يقول صديقي: رئيسنا في العمل لا يستمع إلى محدثيه من الموظفين ، ويضع سماعة الهاتف على أذن واحدة ويتصفح رسائله ، وأثناء حديث موظفيه ينشغل برسم بعض الخطوط والصور على الأوراق التي أمامه ، أو يتحدث مع الشخص الذي يجلس بجانبه ، وبعد كل هذا يلتفت إلى محدثه ويصفق ويقول له أتفق معك في كل ما قلت.
قلت لصديقي لا تبتئس ، ربما كان صادقا بالرغم مما يفعل ، فهو يستمع إليكم ، وأبتسمت قائلاً: هذا يذكرني بأحد المسؤولين الكبار الذين كانت تذخر بهم الخطوط السعودية وهو الأستاذ رضا حكيم ، رحمة الله عليه ، والذي كان يرأس قطاع الشؤون التجارية وكنت أحد المحظوظين الذين حضروا معه بعض اجتماعاته مع شركات الطيران العالمية للتفاوض على اتفاقيات وحريات حقوق النقل بين الخطوط السعودية والشركات الناقلة ، ولقد تعلمت منه الكثير ، كان هذا العملاق متفردا في إدارته لعمليات التفاوض ، وجلب الكثير من المكاسب للخطوط السعودية.
وكان خلال دقائق من بداية الاجتماعات يضع الجوانب المسدلة من غترته خلف اذنيه حتى يكشف عنهما ويغمض عينيه طوال الوقت ، وتحسبه يغط في نوم عميق. ولكن كانت المفاجأة أنه عندما ينتهي المتحدث من الكلام يفتح عينه ، ويتحدث ويعلق ويدلي برأيه ويفاوض ، دون أن تفوته صغيرة كانت أم كبيرة ذكرت في الاجتماع.
وحاولت مرة أن أجرب طريقته في أحد الاجتماعات ، فأغمضت عيني ، ويبدوا أنني خلال ثوان كنت أغط في نوم عميق ، وسمع بعض الهدير من كان بجانبي ، نغزني بأصبعه فصحوت مفزوعا ولم أكررها مرة أخرى.
إنها ملكة لا يتقنها إلا ذوو مهارة الإنصات دون تشتيت الانتباه من خلال التجوال بالنظر والعيون مفتوحة.
وأعود إلى محدثي وسألني: كيف يمكنني التعامل مع رئيسي الذي لا يملك مهارة الاستماع والإنصات ، فقلت له لا تقلق ولا تتكدر ، فهذه معضلة كثيرا ما يعاني منها الموظفون بسبب أخطاء الرؤساء في عدم الاستماع والإنصات إليهم ، ولكن يمكننا أن نخفف من آثار هذه المشكلة ، وذلك بجلب انتباه المستمع أو الرئيس بالطرق التالية:
** أدرس بعناية الطريقة المفضلة عند الرئيس والتي تجذبه للاستماع وتوجيه الانتباه إليك ، حيث أن هناك طريقتين للتحدث بفعالية كي يستمع إليك الآخرون.
** الطريقة الاستقرائية ، وتعني أن المستمع يفضل التمهيد والتفصيل والتتبع والتفحص في سرد المعلومة قبل الوصول إلى الخلاصة أو الرسالة المراد توصيلها.
** الطريقة الاستنباطية ، أي أن المتحدث يبدأ بسرد مضمون الرسالة كاملة والهدف منها ، ثم ينتقل إلى شرح التفاصيل وسرد الخلاصة والنتائج.
وأخيرا ، يجب أن يدرك الرؤساء اهمية الاستماع والإنصات لموظفيهم ، فهي رسالة منه ، تعني الاهتمام بهم وبآرائهم. وهذا يؤثر على الدواخل النفسية للموظفين ويبث فيهم الطاقة والحيوية والانتشاء للعمل والإنجاز وبالتالي تحقيق الأهداف بنجاح.