اجتماعية مقالات الكتاب

من يقرع الأجراس؟

لا يمر يوم .. إلا وأقرأ تغريدة على تويتر والفيس بوك لأخي الدكتور أيمن بدر كريم .. استشاري أمراض الصدرية والنوم .. وهو يطالب بتخفيض ساعات العمل للموظفين والعمال لأقل من ثماني ساعات يوميا. وله تغريدة أخرى شبه يومية يطالب فيها بأن تبدأ ساعات الدراسة ودوام الأعمال من الساعة التاسعة صباحا بدلا من السابعة .. وتغريدة ثالثة .. يطالب فيها بالعمل أربعة أيام في الأسبوع.
نظم العمل في العالم لمدة 8 ساعات .. عفا عليها الزمن .. إنها من إفرازات الثورة الصناعية .. ولا تتوافق مع الثورة الرقمية التكنولوجية الحديثة .. حيث كانت تلك السياسات والنظم نقلة نوعية صارخة في صالح القوى العاملة .. والتي كانت تعمل لمدة تتراوح مابين 10 الى 16 ساعة يوميا ويتخلل هذه الساعات الطوال دقائق معدودات للراحة وتناول الطعام الخفيف.

نشرت مجلة فوربس نتائج دراسة .. تشير إلى أن المخ البشري يعمل وفق طفرات من الطاقة والحيوية لمدة ساعة واحدة .. ويحتاج إلى راحة لمدة 15 دقيقة .. لذلك نرى أن نشاط الموظف والعامل والتلميذ .. يتأرجح بين دفعات من الطاقة والحيوية والإشتعال النشط .. وبين السكون والهدوء والبطء في الأداء والإنتاجية .. إذا ما إستمر مواصلته للعمل لساعات.
وفي السياق نفسه .. تتساءل منظمة العلوم والحياة الأمريكية .. عن معدل إنتاجية الموظف أو العامل خلال ثماني ساعات .. وكانت النتيجة ألتي توصلت إليها .. أنه يستحيل أن تجد من يعمل ثماني ساعات متواصلة في اليوم الواحد منتجا وفعالا .. إنها كذبة كبيرة.

دراسة اخرى لمكتب الإحصاء الأمريكي .. رصدت بالدقائق نشاطات الموظف أو العامل الذي يعمل 8 ساعات يقضي وقته في نشاطات مختلفة كالتالي:
** قراءة الأخبار والمواقع .. 1.05 ساعة .
** تصفح وسائط التواصل الاجتماعي .. 44 دقيقة.
** أحاديث متفرقة ليست لها علاقة بالعمل .. 40 دقيقة
** البحث عن وظيفة جديدة .. 26 دقيقة
** محادثات ورسائل هاتفية متنوعة .. 32 دقيقة.
** التدخين والراحة والقهوة والأكل .. 55 دقيقة
** مجموع هذه المساحة الزمنية الفاقدة 3.28 ساعة !

وتجدر الإشارة إلى أن هناك العديد من الشركات مثل مايكروسوفت اليابان .. ويونيليفر .. وفاست كومبوني .. كانت لديهم شجاعة التطوير والتغيير.. حيث قاموا بإجراء دراسات لخفض أيام العمل لأربعة أيام بدلا من خمسة أيام في الاسبوع .. وكانت نتائج الدراسة .. أن الموظفين أصبحوا أكثر سعادة.. وتحسنت وأرتفعت إنتاجيتهم بمعدل 40 % .. وأدي ذلك إلى ازدياد فعالية الاجتماعات في الشركات وتحقيقا للأهداف .. وقللت من الضغوط النفسية على الموظفين نتيجة مخاطر العمل .. وأدت إلى توازن بين مسؤليات العمل والحياة الخاصة للموظف.
ونخلص من كل ماسبق .. إلى أن العمل ثماني ساعات أو خمسة أيام في الاسبوع .. ليس له دلالة علمية على أن الانسان يستطيع التركيز في عمله أو دراسته .. أو أن يحافظ على إنتاجيته بدرجة عالية ومتواصلة .. ولا أن هذه الساعات والأيام الطوال .. لها علاقة بنوعية وجودة العمل ألذي يؤديه الإنسان.
وأخيرا .. أغبط الدكتور أيمن بدر كريم علي جرأته في قرع الجرس الأول وتنبيهنا بأن الزمن تغير وأن الوقت قد أزف للتجديف بعكس التيار ..
كما أتمنى أن يكون أحد الرواد من بلدي .. الذي يستطيع أن يقرع بقية الأجراس ويغير نظم العمل في الكون مثلما فعل هنري فورد عام 1926.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *