الاستعداد هو حالة ذهنية ونفسية ومادية وثقافية .. لا يمكن تحقيقها في الحياة العصرية إلا بتعلم مهاراتها والإعداد والتجهيز لمتطلبات الأحداث بمختلف جوانبها .. الاستعداد في الحياة .. وتعني التعلم المستمر .. ويعني أن جودة حياة الإنسان هي نتيجة مباشرة لجودة إختياراته .. وتعني الاختيار الأمثل في القرارات المصيرية .. واستشراف المستقبل .. ومرافقة العقول النيرة من الأصدقاء .. وتعني أيضا التركيز على التطوير الذاتي .. كذلك تعني وضع الإستراتيجيات والخطط الحياتية الشخصية بناءً علي أهداف محددة قابلة للتنفيذ .. الخ.
القائمة تطول في مناقشة هذا الموضوع الحيوي المصيري للبشر .. حيث مفهوم .. الاستعداد في الحياة .. يمس جميع البشر وأفراد المجتمع .. صغاره وكباره .. وما يهمني اليوم .. هو مناقشة الإستعدادات المطلوبة لجائحة قادمة لا قدر الله ..
لقد غزت حياة البشرية جوائح مدمرة خلال القرن الماضي .. مثل سارز و H1N1 وميرس .. والان كوفيد 19 .. ولكن كوفيد لن يكون الفيروس الأخير علي سطح كوكب الأرض .. كل التوقعات والمؤشرات والحقائق العلمية تقول بان هناك جائحة أخرى ستصيب سكان الأرض في المستقبل .. قريبا أو بعيدا .. وعلمها عند الله.
لذلك يجب على الدول أن تعمل على إيجاد نظام عالمي قادر على مواجهة تحديات الجوائح المتوقعة .. وغير المتوقعة تماما مثل ما نفعل ونستعد لمواجهة كوارث الزلازل والبراكين والحرائق والفيضانات والسيول .. بل ذهبت البشرية إلى أبعد من ذلك وأخذت تعد العتاد والعدة لحماية حدود الأوطان ومواجهة الأعداء بأسلحة عسكرية ضاربة.
ولكن للأسف .. فشل العالم في الإستعداد لمواجهة جوائح الأمراض المعدية والكوارث الصحية .. وأقوى دليل على ذلك .. ما نشاهده اليوم من معاناة وانهيار للنظم العالمية الاقتصادية والاجتماعية والصحية في معظم الدول .. بل تعدى ذلك إلى جميع مناشط الحياة .. حيث أن جائحة كوفيد استطاعت أن تعطي إشارة .. قف مكانك دون حركة .. لكل البشر في كافة أرجاء الأرض والسماء والبحار .. وأسبغت على حياة البشر صدمة أعاقته عن التفكير لوهلة طويلة حتى أستطاع ان يستجمع قواه العقلية وقدراته الصمودية وأخد يتعامل مع الكارثة .. ولكن عامل الزمن للوصول إلى عمليات الإنقاذ لم يكن لصالح البشرية علي المدى القصير.
وبالرغم من كل ما ذكر عن جائحة 2020 وقسوتها على حياتنا ومقدراتنا .. هناك من يرى من الناس أنها سنة جعلت من نفسها حجة على العالم والبشرية جمعاء .. وآخرون يقولون او ينعتونها بالسنة الصعبة القاسية الحاسمة والتي دمرت أحلام البشرية وأخذتهم إلي الوراء عقودا طويلة من الزمن ..
إلا أنني أعتبر سنة 2020 فرصة للعلماء والخبراء وقادة العالم أن يصنعوا الفرق .. ويتعلموا من الدروس المستقاه من الكارثة وذلك بإنتاج وتسريع الصناعات التكنولوجية ووضع خطط إقتصادية صحية وإجتماعية كونية بالنسبة للمناخ والطبيعة والبحار والتركيز علي الرعاية الصحية الوقائية الإستباقية ..
ما نصنعه اليوم من قرارات وإجراءات خاصة بالإستعداد في الحياة .. سيقرر مصير ومقدرات ومستقبل البشرية لبضعة آلاف من السنوات القادمة.