جدة – عادل بابكير
تشهد المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان، مرحلة جديدة من الشراكة الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، بدعم وتوجيهات كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وجلالة السلطان هيثم بن طارق، حفظهما الله، لتعزيز علاقات التعاون الثنائي؛ لما فيه مصالح البلدين والشعبين الشقيقين.
وتنطلق هذه الشراكة من طموحات رؤية ” المملكة 2030″ ورؤية ” عُمان 2040″ وما تهدفان إليه من فرص استثمارية جاذبة، وتقوية ركائز الاقتصاد المستدام، وتحفيز دور القطاع الخاص في التنمية الشاملة بروح العلم والابتكار، وخلق المزيد من الفرص للقوى العاملة الوطنية. يتجه الاقتصاد العُماني ضمن رؤية 2040 إلى بناء قاعدة متينة مبنية على أساس التنويع الاقتصادي القائم على أساس التقنية والمعرفة والابتكار، وتعزيز الترابطات الأمامية والخلفية بين القطاعات الاقتصادية؛ بهدف توسيع القاعدة الإنتاجية والتصديرية، وتنويع الشركاء التجاريين، وتعميق الاستثمار في القطاعات ذات القيمة المضافة العالية، وتعزيز إسهامات القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي. وتؤكد المملكة العربية السعودية على قدراتها الاستثمارية الكبيرة، لتكون المفتاح والمحرّك لتنويع اقتصادها وتحقيق استدامته، فيما يعمل برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية ضمن “رؤية المملكة 2030” على تطوير البنية الأساسية لقطاعاته لتكون أحد أهم عوامل رفع تنافسية المملكة، وجاذبيتها كوجهة مثالية للاستثمار، إلى جانب الاستغلال الأمثل للموارد، وتحسين السياسات والتشريعات الخاصة بالقطاعات لتمكين الاقتصاد الحديث باستثمارات القطاع الخاص السعودي والأجنبي، كما يركز البرنامج على تحسين الميزان التجاري، وإيجاد صناعة محلية تنافس في الأسواق العالمية، وميزات تنافسية مستدامة قائمة على الابتكار الاستثماري وخلق الوظائف.
آفاق طموحة للتعاون
وعلى صعيد العلاقات السعودية العمانية، بدأ مسؤولون والقطاع الخاص في البلدين خلال الأيام الماضية، وضع رؤية تمكّن الجانبين من تحديد مجالات التعاون الاقتصادي المشترك، وطرح مقترحات لتفعيل ومضاعفة التبادل التجاري، وزيادة الفرص الاستثمارية والتركيز على الأنشطة غير النفطية اللوجستية والسياحية، وفي مجال الأمن الغذائي والتعدين والصناعة والصحة والتعليم، بالإضافة إلى تشكيل لجنة مشتركة بين القطاعين العام والخاص على مستوى الوزراء والوكلاء لمتابعة تعزيز سبل التعاون. ويحرص الجانبان على الإسراع في افتتاح الطريق المباشر بين البلدين، الذي سيخفض كلفة الواردات والصادرات، ويسهل السفر والتواصل بين الأفراد والتجار والمستثمرين، وتعزيز القطاعين اللوجستي والسياحي، مما يفتح آفاقًا واسعة تمكّن البلدين من تحقيق الآمال والطموحات التي تستهدفها رؤيتا البلدين، حيث يمكنهما إقامة مشاريع استثمارية مشتركة، إضافة إلى الاستفادة من الميزة النسبية لمينائي صحار والدقم في عُمان، خاصة بعد تدشين الطريق الجديد وكذا في حال إنشاء سكة للقطار، وذلك لقربهما من المنفذ الحدودي بين البلدين، بالنسبة لمنطقة صحار الصناعية، والمنطقة الاقتصاديّة الحرة بالدقم التي تعد أحد أهمّ مراكز الاستثمار الخاص في السلطنة.
ويعد الطريق شبه مكتمل ويجري العمل على إنشاء المرافق اللازمة لتقديم الخدمات لمستخدميه الذين سيقطعون المسافة بين البلدين بنحو 800 كيلو متر في وقت قياسي. وينطلق الطريق البري في الجانب العماني من دوار “تنعم” بولاية عبري بمحافظة الظاهرة حتى منطقة رملة “خيلة” على الحدود مع المملكة بطول (155) كيلو مترًا تقريبًا.. وفي الجانب السعودي يبدأ من تقاطع طريق حرض – بطحاء، ويصل حتى حقل شيبة ثم إلى منفذ أم الزمول على حدود السلطنة بطول(564) كيلومترًا.
الشراكة التجارية
وتعد المملكة من أهم الشركاء التجاريين للسلطنة حيث جاءت خلال العام الماضي 2020 م في المرتبة الثانية في قائمة أهم الدول المستوردة للصادرات العُمانية غير النفطية، وفي المرتبة الرابعة من حيث إعادة التصدير، وجاءت في المركز الخامس في قائمة الدول التي تستورد منها السلطنة، فيما جاءت في المركز الثاني على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي والرابعة على مستوى دول العالم المستوردة للأسماك العُمانية خلال عام 2019م. وتشير إحصاءات المركز الوطني للإحصاء والمعلومات إلى أن إجمالي حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال العام الماضي 2020م بلغ حوالي ( 960) مليون ريال عُماني مقارنة بـ 506 ملايين ريال عُماني في عام 2010م حيث بلغت قيمة الواردات من السعودية في ذلك العام 240 مليون ريال عُماني، فيما بلغت قيمة الصادرات العُمانية 265 مليونًا، منها 182 مليون ريال عُماني قيمة الصادرات غير النفطية و 82 مليونًا قيمة إعادة التصدير. كما تعد السعودية شريكا استراتيجيا في عدد من المشاريع الاقتصادية في عمان، منها تطوير مدينة خزائن الاقتصادية، وفي قطاع الطاقة من خلال محطة الكهرباء المستقلة “صلالة 2″ التي تتكون من تحالف ” أكوا باور” السعودية و”ميتسوي” اليابانية و”شركة ظفار الدولية للتنمية والاستثمار القابضة” العُمانية، وكذلك محطة صلالة المستقلة لتحلية المياه.