ما بين برحرح شمالاً إلى قرى بالشهم جنوباً بمنطقة الباحة يمر الطريق السياحي الذي يرتمي في أحضان الطبيعة الخلابة بمناظرها الآسرة بين الأودية الرائعة والجبال المدهشة وتشكيلاتها البديعة .
حيث تصافح الوجوه -في بداية الرحلة- أودية وقرى دوس العريقة ، إذ يستلهم السائح جانباً من التاريخ المجيد وما دار في تلك المواقع من أحداث حفظها الزمن لتحكي للأجيال قصة دخول المنطقة في الإسلام، وتقدم فصولاً عن مشاهير دوس في ذلك الزمن من الصحابة الأجلاء الذين كانت لهم مواقف مشرفة في صحبة الرسول عليه الصلاة والسلام وكذلك خدمة الإسلام.
فجمال التاريخ اقترن بجمال الطبيعة البديعة ، حيث اكتست الأرض هناك بالاخضرار ، فغدت كبساط سندسي يغطّي القمم والسفوح والوديان تظهر من بينها الينابيع الصافية وتنساب من خلالها الجداول الرقراقة ، خاصة بعد مواسم الأمطار فأصبحت تمثل لوحة ربانية فريدة .. وعلى حافتي الطريق تشدك القرى التراثية والحصون الأثرية لمعرفة الماضي وتأسرك الغابات بأشجارها المتنوعة وشجيراتها الكثيفة وزهورها العبقة وشذا عطرها الفواح .
الطريق يزداد روعة بروعة المناظر التي أبدعتها يد الخالق العظيم جلّ جلاله ، فيعيش الناظر لحظات مبهجة مع ابتسام الطبيعة وشدو الأطيار وتراقص الأغصان وانتشاء الأزهار على امتداد الشعف وهي المواقع المعتلية للجبال الانكسارية المطلة على تهامة ، والتي تكسب معدلات أعلى من الأمطار فغدت بهذا الجمال الفتان !
ومن هناك ينطلق المسير على امتداد الطريق من المندق إلى بني حسن وبيضان إلى غابة رغدان مروراً بغابات بني ظبيان وصولاً إلى بلجرشي ومنها إلى آخر قرى بالشهم ، حيث الروعة والإحساس بفيض السعادة والوجوه تصافح الضباب وتغتسل بزخات الأمطار ليل نهار . فهنا تغني الطبيعة بحسنها وكثرة غاباتها وتنوع أشجارها وشذو ورودها التي تضمخ الأجواء .
وهنا ينطق التاريخ وتتحدث الآثار لنستلهم أيضا جوانب مضيئة لبعض صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم الكرام من هذه الديار الذين سطروا صفحات ناصعة في البطولة والفداء.
فلو يمنت شرقاً أو يمّمت غرباً لوجدت مواقع رائعة في أغلب جهات المنطقة فهنا الطبيعة الآسرة والتاريخ الحافل والآثار العريقة وهنا التراث الشعبي النابض !!
وعلى الرغم من وجود هذه المقومات الرائعة وهذا الاكتناز ورغم التسهيلات الكبيرة من مقام إمارة المنطقة إلا أنه يغيب دور المستثمر كما يجب ، حيث لا نرى سوى استثمارات صغيرة ومحدودة لا ترقى إلى المستوى السياحي المأمول .
ومن المناسب لو تبادر الغرفة التجارية الصناعية بالباحة بترتيب زيارة خاصة قريباً لعدد من كبار رجال الأعمال والمستثمرين في المملكة لمشاهدة المنطقة على الطبيعة والاطلاع على الفرص المتاحة، لا سيما وأن التسهيلات ميسرة والدعم من هيئة السياحة قائم وأي مشروع سيكون ناجحاً بإذن الله في ظلّ الإقبال المتزايد الذي تشهده المنطقة، على مدار العام.
alnasser1956@hotmail.com