جدة – عبد الهادي المالكي
هي هدايانا المحببة وعنوان الضيافة في مناسبات الأعياد والأفراح والزيارات .. أصنافها مبهجة للنفوس ، وأشكالها تغازل العيون ..لأنها ببساطة محبوبة الجميع ، ومعشوقة الصغار والفتيات والنساء على وجه الخصوص ، لذا لا غرابة أن تقدر أسواقها في العالم بأكثر من مئة مليار دولار ، ويتوقع ارتفاعها إلى نحو 160 ملياراً خلال أعوام قليلة قادمة بحسب تقارير متخصصة، بعد إنتاج المزيد من الشوكولاتة الخالية من السكر والجلوتين. إنها الشوكولاتة التي يصادف بعد غد السبت يومها العالمي.
وبهذه المناسبة نتعرف على هذا المنتج الغذائي ، الذي أصبح صناعة عالمية بفنون مبهرة لأصنافها ومذاقتها وفوائدها الصحية، ومكونا محببا لقائمة متنوعة من الحلويات في المملكة وأسواق العالم.
كما هو العشق البشري للشوكولاتة في العالم ، سجلت المملكة سطورا في هذه القصة بنمو الاستثمارات وتميز أسواقها ومعروضاتها من الشوكولاتة والحلويات بشكل عام، ضمن تميز المنتجات وأنشطة السوق السعودية الأكبر في المنطقة ، واستيعابها أيضا لواردات الشوكولاتة من أشهر الدول المنتجة في العالم.
فطبقا لبيانات محدثة للمركز الوطني للمعلومات الصناعية والتعدينية قبل أيام ، بلغ حجم الاستثمار في صناعة الحلويات والشوكولاتة في المملكة 35 مليار ريال، تم ضخها في 1066 مصنعاً، حتى منتصف يوليو ، وتبلغ نسبة المستثمرين السعوديين في القطاع 92 % ، وهي أرقام تؤكد المستوى المرتفع للإقبال على منتجات الشوكولاته والحلويات ، وحضورها في السلوك الغذائي لشرائح واسعة من المجتمع ، ورقي الضيافة ورمز المحبة في العادات والتقاليد والمجاملات والمشاركات الاجتماعية.
وتفصيلا لطبيعة استثمارات صناعة الحلويات في المملكة ، جاءت مصانع (الجاتوه) و(البيتيفور) والكعك أولاً بـ 235 مصنعاً باستثمارات تصل إلى 11.9 مليار ريال، ثم مصانع (البقلاوة) و(الكنافة) والمعمول بـ 430 مصنعاً يبلغ حجم استثمارها 9.2 مليارات ريال، وحلّت مصانع الكاكاو على شكل كتل أو معجون ثالثة بـ 134 مصنعاً وصل حجم استثمارها إلى 5.6 مليارات ريال، تليها مصانع الحلويات السكرية التي بلغ عددها 123 مصنعاً باستثمار يفوق 3.3 مليارات ريال.
أما عدد مصانع الشوكولاتة البيضاء ، فيبلغ 73 مصنعاً بإجمالي استثمارات يزيد على 3.2 مليارات ريال، وبحسب نوعية المنتجات النهائية جاءت مصانع معمول التمر في المرتبة الأولى بـ 81 مصنعاً، ثم مصانع الشوكولاتة بـ 55 مصنعاً، وحلّت مصانع الكيك ثالثة بـ 43 مصنعاً ، ومن الجيد في خارطة هذه الصناعة نمو حصة المنشآت الصغيرة إلى 36%، و14% للمنشآت المتوسطة.
هل من مزيد؟
الأرقام السابقة لا بد وأن تأخذنا إلى آراء المستثمرين عن هذه الصناعة والصانعين والأسواق، حيث قال فارس العنزي صاحب مصنع شوكولاتة إن تنوع مصانع الشوكولاتة محليا يعكس جدوى الاستثمار في قطاع الحلويات ومنها الشوكولاتة ، بل تطورها لتشمل أنواع عضوية وخالية من السكريات لتناسب شرائح من المستهلكين صحيا ، وكذا مايناسب صحة الأطفال الذين بطبيعة الحال أكثر إقبالا عليها ، كما أن التنوع وابتكار أصناف جديدة له دور هام في النهوض بالمصانع المحلية بأن تكون صحية اكثر ومنها الشوكولاتة الباردة ، واستطيع التأكيد بأن مايميز المنتج المحلي من الشوكولاتة ، مثل كافة الصناعات السعودية ، الجودة والأسعار ، لكن السوق كبيرة والمصانع المحلية للشوكولاته لاتغطي سوى نحو 25 % تقريبا ، وهي فرصة كبيرة للمزيد من الاستثمارات.
المرأة والمناسبات
سألت رجل الأعمال فارس العنزي عن موقع المرأة في صناعة الحلويات ، فقال إن موضوع عمل المرأة في مصانع الشوكولاتة مهم ، لأنها بطبيعتها ذواقة للشوكولاتة بدرجة كبيرة ، ومبدعة في صناعة الحلويات وبالتالي لها بصمة في منتج الشوكولاتة ، ولهذا كل مصنع استثمر جهد الكوادر النسائية السعودية وجدوا خيرا كثيرا ، وكذلك في التسوق عادة للعنصر النسائي الرأي الأهم في الاختيار وقرار الشراء.
ويشير مستثمرون بقطاع الحلويات إلى ان ذروة مبيعاتها يكون خلال موسم عيد الفطر الذي يمثل أكثر من 40 % من إجمالي المبيعات، ويبلغ حجم السوق نحو 6 مليارات ريال، أما الأسعار فتخضع لمعادلة العرض والطلب والجودة وبلد المنشأ.
هرمون السعادة
ينصح الكثير من خبراء التغذية بتناول الشوكولاتة، خاصة الداكنة منها، لفوائدها العديدة ومنها رائحتها المحفزة لموجات” ثيتا ” حول الدماغ التي تجعل الجسم في حالة استرخاء، وهي غنية بالحمض الأميني الذي يساعد على إفراز هرمون السعادة “السيروتونين” ، وبالتالي تساعد في مواجهة اعتلال المزاج ، كما تحتوي على مضادات للأكسدة تساعد على خفض ضغط الدم في القلب والأوعية الدموية.
لذا يوصي الخبراء بدمج الشوكولاتة في النظام الغذائي الصحي المتوازن مع مراعاة تناولها باعتدال حتى أثناء اتباع حمية غذائية أيضاً ، لافتين إلى أن الحظر التام للشوكولاتة قد يؤدي إلى زيادة النهم تجاهها عملاً بمبدأ “الممنوع مرغوب”.
وتشكل نسبة الذين لا يحبون الشوكولاتة 4% ، بينما يعشقها 96% من الناس في العالم ويختلف الإقبال عليها حسب رغباتهم وقدراتهم ومناسباتهم.
رحلة الشوكولاتة
عرف العالم شجرة الكاكاو قبل الميلاد ، لكن أول مصنع شوكولاتة تم افتتاحه في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1765 م بولاية ماساتشوستس. وفي عام 1828 اخترع الكيميائي الهولندي “فان هوتين” أول ماكينة لإزالة نصف الدهون الطبيعية من الكاكاو المر ، وتحويله إلى قوالب ، وانخفضت أسعارها لأزمنة عديدة ولم تعد محصورة على الأغنياء ، واصبحت مرغوبة بشكل كبير في انحاء العالم ، لتتقدم صناعة الشوكولاتة وزيادة الإنتاج بالتقنيات الحديثة.
وبعد أن عرفت أوروبا الشوكولاتة بدأت في تطوير نكهاتها وأنواعها المختلفة ، وإلى جانب المانيا وسويسرا ، تشتهر بلجيكا في صناعة الشوكولاتة على مدار قرن و نصف ، ويوجد بها متحف كبير يحتوي على مجسمات من الشوكولاتة توثق اختراعات الأصناف واسمائها ، ومنها الشوكولاتة المرة ، وذات المذاق الحلو ، والشكولاتة بالحليب ، والشوكولاتة البيضاء والداكنة.