قضية

المرأة غير ملزمة بالصرف على المنزل

البلاد ـ مها العواوده ــ نجود النهدي

في فضاء الحياة نجد أن بعض الأزواج يطالبون زوجاتهم بالمشاركة في الإنفاق على البيت إذا كانت عاملة وتتقاضى راتباً، وآخرون يأخذون المرتب بالكامل، بينما يرفض آخرون أن يأخذوا شيئاً ولو بسيطاً من مرتبات زوجاتهم ، والسؤال الذي يعلن عن نفسه هل للزوج حق في مرتب زوجته العاملة؟ وهل يجب عليها المساعدة في نفقات البيت وتكاليف الحياة؟.

في هذا السياق أكد مختصون إن الإنفاق على المنزل يجب على الزوج، لكن إذا أرادت الزوجة العاملة المشاركة، فهو من باب التعاون والمساعدة فقط، لافتين إلى أن الزوجة غير ملزمة بالإنفاق، لكن يمكنها التعاون مع الزوج إن أرادت ذلك وبهذا نصل لفكرة أن مساهمة الزوجة في مصروفات البيت ومستلزماته من خلال مالها الخاص وراتبها هو خيار وليس فرضاً عليها، وأن أخذ راتب الزوجة تصرف غير مقبول.

ثمة قصص كثيرة لأزواج يرغمون زوجاتهم بالصرف على المنزل فعلى سبيل المثال هناك طبيبة زوجها يجبرها أن يأخذ نصف راتبها أو أنه يمنعها من ممارسة عملها كطبيبة فاصبحت الزوجة مجبرة على تلبية طلباته من منطلق الحفاظ على الأسرة واحتياجاتها.
وهناك قصة أخرى لزوجين موظفين واعتاد الزوج أن يأخذ راتب زوجته كاملاً ويتحكم هو بالمصروفات والزوجة ضعيفة ولا ترفض وطرأت عليهم ظروف تسببت بخروج الزوج من العمل وأصبح عاطلاً واعتاد الكسل والاعتمادية على راتب الزوجة هنا الزوجة هي السبب في كسل الزوج واعتماده عليها لأنها سمحت له من البداية بالتحكم بمالها.

ومشكلة اخرى لزوج متسلط وعصبي ووجد ان العصبية هي السبيل في التحكم بزوجته لخوفها منه فبدأ يطلب منها بعض المال ليسدد ديونه دون ان يكتب لها ما يثبت حقها في الدين، واصبحت الزوجة تصرف على المنزل كاملاً من مفروشات واحتياجات الابناء.

والزوج تمادى عليها بالضرب وبسبب الضغوط التي مرت بها الزوجة اصيبت بالسرطان وأصبح يهددها بالطلاق ولا يراعي مرضها فأخبرتني انها متحملة هذا الزوج ولا تريد الانفصال عنه حتى لا تضطر ان تستغني عن كل ما تمتلكه.

أدوار الحياة
الدكتورة نادية حسين نصير» مستشارة تربوية وأسرية ونفسية؛ قالت : إن لكل إنسان عدة أدوار في الحياة يقوم بها ودور المرأة في الزمن الماضي أن تكون ربة منزل تهتم فقط بالتربية والزوج وتدير أمور المنزل ولا تشارك في أي أمور مادية لأنها في ذلك الزمن لا يوجد لها مصدر دخل ثابت. إنما أعمال بسيطة تقوم بها مثل بيع القماش أو بيع لوازم منزلية حسب ما يتوفر لها من اعمال تليق بمكانتها في المجتمع.

دور إيجابي
المستشار الأسري والاجتماعي أحمد محمد المحمدي قال: إن المرأة العاملة تساند زوجها بدور إيجابي للحد من ضغوطات الحياة المالية، وتكون برغبتها خير سند ولا تكون ملزمة بالصرف على متطلبات المنزل لافتا إلى أن المرأة تكون ملزمة بالصرف، إن طلبت أشياء معينة غير ضرورية بنظر الزوج كالكماليات أو خارج الاحتياج الاساسي لمتطلبات الأسرة.

ليس واجبا
ومن جانب آخر ذكر المحامي والمستشار القانوني» فارس الصويان» حول ما الحكم إذا ألزم الرجل زوجته بالصرف قسرا على المنزل مؤكدا أن ذلك لا يجوز إلا إذا طابت نفسها بشيء فلا بأس.

وذكرت الدكتورة «فاطمة محمد كعكي» استشاري أول طب نفسي وعلاج الإدمان أن الزوجة تساعد زوجها إذا كان محتاجاً وليس واجباً عليها لأن الرّجال قوامون على النّساء وهم من يتحملون مسؤوليّة الصّرف على البيت والزوجة والأبناء وإن أعطته زوجته من مالها شيئاً فهذا كرم منها وليس واجباً».

كما أن لتصرف الرّجل عند أخذ راتب الزوجة انعكاساً سلبياً على الجانب النّفسي والمهني له انعدام الرّغبة بالعمل والعطاء والنّجاح والتّطور الوظيفي.

الشّعور بالنّقص والدّونيّة والحاجة، عدم القدرة على تحقيق الاستقرار النّفسي الذي يشعر به الأشخاص المستقلون مادياً، تولد مشاعر سلبيّة تجاه الزوج كالكره وبغض الحياة معه والعيش في جو مشحون دائماً ، تدني مستوى الإنتاجيّة في العمل، تراجع رغبة التّميز والابتكار والابداع.

اختلال صورة الزوج في عين الزوجة زعزعة في ثقة المرأة بنفسها وانخفاض مستوى تقديرها لذاتها، زيادة الضّغط يسبب تراكم المشاحنات بين الزوج والزوجة وبالتّالي تكثر المشاكل الأسريّة، القلق الدّائم لدى الزوجة نتيجة رفضها إعطاء راتبها لزوجها وتبعاته على العلاقة الزوجيّة والأسريّة.

 

الاستقرار الأسري
من منطلق آخر ذكرت أخصائية علاقات زوجية وأسرية « هناء محمد نبيل مكي» إن الاستقرار المالي للأسرة يؤدي إلى التفاهم والاستقرار بالحياة الزوجية، وإن الجهل بأحكام الدين وما يتعلق بالحقوق والواجبات الزوجية ينتج عنه الكثير من الخلافات الزوجية التي تؤدي إلى الطلاق ومن هذه الخلافات الخلاف حول (صرف الزوجة على منزلها).

 

لغة التفاهم
بدوره أوضح رئيس قسم الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الملك عبدالعزيز لدكتور محمد سعيد الغامدي أن أهل العلم رحمهم الله تعالى أفتوا بأن الزوجة الموظفة راتبها لها والنفقة على الزوج، وإذا اصطلحا على أنها تنفق بعض الشيء فلا بأس، أي إن طابت نفسها وإلا فمالها لها، ليس له إلزامها، إلا إذا كان ذلك عن شرط بينهما بأن سمح لها بالوظيفة بشرط أن يكون الراتب بينهما، فالمسلمون على شروطهم، وإلا فالأصل أن راتبها لها، إلا إذا سمحت بشيء عن طيب نفس مؤكدا على ضرورة أن يحرص الزوجان إلى أن تسود بينهما لغة التعاون والتفاهم وتغليب مصلحة البيت والأسرة والبعد عن الأنانية وحب الذات والنظر إلى الطرف الآخر بنظرة الدونية والاحتقار.

 

قواعد الشرع
من جانبه يؤكد المحامي والمستشار القانوني جاسم العطية أن الإنفاق على المنزل وعلى الزوجة والأبناء هي من مسؤوليات الزوج حسب القواعد والشرع الحنيف ولا يجوز له التخلي عن الإنفاق مادام قادراً على ذلك.مشيرا في الوقت ذاته أن ذلك لا يمنع ولا يحول دون تعاون الزوجين وحتى الأبناء من التعاون في الإنفاق مادام ذلك ممكناً وقد يكون ذلك من سبل استمرار المودة والمحبة واستمرار العشرة الطيبة.

 

عصب الحياة
بدوره أوضح المحامي والقاضي السابق الدكتور فيصل العصيمي أن المحكمة تلزم الزوج في حال رفع دعوى نفقة بالإنفاق على زوجته وإن كانت موظفة.
في السياق قال المستشار الأسري الشيخ أحمد حمودة « معلوم أن المال هو عصب الحياة، ولذا نظمت الشريعة إدارته في الحياة بين الناس، ومن ذلك ما يكون بين الزوجين، فأوجبت على الزوج نفقة زوجته، واستحبت للزوجة النفقة على زوجها إن كان محتاجا لذلك، وفتحت الطريق للهدايا والهبات والعطايا بينهما على حد سواء عنوانا على الحب وطريقا إليه، وفي الحديث الصحيح في الأدب المفرد للبخاري قال صلى الله عليه وسلم وسلم: (تهادوا تحابوا)، وتعزيزا لقيم الوفاء والطرق الأفقية لتقوية التعاون بين الزوجين في القرآن الكريم، قال تعالى: (ولا تنسوا الفضل بينكم)»، داعيا الى ضرورة عدم توقف الزوجين عند حدود (يجب أو لا يجب) بل يحلقان في سماء البذل والعطاء والوفاء، لأسرة يسودها الأمن والاستقرار والحب وحسن الظن بين أفرادها.

كسب العيش
‏‏‏‏‏‏‏الدكتورة رسمية آل ردهان مستشار التخطيط الاستراتيجي التربوي والأسري أشارت إلى التغيير الذي طرأ على المجتمع من ظروف معيشية وانفتاح التعليم واختلاف طرق كسب العيش التي كانت تتم في السابق عن طريق العضلات والقوة البدنية والتي دخلت عليها بعض الجوانب المتعلقة بالقدرات الفكرية والمهارات المختلفة وأن كل هذه الأشياء جعلت هنالك تقارباً في الأدوار بين الرجل والمرأة ومكنت كثيراً من النساء من أن يتبوأن مراكز مرموقة ويحققن تقدماً ملحوظاً في مجال كسب العيش.
لافتة إلى أن هذا التقدم خلق بعض الأوضاع المختلفة في بعض الأسر، حيث نجد أن بعض النساء هن اللاتي يتولين الصرف على الأسرة، أو قد نجد المرأة ذات دخل أعلى من الرجل لأنها تلقت تعليماً أعلى، أو لأنها وجدت فرصة عمل أفضل.
وتابعت: إن ساهمت في النواحي المادية دون إجبار لها فهذا يعد من تمام إحساسها بالمسؤولية ووفائها لزوجها وأسرتها ومشاركتها الداعمة وفق الظروف الاقتصادية الصعبة وكثير من هذه النماذج المشرقة موجودة لدى عدد غير قليل في اوساط النساء اللاتي يمتد عطاؤهن مع زوجها للحفاظ على حسن المعيشة لكليهما وللأبناء كما تأكد على أن فعلها هذا هو من باب مساعدتها لزوجها وليست مجبرة على ذلك».

 

مسألة اختيارية
قالت المستشارة الأسرية، حنان المرشود، إن الرجل مسؤول في الانفاق على المرأة، وأن مال وراتب الزوجة لها.وأضافت إن قِوَامة الرجل على المرأة كانت مرتبطة بالإنفاق، وأن الزوجة الموظفة إن شاءت شاركت في نفقات المنزل وإن لم تشأ فهذا اختيارها.وأشارت إلى أنه حري بالمرأة الحصيفة العاقلة المساهمة في النفقات بمنزلها، وأن يكون هناك حوار هادف بين الزوجين.وأوضحت أن الرجل ملزم بالنفقة بغض النظر عن حالة المرأة المالية حتى لو كانت مليونيرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *