشخوصهم.
وأمام المطالبات بحقوق الانسان الحق المراد به باطل، الا يجوز السؤال عن حق العناية بالمشردين والمغدورين بالسلاح الأبيض في الازقة الخلفية لبعض العواصم العالمية المتقدمة؟ الا يجوز السؤال عن حقوق المغتصبات وحمايتهن؟ الا يجوز السؤال عن حق من تم اطلاقهم بالشوارع بلا مأوى بعد اخضاعهم للتغرير من أبناء الدول المستهدفة بمشروع التشويه؟ فالدفاع عن الحقوق الانسانية فعل ملموس يستهدف المظلومين ولا يجوز على الاطلاق تصدير حق لمرتكب جريمة بالفعل او التحريض على حساب ضحايا هم اولى بالدفاع عن حقوقهم فالحق الانساني قائم على المبدأ والصدق بالضبط كما تفعل المملكة ولعل المراجعة الخاطفة لحال سجون تعج بالويل والثبور وعظائم الأمور على مقربة من مقرات منظمات شنفت اذاننا بالإنسانية دليل قاطع على أن الامر مجرد ضغوط اهدافها واضحة المعالم لنصل الى نتيجة مفادها ستظل المجتمعات المستهدفة من بعض المنظمات الحقوقية المسيسة في مرمى الحجر بغض النظر عما تفعل والدليل ذلك التناقض الواضح الذي جسدته احداث عديدة ونماذج لا محصورة حتى باتت عبارة حقوق الانسان كلمة حق يراد بها باطل” ولهذا حذر العقلاء وعلى رأس هؤلاء المملكة من مغبة استغلال وتسييس حقوق الانسان على هذا النهج المكشوف للقاصي والداني بحكم ادراك المملكة للمفهوم السوي الفعلي الصحيح الصادق لحق الانسان دون ادنى تمييز وباحترافية عالية يلمسها القريب والبعيد ويعيش تفاصيلها كل من وطأت قدماه ارض الوطن.