يستخدم النظام الإيراني وسائل غير إنسانية لتنفيذ مشروعه الإجرامي بالمنطقة والعالم، ولا يكثر بالآثار الإنسانية المدمرة لشباب العديد من البلدان التي يستغل فيها الملالي الأطفال كأداة دروعا بشرية في مناطق الحروب والنزاعات، خارقين بذلك القانون الدولي والإنساني، في تجنيد الأطفال، دون السن النظامية في العمليات العسكرية، وتشجيع الميليشيات التابعة لها على هذا السلوك، لفرض هيمنتها طويلة الأمد على مناطق تأثيرها، وبتكاليف زهيدة، وفقا لما رصدته المنظمات الحقوقية والإنسانية.
وظل تجنيد الأطفال متأصلا في فكر النظام الإيراني منذ الحرب العراقية – الإيرانية، طبقا لكتاب «الضحايا الصامتون.. إيران وعسكرة الأطفال في الشرق الأوسط»، الذي أصدره باحثان في المعهد الدولي للدراسات الإيرانية (رصانة) بالرياض، مؤكدين أن تلك الحرب كان عمادها الشباب الإيراني دون سن الرشد، بينما جرى تصدير هذا الفكر إلى البلدان العربية، حيث تتشابه أدبيات الأحزاب والميليشيات في الاعتماد على التجنيد والقوة البشرية واستغلال الأطفال بكثافة.
وتستغل إيران حاجة المجتمعات الفقيرة للمال، كما تعمد إلى تسخير المساعدات والأنشطة الخيرية والكشفية لتجنيد الأطفال، حيث تمثّل العناصر الشابة بيئة جاذبة للتجنيد والاستغلال، مقارنة بالبالغين. وبرغم التقارير الأممية، والقوانين التي تحرّم استخدام الأطفال ما دون الثامنة عشرة في العمليات العسكرية، وتعتبر تجنيد الأطفال ما دون الخامسة عشرة جريمة من جرائم الحرب، إلَّا أنَّه لا تتوفر أدوات ردع للضغط على تلك الممارسات ومعاقبة مرتكبيها حتى الآن.
ويرى الباحثان اللذان ألفا الكتاب اللواء/ م. أحمد الميموني، والأستاذ سعد الشهراني، أن إيران تستخدم الأطفال في العمليات العسكرية، وخدمة المصالح الإيرانية، وجعل صراعاتها على أراضٍ غير أراضيها وبتكاليف قليلة؛ كما تسعى إيران لزرع كيانات وأفراد يخدمون مصالحها في المستقبل، بصرف النظر عن مصلحة أوطانهم.
ولفت الشهراني إلى أن نظام الملالي ومليشياته المنتشرة في المنطقة تعمل على «عسكرة المناهج التعليمية»، لاستقطاب صغار السن وتسميم عقول الأطفال بالأفكار الإرهابية، مبينا أن هناك مؤسسات تابعة لمليشيات طهران قائمة على تبنِّي فكر التجنيد كأحد وسائل النظام الإيراني منذ بدء الثورة الإيرانية؛ لترسيخ المفاهيم العَقَدِيَّة التي تخدِم منهجَه وتدعم استمرارية مشروعه.
وأشار إلى أن الميليشيات الإيرانية ترتكب فظائع في البلدان العربية بالزَّج بالأطفال في صراعاتٍ عسكرية نتيجتها تعريضُهم للقتل أو الإصابات، والعمل ضدَّ مصالح أوطانهم وتدمير مستقبلِهم، كمنهجٍ غير إنساني وله آثارا نفسية واجتماعية يتحمَّلها الطفل المجنَّد، كما يحدث في اليمن وكذلك لبنان، إذ أشار الكتاب في فصله الثاني بعنوان «حزب الله وتجنيد الأطفال في لبنان»، إلى «حزب الله» أداةٌ لنشر مفاهيم الثورة الإيرانية، ونشاطات الحزب الإرهابي الخفية في تجنيد الأطفال، ثم أثرُ العقوبات الدولية في الحزب وعمليات التجنيد.
ولم يتوقف تجنيد طهران للأطفال عند اليمن ولبنان، إنما امتد إلى سوريا، وفقا لكتاب «الضحايا الصامتون»، الذي رصدَ أعمال ميليشيات إيران وتجنيد الأطفال في سوريا، عملياتِ واستخدامَ المجنَّدين الأجانب من باكستان وأفغانستان. واستعرض أفعال مليشيات وفصائل طهران الإجرامية تجاه أطفال سوريا، والسياسات الإيرانية الناعمة للسيطرة على المجتمع السوري.
ميليشيات الملالي في العراق لاتعمل بمعزل عن نظيراتها في الدول الأخرى، إنما تنفذ الأجندة ذاتها وتجند الأطفال في العراق، وفقا للكتاب، الذي استعرضَ إخضاعَ العراق للتأثير الإيراني ومليشيات الملالي، وتجنيد الأطفال؛ منوها إلى أن ذلك شكل الواقع (الحربُ العراقية – الإيرانية) ، وما كان يُشار إليه في الأدبيات العسكريَّة بالموجات البشريَّة؛ للتعويض عن تفوق الجانب العراقي في الأسلحة والتكتيك العسكري، وكان أغلب مكونات تلك الموجات من الشباب والأطفال.
وفي ظل تمادى إيران في تجنيدها للأطفال واستخدامهم كدروع بشرية في مواقع القتال، تقف يقف المجتمع الدولي ضد هذه العمليات الإجرامية التي يجرمها القانون الدولي، طبقا لما ورد في الكتاب، مع إشارة تجنيد الأطفال له آثارا مدمرة، بينما هناك جهود كبيرة يبذلها المجتمع الدولي لحماية الأطفال.