للحكمة والهدوء والصبر حد، مهما طال أمده، سيصل في يوم من الأيام إلى مرحلة النفاد، والذي قد تتوارى معه كل الآراء المحايدة، ليبقى الرأي الأوحد مصلحتنا ومصلحة شعبنا أولاً وآخراً، السعودية ولبنان، علاقة تاريخية ضربت أطنابها في باطن الأرض عشرات السنين، علاقات على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والصناعية والرياضية وغيرها،
ولأنها المملكة العربية السعودية موطن العروبة ومأوى أفئدة العرب فقد كانت عبر هذه السنين سنداً وظهراً صامداً للبنان من كل ما يزعزع استقرارها الداخلي والخارجي، فكم من مبادرة تولتها السعودية دعماً للبنان وإصلاحاً بين اللبنانيين أنفسهم، وكم من أموال دُفعت من ملوك المملكة عبر التاريخ رغبة في وقوف لبنان وعدم سقوطها بين أيدي من ينهش خيراتها، وعلى الرغم من الاستفزازات الإعلامية التي تطال المملكة مِن مَن يُعتبرون في لبنان من الرموز والقامات، إلا أن المملكة لا زالت مستمرة على نهجها، طامعة في رأب الصدع العربي، وراغبة في جمع الكلمة ووحدة الصف، ولكن وعلى الرغم من ذلك فلم ينل المملكة من هذا الأمر سوى الهجوم الممنهج المستمر من إعلامهم سواء في قنواتهم أو القنوات التي تفتح الباب لهم، ولكن هذه المرة كان الهجوم ممن تربى في كنف إعلامنا وأكل من خيراتنا وعاش بيننا سنوات طويلة، ليس هذا وحسب، بل إنه أصبح الصوت الرسمي في لبنان، والذي يعبّر بصفة واضحة عن إرادة الدولة في علاقاتها وفي رؤيتها للمجتمع الدولي من حولها، ولا يمكن بأية حال من الأحوال اختزال المشكلة في شخص واحد عبّر عن رأيه فقط، بل إنها تراكمات وتصاريح على مدى سنوات عديدة أوصلت لبنان إلى هذا الوضع الذي بدأت فيه دول المنطقة بمتابعة المملكة وما يصدر عنها من قرارات تصب في مصلحة الجميع بما فيهم لبنان، وما سحب السفير السعودي وقطع واردات لبنان إلا شكل من أشكال الاحتجاج الدبلوماسي المتعارف عليه دولياً، رغبة في تعديل الأوضاع وعودة لبنان إلى الحضن العربي بدلاً من الارتماء والخضوع لحزب الله الإرهابي ومن يحركه. فالسعودية العظمى لا تتحرك سوى دفاعاً وحماية لمصالحها ومصالح شعبها أولاً وآخراً، ثم لما فيه صالح دول المنطقة.
dralsaadlaw@gmail.com