جدة – البلاد
أينما اتجهت التنظيمات الإرهابية لتعيث في الأرض فساداً، بقتل الأنفس البريئة، ونهب أموال وثروات الدول، تجد الدول الحادبة على مصالح العالم والمنطقة في وجهها، تتصدى لإرهابها، وتردعها على أفعالها، وتستعد لضربها بـ”القاضية”، في الفترة المقبلة، لإيقاف شرها، وإراحة الدول منها، خاصة تنظيم داعش الإرهابي، والمليشيات الإجرامية الأخرى المدعومة من إيران في مختلف دول المنطقة، لذلك أكد وزراء خارجية التحالف الدولي لهزيمة داعش، عزم دولهم المشترك على مواصلة القتال ضد التنظيم الإجرامي، وتهيئة الظروف لهزيمة دائمة للجماعة الإرهابية من خلال جهد شامل ومنسق ومتعدد الأوجه.
وجاء التشديد من الوزراء عقب اجتماعهم المشترك في العاصمة الإيطالية روما على حماية المدنيين كأولوية، وضرورة الالتزام بالقانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة في جميع الظروف، معربين عن التزام دولهم بتعزيز التعاون عبر جميع خطوط جهود التحالف من أجل التأكد من أن داعش وفروعها وشبكاتها حول العالم غير قادرة على إعادة تشكيل أي جيب إقليمي أو تواصل تهديد الأوطان والشعوب، موسعين مكافحة التنظيم الإرهابي في العراق وسورية، فضلاً عن القرن الإفريقي.
ويرى الوزراء أن محاربة داعش تتطلب يقظة قوية وعملًا منسقًا، ويشمل ذلك تخصيص موارد كافية للحفاظ على جهود التحالف والقوات الشريكة الشرعية ضد داعش، ودعما كبيرا لتحقيق الاستقرار لمعالجة الدوافع التي تجعل المجتمعات عرضة للتجنيد من قبل داعش والجماعات الايديولوجية العنيفة ذات الصلة، وكذلك لتوفير دعم المناطق المحررة لحماية المصالح الأمنية الجماعية، لذلك يأتي العمل جماعياً لإيقاف إرهاب داعش ومن شابهها.
وتعتبر المملكة على رأس الدول التي تكافح الإرهاب بضراوة، إذ أكد وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله، إدانة السعودية للإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره وأساليبه، التي يقصد بها إثارة الرعب بين المدنيين بما لا يمكن تبريره أياً كانت الشعارات أو الأهداف المعلنة، مبيناً أن هذا العام يشكل أهمية خاصة حيث يتم مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب عامه العاشر منذ تأسيسه، ولا تزال المملكة منذ أن استثمرت في إنشائه في عام 2011 شريكاً حيوياً وداعماً لمنظومة الأمم المتحدة في مكافحة الإرهاب والتطرف.
وقطع وزير الخارجية، بأن الإرهاب لا يزال يشكل تحدياً للأمن والسلم الدوليين، مما يستلزم في سبيل مكافحته، تكاتف المجتمع الدولي بأسره، حاثاً جميع الدول الأعضاء والمنظمات الدولية والإقليمية على تطبيق إستراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب والقرارات المتعلقة باستعراضها، والتي تشهد اعتماد الاستعراض السابع لهذا العام، مبيناً في الوقت ذاته أن المملكة تحرص على الأخذ بكل سبل مكافحة تمويل الإرهاب من خلال التوقيع والمصادقة على العديد من الاتفاقيات الثنائية والإقليمية والدولية، وتعزيز التعاون القانوني الدولي في المسائل الجنائية المتعلقة بالإرهاب وتمويله، في تأكيد صارم على أن المملكة لن توقف مكافحة الإرهاب حتى القضاء عليه بالكامل، خصوصاً أن وزير الخارجية أكد سعي المملكة إلى محاربة الإرهاب لم يكن فقط من خلال التدابير التقليدية لمكافحة الإرهاب، وإنما من خلال معالجة الجرائم المنبثقة عنه في الفضاء السيبراني عبر الوسائل القانونية والتقنية والمعرفية، وإن الهيئة الوطنية للأمن السيبراني ومركز الحرب الفكرية في المملكة لأمثلة مهمة لمؤسسات وطنية مختصة في اجتثاث جذور التطرف والإرهاب، وكذلك المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف (اعتدال) الذي يعالج الفكر المتطرف بأحدث الطرق والوسائل المبتكرة التي تقوم بتحليل الخطاب المتطرف.
وتطالب المملكة دوما بمزيد من الإجراءات الحاسمة تجاه التنظيمات والمليشيات الإجرامية، وما يؤكد ذلك تجديد وزير الخارجية التأكيد على ضرورة دفع المزيد من الجهود تجاه ركائز الاستراتيجية الدولية لمكافحة الإرهاب، وعلى رأسها التركيز على التنمية والتعليم، وإرساء العدالة وسيادة القانون لدورها المهم في القضاء على جذور تلك الظاهرة، والتأكيد على أهمية التفريق وعدم الربط بين الإرهاب وقتل الأبرياء والاعتداء على ممتلكاتهم، وبين حق الشعوب في تقرير المصير والكفاح من أجل سيادتها ومقاومة الاحتلال الأجنبي، وأن تشمل إدانة الإرهاب إرهاب الدولة الممنهج الذي يمارس علناً ضد المدنيين العزل، وتشديد سموه على أن مكافحة هذه الآفة الخطيرة وتحقيق الأمن لن يتأتى إلا من خلال تضافر الجهود الدولية وتكريس الإرادة الحقيقية في محاربتها، لكي تتحقق للإنسانية ما تصبو إليه من تنمية مستدامة في ظل السلام والأمن للجميع.