متابعات

دور شركات النفط الوطنية في تعزيز جهود إزالة الانبعاثات وتحقيق أهداف الاستدامة

بقلم تشيلي ترينتش
بذلت المملكة العربية السعودية جهودا كبيرة نحو تحقيق إنجازات ملهمة في مواجهة الآثار الناتجة عن التغيرات المناخية، والارتقاء بمستوى الحياة عبر المساهمة في بذل جهود الحفاظ على البيئة والحد من التغير المناخي، ومن المتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة تسارعاً متواصلاً في تبني الاتجاهات وبذل الجهود الحثيثة لضمان استمرارية هذا النهج المستدام بما يحقق أعلى مستويات الفعالية والأداء، وتعد المبادرة السعودية الخضراء استراتيجية المملكة لتحقيق الاستدامة بالتزامن مع تعزيز عمليات التنمية المستقبلية على المستوى المحلي.
ووفقاً لأحد المشاريع البحثية التي شملت مجموعة من شركات النفط في أكثر من 50 دولة، حلت الشركات السعودية، في المقام الثاني من ناحية انخفاض مستوى الغازات الدفيئة الناتجة عن استخراج برميل من النفط، ويعود السبب في تحقيق هذا الإنجاز إلى عوامل متعددة أهمها: خفض عمليات حرق الغاز وتعزيز مستوى كفاءة استهلاك الطاقة وإدارة مستوى انبعاثات الغازات الدفيئة على النحو الأمثل، كما يعتبر تخفيض مستوى انبعاثات الميثان إلى 0.06%، من العوامل الأساسية المساهمة في تعزيز ريادة الشركات الوطنية في المملكة على صعيد خفض مستوى الانبعاثات في القطاع.
وتشير هذه الأمثلة إلى إمكانات النجاح المستدامة في ظل مبادرة السعودية الخضراء، حيث يعتبر خفض مستويات انبعاثات الكربون بأكثر من 4% من الحصة العالمية، بما يتماشى مع الرؤى الطموحة للقيادة السعودية الرشيدة، الإنجاز الأكثر أهمية في هذا الإطار.
وتتمثل المتطلبات الأساسية لفرق العمل في وحدات الأعمال وإدارة الأصول الرجوع إلى خطوط الأساس الحالية للانبعاثات على مستوى الأصول، والحد من الاعتماد على الأفكار غير القابلة للتنفيذ في ظل الأوضاع الاقتصادية غير المستقرة، وبذل جهود استثنائية لتطوير حالات استخدام قابلة للتنفيذ، وضرورة تبني منهجية واضحة ومتكاملة للعمل على وضع الاستراتيجية المثلى للحد من الانبعاثات، ومواجهة التحديات التي تمنع تنفيذ الرؤى والاستراتيجيات المستدامة، نتيجة محدودية الوعي بالأثر على النموذج التشغيلي، والاطلاع على جذب الرؤى والسياسات الخارجية التي قد تتفوق على المفاهيم والرؤى التقليدية، ووضع الخطط الواقعية لإقناع الجهات الشريكة والقائمين على وضع اللوائح التنظيمية بأهمية هذه الممارسات لضمان الاستدامة
ويعتبر الوعي بهذه التحديات أمر غاية في الأهمية، حيث يتطلب من فرق العمل في وحدات الأعمال وإدارة الأصول داخل شركات النفط الوطنية تقييم 5 مجالات أساسية تشمل:  تحديد خطوط الأساس لانبعاثات الكربون: يتوجب على شركات النفط الوطنية في هذا الإطار  التعرف على كيفية قياس هذه الخطوط لتقييم الأداء، عبر تعريف أفضل الممارسات.
وتحديد العوامل المساعدة ووضع المستهدفات: لا بد من فهم العوامل المساعدة الموجودة حاليا ولا بد من وضع الأهداف المتعلقة بكل أصل، فعلى سبيل المثال، يقدم مركز الثورة الصناعية الرابعة في المملكة الرؤى الرقمية  لمراقبة الأصول الرئيسية والتأكد من صلاحيتها وسلامتها، وذلك عبر قياس مدى كفاءة الطاقة ومستويات حرق الغاز والمتابعة المباشرة لمستويات الغازات الدفيئة.
وتطوير استراتيجيات واقعية وقابلة للتنفيذ: يتوجب على شركات النفط الوطنية في هذا الإطار مراجعة مجموعة خطط العمل الواقعية لكل أصل من الأصول، وفي حال عدم وجودها، يترتب بالتالي على الشركات وضع خطط خاصة بها، والالتزام بها بأكبر قدر ممكن.
والحرص على التنسيق المتكامل مع منظومة الجهات الشريكة: يعتبر الاطلاع على العوامل المساهمة في دعم الجهود الهادفة للتخلص من الكربون أمر غاية في الأهمية، ويتطلب النجاح في هذا الإطار تنسيق الجهود وتعزيز التعاون مع منظومة الجهات الشريكة التي تشمل: الموردين وشركات حقوق الملكية والجهات الحكومية المتنوعة.
وإجراء إصلاحات تحويلية والحد من الانبعاثات:  يتوجب على شركات النفط الوطنية اكتشاف أفضل الطرق والمنهجيات اللازمة للاستثمار في الفرص والإمكانات المتاحة، وريادة عمليات التحويل المستدامة وتخفيض الانبعاثات الناتجة عن عملياتها المختلفة.
ومع استمرارية العمل تحت مظلة مبادرة السعودية الخضراء، لا بد من بذل الجهود الحثيثة والمستمرة لتعزيز قدرات وحدات الأعمال وإدارة الأصول، والارتقاء بمستويات أدائها، لمواجهة التحديات التي تفرضها أزمة التغير المناخي. ويعتبر تبني المنهجيات المبتكرة واعتماد المصادر الموثوقة من العناصر الأساسية لتحقيق النجاح في هذا المجال حيث يمكن تحقيق الأهداف المرجوة وتخطي العقبات والتحديات القائمة بالالتزام بالأولويات المذكورة أعلاه.

 

مدير أول وشريك في مجموعة بوسطن كونسلتينج جروب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *