اجتماعية مقالات الكتاب

عمشاء عام 2020

عاشت “عمشاء” يتيمة في أحضان أمها الحنون، مع ثلاث من أخواتها البنات، وما هي إلا سنوات سريعة حتى أصبحت شابة جميلة، تَقدَّم إليها رجل يكبرها عمرًا، فتزوجته فكانت له خير معين، بل فتح الله له أبواب الرزق من حيث لا يحتسب.

سكنوا بيتهم الجديد، فلم تنس “أمها”، حيث قامت برعايتها والإحسان إليها حتى وافاها الأجل، رزقت بطفلين لكن القدر لم يكتب لها أن تراهما شابين، مرض زوجها، فلم يستطع مغادرة فراشه فكانت له نعم الزوجة تحمله، وتطبّبه حتى غادر الحياة، فأصبحت “عمشاء” وحيدة في ذلك البيت الكبير، لكنها لم تستسلم للوحدة فكانت صوّامة قوّامة، تنفق في أبواب الخير وتعمير المساجد، تُكرم الضيف، وتُطعم الجار، وتزور المريض، وتعطي المحتاج، وتسأل عن القريب.

قضت عمرها كريمة عزيزة ولسان حالها يقول:
من رحم المعاناة يولد العطف، ومن وجع الألم يولد الإحسان، هذه الكلمات تلخّص قصة عمشاء التي عانت في طفولتها اليُتم، فكفلت أيتامًا، وأوجعتها الحاجة، فقضت حوائج الناس، طُويت صفحة حياتها في عام كورونا ٢٠٢٠، بعد أن غدرها الفايروس فتمكَّن منها، لتلحق زوجها وأطفالها ووالدتها في الحياة الأخرى.

فاصلة:
إن أنفاس الحياة بين الأخذ والعطاء، وأصنام المادة والألقاب تلوث الأجواء، ولا تصعد إلى السماء، فاستنشق النقاء والصفاء من داخلك، وانشره في عالمك، ليبقى عطر إنسانيتك يفوح. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن أحبكم إليّ أحاسنكم أخلاقًا، الموطأون أكنافًا الذين يَألفون ويُؤلفون”.
Faheid2007@hotmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *