متابعات

أهمية تبني الشركات نهج التغيير المستمر لتعزيز الإبتكار ومواكبة التحولات

لا شكَّ في أن التغيير الذي شهده العالم بعد التطورات المتسارعة على مدار العام المنصرم بات ملحوظاً على نحو لا يمكن لأحد إنكاره. فقبل أكثر من عام ، كان الهدف الرئيسي للشركات يتمثل في كيفية ضمان الاستمرارية والبقاء في طليعة المنافسة في ظل التحديات التي شهدتها السوق والمتمثلة في الانتقال للعمل عن بُعد وتأثر سلاسل التوريد، والتحولات السريعة في توقعات العملاء وسلوكيات الشراء.

واضطرت بعض الشركات، خاصةّ التي تعمل في مجال السفر والضيافة، إلى تقليص خدماتها بشكل كبير أو اتخاذ إجراءات وتدابير عديدة بين عشية وضحاها للتأقلم مع التحديات غير المتوقعة، بينما اضطرت شركات أخرى، مثل محلات السوبر ماركت، إلى مضاعفة جهودها لمواكبة الزيادة الهائلة في الطلب من جانب المستهلكين.

ومع ذلك، وعلى الرغم من صعوبة التحديات التي فرضتها جائحة كورونا بالنسبة للعديد من الشركات، إلا أنها شكلت أيضاً حافزاً للانتقال نحو اعتماد الخدمات والحلول السحابية والتقنيات المسرّعة للتحول الرقمي. ولقد لاحظنا على مدار الـ 18 شهراً الماضية كيف حولت الكثير من الشركات أنظمة البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات الخاصة بها إلى السحابة.

وبهدف الحصول على فهم أفضل ومعرفة كيف تمكنت الشركات من إعادة تكييف أعمالها والتأقلم مع تحديات جائحة كورونا، رغم عدم امتلاكها خارطة طريق واضحة لما كان سيحدث، فقد أجرت أمازون ويب سيرفيسز دراسة شملت 10 آلاف من كبار المديرين وصنّاع القرار في مجال الأعمال وتقنية المعلومات. وتسلط الدراسة التي حملت عنوان “إعادة التأقلم بدون خارطة طريق”، الضوء على الدروس والعِبَر المستفادة خلال الفترة الماضية، كما تقدم رؤى متعمقة حول كيف يتوقع صنّاع القرار أن تستفيد شركاتهم من التجارب التي مرت بها لمواصلة النمو خلال مرحلة ما بعد الجائحة.

ومن خلال الاطّلاع على نتائج البحث، يبدو أن خرائط الطريق والاستراتيجيات متعددة السنوات التي وضتعها الشركات قد تمنح شعوراً لا بأس به بالقدرة على التحكم – ولكنها نادراً ما تكون مفيدة في العديد من مجالات الأعمال غير المستقرة والتي لا يمكن التنبؤ بما يمكن أن يحدث لها. ويشكل التغير السريع في توجهات المستهلكين والأعراف الاجتماعية، وتوقعات الاستدامة،

والتطورات الجيوسياسية، إضافة إلى حالة عدم اليقين التي تكتنف الاقتصادات حول العالم، جميعها عوامل تزيد من الضغط على الشركات للقيام بالمزيد وبشكل أسرع دون زيادة التكاليف. ولهذا فإن تحديد هدف معين ومن ثم العمل على تحقيق القيمة المتوقعة بشكل متكرر خلال فترات زمنية أقصر، سرعان ما يصبح الطريقة العملية الأفضل للاستجابة للمتغيرات. ويمكن أن يساعد هذا النهج الشركات على التعلم بسرعة، وتحقيق قيمة أكبر بناءً على توقعات أكثر دقة. إن الفجوة بين القدرة على الاستجابة السريعة وتوقعات المستهلكين تزداد اتساعاً بالنسبة للشركات التي تتمسك بأساليب العمل التقليدية. ونتيجة لذلك، ستواجه هذه الشركات تحدياً في عدم القدرة على استقطاب الموظفين والاحتفاظ بهم. وهذه دعوة لأولئك الذين يقودون رحلة التحول في شركاتهم، إذا لم تسرّع وتيرة تحولك، فمن المحتمل أن تتفوق عليك العديد من الشركات التي قامت بتسريع تحولاتها بنحو عامين ونصف في المتوسط. إضافة إلى ذلك، تستحوذ الشركات الناشئة التي نجحت في الدخول إلى السوق مؤخراً على حصة جيدة. ووفقاً للدراسة، فقد قال نحو نصف قادة الأعمال إن الشركات الجديدة في السوق كانت قادرة على التحرك بشكل أسرع نحو تبني التقنيات السحابية واستحوذت على حصة لا بأس بها في السوق.

والأمر الملفت للنظر بشكل خاص في هذه الدراسة، هو أن غالبية القادة يدركون أن أكبر تهديد لازدهار أعمالهم ليس التغيير، وإنما الوضع الراهن. و أصبحت الشركات الآن في وضع أفضل للحفاظ على الازدهار في المشهد التنافسي الجديد. وقال 69٪ من صنّاع القرار في مجال الأعمال أن لديهم استراتيجية واضحة لاغتنام الفرص.

وأفاد العديد من قادة الأعمال الذين شملتهم الدراسة بأن شركاتهم تمكنت من التأقلم مع التحديات وتبنت المرونة كميزة تنافسية، إضافة إلى التعلم بسرعة من خلال التعاون مع عملائها بدلاً من تطبيق خارطة طريق غير مدروسة بناءً على الافتراضات والتكهنات – نظراً لعدم امتلاكها خارطة طريق مسبقة توجههم. ويعود نجاح بعض الشركات وإخفاق بعضها في التعامل مع التحديات التي فرضتها الجائحة إلى مزيج من الثقافة والقيادة والتقنيات المعتمدة. وقد كانت الأزمة بمثابة جرس انذار للكثير من الشركات بأن اتخاذ القرارات وفق مستوى عالٍ من المرونة استناداً إلى توجهات العميل يتفوق في النتائج على القرارت التي تتم وفق وتيرة بطيئة وتقليدية. ولا يقتصر الأمر هنا على الاستجابة للأزمات فحسب، بل يتعلق بالاستجابة المستمرة لمتطلبات العملاء وسُبُل إسعادهم. وعلى الرغم من أن 90٪ من الشركات تواجه صعوبات في فهم وتلبية المتطلبات الجديدة للعملاء، إلا أن 50 ٪ فقط من الشركات تتوقع أن تستمر أعمالها في التحول. فرحلة التحول لا ينبغي أن يكون لها نهاية، وإلا فإن الوضع الراهن سيسود من جديد.

بقلم فيل لو برون مدير استراتيجيات الأعمال في أمازون ويب سيرفيسز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *