غادرنا قبل أيام القمر الأزرق، وهو الذي يُربط ظهوره عادة بإقامة الأولمبياد في نفس تلك السنة، ويقدر الفلكيون ظهوره مرة أخرى عام ٢٠٢٤م وهو نفس العام الذي سوف تقام به أولمبياد”باريس ٢٠٢٤”. وكما شهدت طوكيو ٢٠٢٠ بزوغ عدد من نجومنا الأولمبيين الشباب الذين كنا نتابعهم بكل حماس قبل شروق الشمس، فإن الطموح لتقلد العديد من الميداليات ورفع الكؤوس ﻻ يزال مطلب جميع السعوديين قيادة وشعباً، كيف ﻻ! والقطاع الرياضي يشهد إشرافاً من دون كلل من قِبل سمو سيدي الأمير محمد بن سلمان وبمتابعة دقيقة من سمو وزير الرياضة الأمير عبدالعزيز بن تركي الفيصل، إذ يُعد تحقيق التميز في عدد من الرياضات أحد مستهدفات رؤية المملكة ٢٠٣٠.
إذن ما الذي تحتاجه رياضتنا لسطوع ضوئها في المحافل الرياضية؟
بداية، سوف يتمحور حديثنا اليوم على تطوير أداء الرياضي؛ كونه الأساس في المنظومة الرياضة وسوف يكون لي حديث عن تطوير المنشآت وخلافه في حديث آخر، وكما للقمر مسار يمشي به ويتنقل بين أطواره قبل أن يصبح بدراً فإن مسار الرياضيين الأولمبيين ينطبق عليهم نفس المبدأ، إذ قد يصل مسار صقل الموهبة إلى ٨ سنوات. وهذا الإعداد ﻻ يعد بالأمر الهين ناهيك عن الحجم الجغرافي الكبير للمملكة مما قد يُصعّب من عملية التواصل بين الأطراف ذوي العلاقة بالقطاع الرياضي. لذلك، فإن إنشاء إدارة للطب رياضي شاملة على المستوى الوطني معنية بمتابعة الحالة الصحية والأداء الرياضي للرياضيين الأولمبيين ورياضيي النخبة بالاتحادات والأندية من قِبل مختصين من أبناء الوطن الشغوفين، سوف يُسهم بتحقيق هذا المستهدف الطموح كونها سوف تقوم بربط جميع رياضيي النخبة ضمن مجموعة واحدة.
إن تواجد إدارة طب رياضي بالاتحادات والأندية الرياضية متصلة بإدارة مركزية مختصة وفاعلة ذات رؤية طويلة الأمد لا تتأثر بتغيّر إدارات مجالس الاتحادات والأندية الرياضية كل دورة أولمبية وبإشراف من وزارة الرياضة واللجنة الأولمبية العربية السعودية أصبح ضرورة مُلحّة في الوقت الراهن لمواكبة التطور المتسارع الذي تشهده بروتوكولات الوقاية من الإصابات والأمراض الرياضية وبرامج تطوير أداءالرياضيين
وكما لا يخفى على الجميع إن وجود إدارة مركزية للطب الرياضي على المستوى الوطني سوف يرفع من جودة الحياة لدى رياضيي النخبة تحديداً وأبناء المجتمع السعودي الذي يشهد اهتماماً بممارسة الرياضة بصورة عامة كونها سوف تُسهم بنشر أفضل الممارسات التدريبية والبرامج الوقائية لجميع الرياضيين. علاوة على أن بعض الفرق الرياضية ليس بإمكانها توفير طاقم طب رياضي متكامل لديها لنشر أو تقديم أفضل خدمة ممكنة لرياضييها المنتسبين وبالتالي، يتم الرجوع لتلك الإدارة لطلب المشورة لتعويض أي نقص يحتاجونه. ويتكون فريق الطب الرياضي عادة من الأطباء، أخصائيو العلاج الطبيعي والتغذوي، وعلماء علوم الرياضة من المعدين البدنيين ومحللي الميكانيكا الحيوية وعلم النفس الرياضي وفسيولوجيا الجهد البدني، وغيره.
وختاما فإن العوامل الإيجابية التي يشهدها القطاع الرياضي كتحول هيئة الرياضة إلى وزارة وما شهدناه من إطلاق برامج نوعية لمؤشر إيجابي نحو التوجه إلى المسار الصحيح لتوحيد جهود العديد من الكيانات بالقطاع والمبادرة في إنشاء إدارة للطب الرياضي بأيدي أبناء الوطن تُعنى بالأداء العالي بها قاعدة بيانات موحدة للرياضيين تحتوي على فحوصاتهم الطبية وقدراتهم الجسدية من كلا الجنسين بهدف تطوير أدائهم الرياضي لسوف يُسهم، بإذن الله، في تطوير رياضتنا السعودية.