في بدايات زمن الكورونا .. دار نقاش بيني وبين احد موظفي خدمات العملاء في بقالة تسوق كبيرة بخصوص ارتفاع سعر طبق البيض .. وبالطبع كنا انا وهو نرتدي الكمامات .. فهو لا يرى ملامح وتعابير وجهى .. ولا انا ارى ايضا تعابير وجهه .. ويبدو انه لم تعجبه كلمات امتعاضي في رفع سعر طبق البيض .. ظنا منه اننى غاضب بشدة .. فانبرى لي وقال: تقدر تشوف بقالة اخرى .. فاضطررت لرفع الكمامة واقول له بابتسامة .. انا لست غاضبا ولكننى معاتبا .. فانت لم تر ملامح وجهي .. وبدوره هو ايضا رفع الكمامة واعتذر بابتسامة عريضة ..
لقد انتهى الموقف بسلام عندما شاهد كل منا تعابير وملامح وجه الآخر .. وتبادلنا الابتسامات .. لان المشاعر الانسانية المتبادلة .. ايجابية كانت ام سلبية .. فهي شديدة العدوى بين البشر .. ولكن ولله الحمد هذه المرة كانت عدوى الابتسامة ايجابية ..
يقول احد علماء الاجتماع بجامعة هارفارد .. ان مشاعر وعواطف وانفعالات موظفي البيع والخدمات تنتقل عدواها .. سلبا او ايجابا .. الى العملاء وفق الحالة النفسية التي يتعامل بها الموظف معهم .. فالموظف المتحمس والنشط والسعيد .. سيكون قادرا على بث هذه المشاعر الايجابية الى عملائه .. بعكس الموظف الخامل الكسول او المحبط وغير السعيد .. سيبث مشاعره السلبية وحالته النفسية التى هو عليها الى العميل .. وفى ذلك تاثير مباشر وقوي علي قرار عمليتي البيع والشراء ومدى رضا العميل عن السلعة او الخدمة المقدمة له .. بل الصفقة كاملة ..
وتشير الدراسات الى ان عدوى المشاعر السلبية اقوى من عدوى المشاعر الايجابية واسرع فى الانتقال الى الشخص المقابل .. مثل الالم والخوف والتوتر والحزن والاحباط الخ .. حيث ان هذه المشاعر لها علاقة بالامن والامان والسلام النفسي والحياة والنجاة .. ولان الدماغ او المخ البشري متيقظ ويرتبط ارتباطا وثيقا بحماية الانسان فهو مؤهل لاستقبال هذه المشاعر السلبية بسرعة فائقة حتي يستطيع ان يتجنب المخاطر المحدقة به فى الوقت المناسب.
وتجدر الاشارة .. الى ان المشاعر السلبية يمكن ان تنتقل عدواها الى المجموعات ايضا .. ويتجلى هذا الامر في المنشآت نتيجة سلوك الرؤساء والاداريين فى الادارة .. فتنتقل عدوى سلوك الاداريين الى مجموعة كبيرة من الموظفين .. فاذا كان المدير متجهما عنيفا وفظا غليظ القلب .. يكون من نتاج ذلك ان يتحول مجموعات كبيرة من الموظفين الى الغلظة والتعامل الشرس مع بعضهم البعض .. وينتقل هذا السلوك الى الاسرة والشارع .. فما بالك بكوادر التمريض والاطباء في المستشفيات .. والفرق الرياضية وموظفى البيع والخدمات .. وغيرها كثير ..
وتنتقل عدوى المشاعر الى الآخرين بطرق مختلفة . عبر الهاتف او الحديث العابر اثناء تحايا الصباح .. واكثرها شيوعا هذه الايام هي وسائط التواصل الاجتماعي .. عن طريق تبادل الرسائل الصباحية المحبطة والاخبار السيئة الحزينة والمزعجة في العالم والتى تحمل المشاعر السلبية .. وتنتقل عبر قراءتها الى الطرف الاخر .. لذلك يجب الابتعاد عن تبادل الاخبار السيئة والمحزنة والمحبطة فى كل الاوقات .. بل تجنب قراءة رسائل الاشخاص المغرمين بهذا النوع من الاخبار .. حيث يتقنون نقل عدوى مشاعرهم السلبية الى الآخرين دون ادراك منهم ..
واخيرا ينصح .. علماء النفس وعلم الاجتماع .. كل من يعانى من المشاعر السلبية وذوي المزاج المتقلب .. ان يتجهوا الى الاختصاصيين طلبا للمساعدة للتغلب علي هذه المشاعر المتقلبة والسلبية .. وعدم نقل عدواها الى الآخرين.