القيم في الأساس تمثل القاعدة التي يقوم عليها السلوك يتشرّبها الصّغار عادة من الكبار من خلال التربية والمعايشة والاحتكاك بهم واستبصار واقعهم ومتابعة أعمالهم. كما أن الشعور بالمسؤولية يعد من القيم الهامة للفرد تجاه نفسه وأسرته ومجتمعه وأمته ودينه ومن الأهداف التربوية المثلى التي ينبغي الحرص عليها من قبل الأسرة..باعتبارها المحضن الأول للناشئة وذلك بتنمية الشعور لديهم من خلال تعويدهم على احترام حقوق الآخرين والاهتمام بالممتلكات العامة والحفاظ على البيئة وإعطائهم الفرص للقيام ببعض المسؤوليات ومساعدتهم وتشجيعهم على أدائها…
لأن المسؤولية من الأمور التي جاءت به الشريعة الإسلامية ومن المقومات الأساسية لنهضة ورقي الأمم والمجتمعات، وتبقى صفة ملازمة للإنسان العاقل والمواطن الصالح الذي يمتلك وعيا جيداً وحسا نابهاً نحو الواجبات المترتبة عليه في أي موقف من المواقف الحياتية وأي موقع من المواقع العملية لتنفيذها بصورة سليمة وكاملة بما يحقق الأهداف.
ولعل الركيزة الأولى هي حفظ الأمانة التي أمر الله عز ّوجلّ بها في كتابه الكريم ومعاملة الناس بالحسنى وحفظ حقوقهم واحترام كرامتهم والحرص على تحقيق الجودة والإتقان في الأعمال المكلف الشخص بها تطبيقاً لقول الرسول عليه السلام (أن الله يحبّ إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه) وكل ذلك يعود الفرد على الجدية والاعتماد على النفس أولا والشعور بالثقة التي هي منطلق النجاح في حياته الشخصية والتي تنعكس أيضاً على تحقيق النجاحات في ميادين العمل الأخرى، وتكسب صاحبها عدة مزايا منها احترام الذات والتحلي بالشجاعة واتخاذ القرار السليم ومهارة القدرة على التغيير والإدارة الناجحة وكسب احترام الآخرين والمساهمة في الارتقاء بالمجتمع.
ذلك لأن الشعور بالمسؤولية يدفع بالفرد إلى البعد عن ثقافة اللامبالاة وينأى به عن الإهمال أو التنصل من الواجبات كما يجنّبه طرائق التّسويف والارتجال ويبعده عن العجز والكسل والتّهاون التي هي من أشكال عدم الشعور بالمسؤولية في كل الأحوال والتي نجدها في العناصر البليدة غير المبالية التي لا تشعر بتقدير الذات ولا تهتم بالنتائج والأهداف.. الذين ينحصر همهم في خدمة مصالحهم فقط، يشكلون عبئاً ثقيلا على جهاتهم يحمّلونها تبعات أعمالهم حاضراً ومستقبلاً. ولأن وجودهم وتكاثرهم يمثل معاول هدم لأي بناء فمن المهم إيقاد الشعور بالمسؤولية لدى الناشئة والعاملين أيضا في كافة الأجهزة الحكومية والأهلية بكافة الطرق والوسائل وتعزيزها وتنميتها بكل السبل كونها تعزز مشاعر الانتماء وتحقق الكثير من العوائد والفوائد للدولة عموماً.