جدة – نجود النهدي
يواجه بعض الأزواج حرجا حول موضوع تسمية الابن لآبائهم أو أجدادهم ، حيث أن زمننا غير زمنهم فبعض أسماء الأجداد يكون غريبًا وليس له معنى ولكن يضطر البعض إلى المجاملات لكي يرضي صلة الرحم، والبعض الآخر يستغل حتما هذا الأمر ليجعل الاسم عذرا لأخذ الهدية بما يسمى هدية “السمي” حيث أنه يُطلق على طفله اسما لا يليق بزمنه واسما غريبا يجعله مثار سخرية بعض افراد المجتمع.
وقد اختلف الناس منذ القدم في اختيار الاسم للمولود كل حسب ثقافته وتفكيره، فالبعض يكون مستعداً قبل ولادته باسم قد اختاره له سواء كان المولود ذكراً أو أنثى، بينما البعض الآخر لا يلقي بالاً بالاسم حتى قدوم المولود فيبدأ بالبحث عن اسم له وذلك بمشاورة زوجته أو أقاربه أو أصدقائه المقربين ومن ثم يختار مما يطرح من اقتراحات بعد أن يرى أقربها إلى نفسه، ولم تكن تخرج الأسماء عن المألوف إلا نادراً جداً، فغالب الأسماء تكون تسمية على الجد أو الخال أو العم أو أحد أقارب الزوجين، وقد يرى الكثير من الناس أن تسمية الولد الأول خصوصاً باسم جده من جهة والده من البر، خاصةً إذا كان على قيد الحياة ليسر باله، بينما اسم المولودة يكون على اسم الأم وهكذا ، حيث انه في احيانا كثيرة فإن التداعيات الخاصة بتسمية المواليد تشعل الخلافات في بعض الأسر وقد يتسبب ذلك في الطلاق.
تقول هلا العبدالله إن الخلاف في تسمية المولود في بعض الحالات قد يؤدي إلى الطلاق لعدم وجود تفاهم او تنازلات، وبالنسبة للشق الثاني من السؤال انا ضد فكرة تسمية المولود لإرضاء الأهل لأن الشيء المهم هو إرضاء النفس وفكرة التسمية تكون من دافع الحب والاقتناع التام وينطبق جوابي لجزء الاستغلال لان الدافع لتسمية المولود اذا كان الحب لن يوجد استغلال ولا انتظار للهدية.
وذكرت إحداهن أن هذه العادة جعلتنا ننسخ بطاقة العائلة دون أن نشعر، فاسم والدي أطال الله بعمره غير مرغوب، ومع ذلك عندما رزقني الله بابني الأول أصر أن أسميه عليه، مبينة أنها حاولت إقناعه بالابتعاد عن ذلك، ولكنه أصر، مشيرةً إلى أن عمها الذي يكبر والدها تدخل في الموضوع، فوافق أبي بشق الأنفس، متسائلةً: لماذا ينظر الوالدان أن تسمية الأبناء على أحدهما نوع من أنواع البر؟، وأن ذكرهما لن يخلد إلاّ إذا توارث الأحفاد أسماءهم.
إرضاء الناس
من جهتها قالت ريم بخاري ” تسمية المولود لا تؤدي بشكل عام الى الطلاق وإنما تعتمد على التفاهم وأسلوب الحوار دون ممارسة الضغط من جميع جوانبه تجاه الطرف الاخر وعدم تدخل الأهل في ذلك وترك القرار للزوجين في تسمية ابناءهم والاستمتاع بهذه اللحظات. وتسمية المولود لإرضاء الأهل واستغلال الموضوع بأخذ هدية السمي فهذا شيء غير محبذ لأن قرار التسمية على اسم الجد او الجدة او ما الى ذلك يجب ان يكون قرارا نابعا عن حب ولا يجب أن يكون من أجل هدية لان المولود فرحة للعائلة كلها ولكن الفرحة الاساسية للأم والأب اكثر من أي شيء اخر مهما كانت صلة القرابة أيضا ان كان هدف الأهل في الانجاب من اجل كسب الهدايا وإرضاء الناس دون رضى لأنفسهم وسعادة لهم فهذا يعتبر من ضمن سلب حقهم كأم وأب في التسمية وسلب حق للطفل في استغلاله منذ الولادة او حتى قبل الولادة فيعتبر الانجاب في هذه الحالة ليس من اجل الرغبة في الانجاب وإنما رغبة في كسب الهدايا سواء النوعية او المادية من اجل ارضاء النفس هذه وجهة نظر ورأي يختلف عليه من شخص لآخر.
ضوابط التسجيل
وفي هذا السياق أوضح محمد الجاسر المتحدث الرسمي للأحوال المدنية انه فيما يخص ضوابط تسجيل الأسماء، فإنه يجوز تسجيل الاسم معرفا بـ(الـ) في الأسماء المتعارف عليها عند العرب قديما والدارجة في المجتمع، مثل (البراء، العنود، الجوهرة)، فيما يتم تسجيل الاسم مجردا من الألقاب مثل (السيد)، وغيرها، كما لا يسمح بتسجيل العبارات الإضافية في حقل الاسم مثل (المعروف بـ«كذا»)، ولا يسمح بتسجيل الأسماء المركبة مثل (محمد صالح، محمد مصطفى)، ويمنع تسجيل الأسماء المخالفة للشريعة الإسلامية مثل (عبد الرسول) ، ويمكن لمن تجاوز سن ١٨ عاما ويحمل بطاقة هوية وطنية ان يتقدم بطلب تغيير الاسم الأول دون الحاجة لاقرار من والديه.
سوء التصرف
ومن باب آخر نأخذ رأي الأخصائي الاجتماعي عبد العزيز الزهراني حول موضوع الأسماء وفيما إذا كان تدخل الاهل في الاسم يتسبب في مشاكل تؤدي إلى الطلاق فقال: الموضوع لا يخلو من سوء التصرف وعدم الحكمة في هذه الامور بالإضافة الى العناد حيث ان الزوجة مثلا تريد ان تمشي برأي اهلها ولا تهتم بزعل زوجها وأهله والزوج ايضا بنفس التصرف طبعا هناك حالات ليست بالقليلة انتهت بالطلاق بينما الموضوع لم يكن يتعدى ان يكون هناك حكمة وتروٍ في مثل هذه الأمور.
أسماء قديمة
من جهته قال الأخصائي الاجتماعي “صالح هليل” توجد نسبة كبيرة من الاشخاص غير الراضين عن أسمائهم في المجتمع لا سيما الأشخاص الذين يحملون أسماء قديمة أو تمت تسميتهم على أجدادهم؛ وكما نلاحظ أن الجيل الجديد غالبًا ما يظهر على مواقع التواصل الاجتماعي بأسماء مستعارة أو مغاير كونه غير مقتنع باسمه الحالي.
وأضاف يجب على الوالدين اختيار اسم جديد عصري يتماشى مع الجيل الحالي وتفادي اختيار أسماء قديمة أو اسماء بدون معنى؛ يمكن للوالدين الجدد البحث عبر الانترنت على أسماء جميلة وتحمل معنى ساميا، لافتا إلى أن العديد من الآباء يقعون في هذا الخطأ وهو اختيار اسم بدون البحث عن المعنى من اجل أغراضهم الشخصية؛ يجب على الأهل ان يدركوا حقيقة ان ابنهم سيحمل هذا الاسم الى الابد ولديه الحق في حمل اسم بمعنى جميل لان اختيار اسم عشوائي او لمصلحة ما قد تضر بنفسية الطفل في المستقبل وقد تعرضه للتنمر.
تأثير نفسي
ومن منطلق آخر ذكرت المستشارة التربوية والأسرية أميرة سالم باوزير أن للأسماء تأثيرا نفسيا بالغ الأهمية على أصحابها وذلك من حيث مدلولاتها ومعانيها، فاذا كان الاسم دالا على صفات الخير وسمات العلو والرفعة فإنه سيضفي لمسة عجيبة على حياة صاحبه، ولو أننا تتبعنا التاريخ لوجدنا نماذج غريبة حقا، تدعم ما نقول.
وقالت إن النبي صلى الله عليه وسلم امر أمته بتحسين أسمائهم، وأخبر أنهم يدعون يوم القيامة بها
وقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم هذه الحقيقة في مواطن عدّة. فكثيرا ما نقرأ انه قام بتغيير اسماء الكثير من اصحابه الذين أسلموا. فهذا زيد الخيل وفد إلى النبي، وأعجب به النبي صلى الله عليه وسلم ، وغير اسمه الى زيد الخيـــر وسأل رجلا عن اسمه قال: اسمي غاوي بن ظالم. قال النبي: لا بل انت راشد بن مقسط، ولما كان النبي متوجها الى مكة ارسلت له قريش سفراءها ليصالحوه على ان يرجع عنهم، وصار بينه وبين قريش اخذ ورد، الى ان أرسلوا له سهيل بن عمرو. ولما قدم إلى النبي وأخبروه بقدومه قال صلى الله عليه واله وسله: سهُل الامر ان شاء الله اشتقها من اسم سهيل.
ترتيب الأولويات
المحامي والمحكم الدكتور عبد العزيز العبد اللطيف فيما إذا كان الخلاف على تسمية المولود يؤدي إلى الطلاق وماذا تنصح الآباء حول هذا الموضوع ذكر بأن الله عز وجل نظم شؤون الأسرة ، كما نظم شؤون باقي الحياة، لذلك جعل الأسرة تتكون من ذكرٍ وأنثى وأوجب على الذكر واجبات وجعل له حقوقا وكذلك الأنثى ، فمثلا حق الرعاية، وهذا يوجب على الأب أن يرعى أسرته واجبًا أوليًا كذلك يجب عليه النفقة وغير ذلك من الواجبات ، وبالتالي يقابل هذا حقوق الأبناء ينسبون إلى أبيهم ولا ينسبون إلى أمهم الأم مقدمة على الأب في حق الرعاية وحق البر أكثر من الأب وهكذا، ومن هذا المنطلق ولأن الأبناء يلحقون بأبيهم وبالتالي أيضًا يلحقون بقبيلة وعشيرة أبيهم فأصبحت تسميتهم حقا للأب مقدما على حق الأم ، هذا ليس معناه إهدار حق الأم لا ولكن هي ترتيب أولويات والقائد ينبغي أن يحسن القيادة، والرعاية وبناءً عليه يجب على الأب القائد أن يتفاهم مع الأم بالتي هي أحسن ، بحيث يتوصلون إلى نتيجة يتفق عليها الجميع ، فهذا قد يجنبهم الخلاف ويجنبهم مداخل الشيطان ، أما إذا احتد النزاع ولَم يمكن الوصول إلى نتيجة يتفق عليها الطرفان فلا شك أن حق الأب في تسمية مولوده مقدم على حق الأم، لكنه لو أراد أن يسمي مولوده بما يضر به أو يشينه أو نحو ذلك، فإنه يمنع من ذلك شرعًا وللأم حق أن تعترض على هذا الأمر ولو تقدمت إلى الجهات المختصة أو إلى المحكمة لمنع الأب من هذا الفعل لأنه قد يضر بالمولود ، فالمولود حقه مقدم على الجميع ، وبالتالي بناء على ذلك فإن مثل هذه الأمور البسيطة التي لا ينبغي أن تكبر ويتنازع فيها الناس حتى تصل إلى ما هو أدهى فمثلا قد تصل إلى طلاق أو تفرقة أو وقوع مشاكل كثيرة ينبغي للناس التفاهم حول الموضوع وأن يصبروا إن كان هنالك خلاف حتى يتم حل الخلاف بالتي هي أحسن.