اجتماعية مقالات الكتاب

صياغة الإعلام القانونية

عكف العلماء عبر قرون ماضية على تصنيف العلوم وتمييزها، ووضع قواعدها وأصولها وما تتفق فيه مع غيرها وما تختلف، رغبة في التأسيس النظري المُحكم الذي يمنع الخلط ويقي من اختلاف العبارات وتداخل معانيها، فَعِلم الفقه له عباراته وألفاظه التي تميزه عن غيره، وكذلك علم الحديث والأصول والطب والهندسة والإعلام وغيرها، كل علم وفن له صياغته المستقلة التي لا تؤتى إلا من قِبل المتخصصين فيه،

وبالنظر إلى علم القانون نجد أن هناك العديد من المؤلفات التي تكلمت عن الصياغة القانونية وأدواتها وقواعدها وأساليبها التي تميزها عن غيرها، والمتخصص في هذا العلم ينبغي عليه أن يكون ملماً بكل تلك القواعد حتى تكون صياغته القانونية مُحْكَمة وخالية من الشوائب والعيوب، ولذا فكل متطفل على علم من العلوم يظهر ذلك في صياغته وكلماته، فتجد أن أسلوبه ركيك وعباراته ليست رصينة تدل على قوة في العلم وإتقان لأدواته، وما دعاني إلى الكتابة في هذا الأمر ما لاحظته على بعض إعلامنا عند الحديث عن أمور قانونية بحته سواء كانت بطريقة الإخبار عن وقائع معينة أو إعلان الأحكام القضائية الصادرة من الجهات العدلية، فنجد أن الخبر الصحفي يذكر في ثناياه أنه صدر حكم بالقتل تعزيراً على الجاني بسبب كذا وكذا، بينما لو دققنا النظر في الحكم نجد أنه صدر بالقتل حداً على الجاني وهكذا،

ولذلك فإن صياغة الإعلام للأخبار القانونية يجب أن تتم عن طريق متخصصين قانونيين أو أن تعرض هذه الأخبار على من يراجعها ويعيد صياغتها في حال احتاجت إلى ذلك، وذلك لأن الاعلام واجهة لكل علم، فكما أن صفحات الاقتصاد والصفحات الفنية والثقافية يشرف عليها أهل الاختصاص من ذات العلم، فكذلك القانون يجب أن يشرف على أخباره المختصون فيه وليس غيرهم، وهذا ليس تقليلاً ممن يقفون خلف صياغة الأخبار القانونية في الصحف والقنوات، ولكن من باب احترام التخصص وعدم وقوع الكاتب في أخطاء بدائية كان من الأولى عدم وقوعها، خصوصاً إذا عرفنا اهتمام الاعلام بجودة ورصانة العبارات التي تظهر على صفحاته، فالأكمل الاستعانة بأهل التخصص عند الرغبة في إبراز أخبار قانونية أو الحديث عن بعض القضايا العامة التي ترى الصحيفة أنها من المهم مناقشتها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *