جدة – ياسر بن يوسف – تصوير- خالد بن مرضاح
شكل تطور مفهوم الطهي عالمياً أهمية في حياة الشعوب عبر العصور، وبرزت من خلالها ثقافاتهم فالطهي قصة بدأت فصولها قبل مئات آلاف السنين، وتسارعت بشكل مدهش في العصر الحديث، وتداخلت فيها احتياجات الإنسان الأساسية بالعلوم والاقتصاد والعمارة والمفاهيم الثقافية المختلفة.
وبما أن المملكة تمتلك تنوعاً ثقافياً وحضارياً وتنموياً فقد حقق المطبخ السعودي حضوراً في المعارض العالمية لا سيما أنه من أكثر المطابخ تنوعاً في دول الشرق الأوسط نظراً لاتساع الرقعة الجغرافية للمملكة وثراء وتنوع المنتجات البحرية والزراعية واختلاف العادات والتقاليد، إلى جانب توافد المعتمرين والحجاج طوال العام وانتعاش قطاع السياحة لكون المملكة ملتقى للحضارات الإنسانية عبر التاريخ.
ونضج المطبخ السعودي خلال السنوات القليلة الماضية بفضل نشاط العاملين فيه وظهرت معالمه في جوانب ثقافية واقتصادية ومجتمعية تتجاوز كونه مجرد اكلات، وبرزت أسماء ناجحة من الشباب والفتيات في إدارة المطاعم والتي تقدم الأكلات التراثية.
ومن النماذج التي كتبت اسمها في عالم الدسم مجموعة من الشباب والفتيات السعوديين أعادوا الوهج للأكلات الشعبية القديمة مختص بالأكلات التراثية لأهالي جدة القديمة. يقول صاحب ومؤسس والمدير التنفيذي للمطعم حلمي رشاد عن حكاية عشقه للأكلات التراثية: أعمل في مجال التطوير العقاري وفي إحدى الرحلات العملية لمدينة دبي في عام ٢٠١٥ انهيت اجتماعي قبل موعد الرحلة بـ ٦ ساعات تقريبا فقررت الذهاب الى منطقة “الجي بي ار” لتمضية الوقت في احدى المطاعم ولحظتها خطر ببالي وجبة فول حجازي فبحثت عن مطعم يقدم الاكلات التراثية السعودية و لم اجد، ووقتها قررت أن اكتفي بفنجان قهوة لحين موعد الرحلة، وبعدها انتقلت الى المطار غير أن الرحلة تأجلت، واثناء الانتظار بحثت عن أغنية أهل أول للفنان محمد الحداد ومن تلك اللحظة دخلت في مسألة عصف ذهني من اجل افتتاح مطعم للوجبات التراثية السعودية يكون كافة طاقمه من الشباب السعوديين.
وعن الوجبات التراثية السعودية قال: كانت الفكرة وما زالت تتمحور في تقديم الاكلات التراثية والمطعم لا يسعى للربح فحسب بل إن جميع العاملين فيه يتطلعون إلى تكريس الوجبات التقليدية من خلال وتعريف الاجيال الجديدة بثقافة المطعم التراثي.
وعما إذا كانت الفكرة قد وجدت ترحيبا من قبل المحيطين به قال: في البداية تخوفت والدتي من فكرة المطعم لأن صناعة الطعام وادارة المطاعم ليست من تخصصي، حينها تذكرت حكاية أحد مشاهير التطوير العقاري الذين لم تكن مهنة العقار من صميم تخصصهم .. استخرت الله وقررت أن استفيد من خبرتي العملية والادارية في ادارة المشاريع وأن اتعامل مع الفكرة كأي مشروع توضع له رؤية وهدف وخطة عملية وميزانية تقديرية . ومما زادني اصرارا ان الفكرة تتجاوز مجرد صنع وتقديم مأكولات الى استعادة و تكريس الوجبات التراثية والتعريف بها ولذلك خططت لكي يقدم المطعم باعتباره تراثيا قائمة طويلة من الاكلات وليس الفول والمعصوب فحسب ، إضافة إلى تغيير الصورة الانطباعية عن الاكل التراثي خصوصا وأن “السفرة” التقليدية تتميز بتنوع اطباقها سواء المقبلات او المعجنات او الاطباق الرئيسية.
وعن كيفية مواجهة المشفقين والذين حاولوا اثنائه عن تدشين المشروع قال: صراحة كل المحيطين بي لا أقول إنهم أحبطوني لكن في كل مرحلة من مراحل تطور الفكرة كانوا يحاولون اعادة توجيهي لمجال عملي السابق التطوير العقاري وان انسى المشروع الجديد ومن هؤلاء العم صديق عطار ـــ رحمة الله عليه ـــ حيث كان دائم المحاولة لإقناعي بالعودة الى مجال التطوير العقاري لكن ايماني بالفكرة كان اكبر محفز لي للمضي قدما لتنفيذها.
وعن مدى تقبل المجتمع لفكرة المطعم التراثي قال: حقيقة تفاعل عملائنا مع الفكرة كان اكبر دافع لتحمل عناء دقة التفاصيل. وداخل المطعم التقينا الشيف أبرار عبد الله المالكي .. هى ايضا حاصلة على البكالوريوس لكنها ارادت تغيير مجالها لتدخل عالم الطهي فبدأت رحلتها بحضور دورات تدريبة في معاهد عالمية منها “كوردن بلو” بالإضافة الى عدة دورات في ايطاليا وجنيف وبعدها بدأت رحلتها العملية لتطبيق ما حصلت عليه من خبرات في اكبر الفنادق العالمية في المملكة وتدرجت إلى أن اصبحت مساعد شيف في فندق سبعة نجوم بمدينة جدة ، وأخيرا التحقت بمطعم ” أهل أول ” في نهايات ٢٠١٧ .. تقول الشيف ابرار :بدأت في تطبيق واستثمار كل ما أملك من خبرة ومعرفه في المطبخ الحجازي لنرتقي بجودة الاطباق المقدمة لعملائنا حرصا مني على تغيير الصورة الانطباعية والذهنية عن المطبخ التراثي من خلال سفرتنا الثرية بالأصناف المتعددة.