الدولية

شرارة ثورة شعبية في إيران

طهران – وكالات

يوماً بعد الآخر تتسع رقعة احتجاجات صناعة النفط والغاز والبتروكيماويات في إيران ، وسط مؤشرات قوية لتحولها إلى ثورة غضب شعبي عارم ، احتجاجا على انهيار الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وتفشي الفساد والعنف المسلح من جانب أجهزة الأمن والحرس الثوري. ويرى المراقبون للشأن الإيراني أن تطور الإضراب إلى اعتصام واسع سيصيب أهم الصناعات الإيرانية بالشلل التام ، وتنذر بخروج الاحتجاجات من الطابع الاحتجاجي العمالي إلى السياسي، خاصة مع تحرك النقابات. وتشهد إيران، منذ 20 يونيو إضراب الآلاف من العمال في صناعة النفط والغاز والبتروكيماويات، بمشاركة أكثر من 60 شركة في 8 مدن إيرانية رئيسية هي الأحواز وبوشهر وهرمزجان وطهران وأصفهان وأذربيجان وكرمان وإيلام، في الإضراب حتى الآن، في «حملة الـ 1400» التي دعا لها عمال العقود «العمالة الموسمية» في عدد من الشركات التابعة لشركات النفط والبتروكيماويات ومحطات الطاقة. وتلجأ وزارة النفط الإيرانية إلى إبرام عقود عبر شركات مقاولات للهروب من توفير الأمن الوظيفي، وأيضا توفير نفقات الرواتب والامتيازات التي تمنح للموظفين الرسميين.
وتشير التقديرات العمالية الإيرانية، إلى أن هناك نحو 120 ألف شخص يعملون في صناعة النفط الإيرانية على أساس عقد «العمل مع المقاول»، بينما يعمل 34 ألفا بعقود مؤقته، وهو ما يكشف أزمة صناعة النفط الإيرانية ، إلى جانب تدهور الأوضاع المعيشية لعشرات الملايين من الإيرانيين الذين يعيشون تحت خط الفقر.

مستقبل أسوأ
وتزامنت الإضرابات الإيرانية مع إعلان فوز إبراهيم رئيسي، بالانتخابات الرئاسية، وهو ما يؤشر على أن الملف الاقتصادي هو الملف الأخطر في الداخل الإيراني الذي يشير إلى مزيد من الانهيارات لمستقبل الاقتصاد، في الوقت الذي تتصاعد في الضغوط على النظام الإيراني في مفاوضات فيينا بشأن الاتفاق النووي مع الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي (الولايات المتحدة، روسيا، الصين، بريطانيا، فرنسا) وألمانيا حول البرنامج الإيراني المرهون بعقوبات أمريكية قوية تلتزم بها الدول وأوجعت الاقتصاد الإيراني. وتشكل صادرات إيران من النفط ومشتقاته والغاز الطبيعي والكيماويات أهم الموارد المالية للخزينة الإيرانية، والتي توفر نحو 90% من احتياجات الحكومة الإيرانية من النقد الأجنبي، وتسعى طهران من أجل ذلك إلى رفع العقوبات عن هذا القطاع.

تكتل المعارضة
وتحظى الإضرابات العمالية لقطاع النفط بدعم كبير من قبل النقابات والنشطاء والحقوقيين، والأمير رضا بهلوي الثاني، الابن الأكبر لشاه إيران محمد رضا بهلوي، ومنظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة.
وأصدرت أكثر من 80 نقابة ونقابة عمالية في مختلف البلدان الأعضاء في شبكة النقابة العالمية للتضامن والنضال بيانًا يدعم العمال ومجلس تنظيم إضرابات عمال عقود النفط في إيران ، كذلك دعم الأمير رضا بهلوي الاحتجاجات على مستوى إيران، لعمال النفط والغاز، ودعا هؤلاء المتظاهرين إلى الحفاظ على تضامنهم. كما دعمها الرئيس الإيراني السابق محمود احمدي نجاد، والذي يوجه انتقادات لاذعة للنظام ، قائلا في بيان له» اضرابات عمال النفط مشروعة، وليس من الصعب الاستجابة لهذه المطالب» ، محذرا النظام من عواقب وخيمة في حالة عدم تلبية المطالب الشعبية ، واتهمه بتفشي الفساد في البلاد وخسائر 10 ملايين دولار لقطاع النفط بفعل عمليات تهريب البنزين. كما دعت زعيمة المعارضة الإيرانية في الخارجية مريم رجوي، في بيان لها، جميع العمال والشباب إلى دعم اضراب عمال النفط، مضيفه «استمرار الإضرابات والاحتجاجات العمالية يشير إلى إرادة عموم الشعب في إسقاط النظام الذي هو السبب الرئيسي للفقر والتضخم والبطالة بنشره الفساد الممنهج والنهب وإهدار المال العام بنشر الحروب والإرهاب والمشاريع النووية والصاروخية خلافا للمصالح الوطنية». ويؤكد المراقبون أن أزمة عمال النفط في إيران تؤشر بوضوح على الأزمات التي تعيشها إيران، فإذا كان النظام غير مدرك لخطورة الأمور وتصاعد الاحتجاجات كما حدث في 2017 و2019 وهي احتجاجات غلب عليها الطابع الاقتصادي، ورفع شعار «لا سوريا.. لا حزب الله» في إشارة إلى الأموال التي يتم انفاقها من قبل النظام الإيراني على مشاريعه الخارجية ودعم الميليشيات، فإن النظام سيواجه ثورة مزلزلة لأركانه ومصيره ، مشيرين إلى أن اتساع رقعة الاضراب عن العمل في مناطق عديدة من إيران أثار ذعر النظام ومخاوفه خاصة فأنها تأتي بعد المقاطعة الواسعة غير المسبوقة التي‌ شهدتها انتخابات الملالي قبل 10 أيام لأنها توحي بانطلاق مرحلة جديدة من الحراك الشعبي‌ وإرهاصات ثورة لتغيير نظام الملالي الذي يواجه صراعات متزايدة بين أجنحته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *