البلاد – مها العواودة
أوضح عدد من المفتين والعلماء والمسؤولين أن قرار المملكة تنظيم حج هذا العام بأعداد محدودة في ظل جائحة كورونا إجراء سليم مبني على وقائع صحية ثابتة اعتمد فيه رأي شرعي لا خلاف حوله لحفظ النفس البشرية الذي حث الإسلام على حفظها واعتبارها من أهم الضرورات الخمس التي جاءت بها مقاصد الشريعة.
وقال وزير الشؤون الدينية التونسي أحمد عظوم لـ(البلاد):» لا يسعنا إلا الشّد على أيدي مسؤوليها تأييداً لهذا القرار الحصيف الذي يجمع بين الشرعي والصحي في نظرة إنسانية بعيدة المدى، أولت حفظ النفس البشريّة إحدى مقاصد الشريعة الإسلاميّة الغرّاء وكلياتها الخمس المنزلة العليا في ظلّ تفشي فيروس (كوفيد 19) عالميا وبلوغ الإصابات أرقاماً مفزعة وكذلك حالات الوفايات، بما كان لزاماً والحالة هذه اتخاذ الموقف الصائب رغم شدّة وقعه ولم يكن بُـدٌّ مما ليس منه بُـدٌّ».
وأضاف أنّ تونس الممتدّة جذورها في عمق تاريخها وهويتها العربية الإسلاميّة لمقتنعة أشدّ ما يكون الاقتناع بسلامة مثل هذا الإجراء المنبني على وقائع صحيّة ثابتة اعتمد فيه أصحابه رأيا شرعيا لا خلاف حوله، موجها الشكر للمملكة الّتي دأب قائدها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود ووليّ عهده سمو الأمير محمد بن سلمان، على خدمة ضيوف الرّحمن سواء مباشرة أو من خلال توصيات وتعليمات واضحة إلى كافة القائمين على هذا الشّأن كفلت القيام بالشعائر في أفضل الظروف وأحسنها.
انتظام أداء الشريعة
من جانبه أكد وكيل وزارة الأوقاف المصرية الدكتور جابر طايع أن قرار المملكة بشأن موسم الحج، الذي يأتي في إطار تحقيق أحد مقاصد الشريعة وهو الحفاظ على النفس وفي اتجاه الحرص على انتظام أداء الشريعة وعدم تعطيلها، قرار صائب ويتسق مع روح الشريعة السمحة وتقبله الجميع بالدعاء بتعجيل رفع الغمة عن بلاد العالمين.
وفي ذات السياق قال القاضي الدكتور ماهر خضير، عضو المحكمة العليا الشرعية في فلسطين، إن اقتصار الحج على المقيمين في المملكة لهذا العام نتيجة استمرار جائحة كورونا امتثال لمقاصد الشريعة الإسلامية في حفظ النفس البشرية.
وتابع « : إن حفظ النفس وصيانتها من مقاصد الشريعة الإسلامية الخمسة، ويرى جمهور الفقهاء أن الشريعة الإسلامية تدور أحكامها حول حماية خمسة أمور هي أمهات لكل الأحكام الفرعية، وتسمى بالضروريات الخمس وهي: حفظ الدين، وحفظ النفس، وحفظ المال، وحفظ العرض، وحفظ العقل» مؤكداً أن المملكة طبقت الحكم الشرعي السليم، وقدمت حفظ النفس على المال حيث أن موسم الحج يدر دخلا كبيرا على المملكة ورغم ذلك ضَحَت به في سبيل حفظ النفس المسلمة. ولفت إلى أن طبيعة الحشود أثناء أداء فريضة الحج تجعل تطبيق أعلى درجات الاحترازات أمرا في غاية الأهمية وأن السعودية تحرص دائماً على تقديم كل التسهيلات اللازمة لأداء مناسك الحج والعمرة، وأنها قدمت خدماتها خلال السنوات الماضية لملايين الحجاج.
أحوال وأحكام
أما الدكتور لقمان بن عبدالله مفتي ماليزيا، فبين أن كل أحوال وأحداث لها شأنها للتعامل معها من حيث الإقدام إليها أو التراجع عنها فهو يعتمد على أسباب وظروف معينة، هكذا شأن الناس في حياتهم، فالدين الإسلامي السمح يراعى هذا الأمر باحكام العزيمة والرخص حتى يتعامل الناس مع هذه الأحوال والأحكام الشرعية تنبني على المقاصد الشرعية وهي حفظ الضرورات الخمسة وفهمنا لهذه المقاصد سيكون من الضوابط للحكم على الاحداث والطوارئ والاتيان بما هو اقرب الى هذه المقاصد.
وتابع»: مثل حادثة وباء كورونا الآن فالحفاظ على النفس من الضرورة فكل طريقة وقرار تؤخذ بالنسبة لتعاملنا مع هذه الحادثة وفي أمر فرضية الحج ينبغي ان تتماشى مع هذا المقصد» مؤكدا أن قرار المملكة لهذه السنة كما هو الشأن في السنة الماضية يأتي ضمن هذا الإطار والمقصد الشرعى في التعامل مع الظروف الذى تعم معظم البلدان في العالم.
كما قال داتوء جىً محمد رحيم مدير هيىًة الشوًون الإسلامية بولاية كلنتان الماليزية:» القرار صائب وحكيم وموافق جداً لشريعتنا وهو الحفاظ على النفس البشرية وحماية المسلمين من الوباء» مشيراً إلى أن السعودية، حارسة الحرمين الشريفين والمسلمين عامة، حريصة بهذا القرار على سلامة وصحة المسلمين فى العالم ولم تدخر جهداً في حماية ورعاية ضيوف الرحمن في كل مواسم الحج.
من جهته أكد رئيس مجلس علماء باكستان طاهر محمود أشرفي أن قرار المملكة يعكس حرص القيادة السعودية على إقامة شعيرة الحج بشكل آمن يضمن سلامة جميع الحجاج من تطورات الجائحة التي تهدد أمن وسلامة الإنسان وهي مسؤولية إنسانية وشرعية عظيمة تحملتها المملكة وقيادتها منذ تأسيسها.