جدة ـ البلاد
أكدت المملكة التزامها بتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، وتحقيق التحول الرقمي الفعال الذي يعد أحد الركائز الأساسية لتحقيق رؤية المملكة 2030 ، خصوصا وأن برنامج التحول الرقمي يهدف إلى بناء مجتمع رقمي، وإنشاء منصات رقمية لإثراء التفاعل والمشاركة المجتمعية الفعالة بما يسهم في تحسين تطوير الصناعة، وتحسين التنافسية والتأثير الإيجابي على الوضع الاقتصادي، وتوليد الوظائف، وتقديم خدمات أفضل للمستفيدين، وخلق وطن رقمي من خلال استقطاب الاستثمارات والشراكات المحلية والعالمية في مجالات التقنية والابتكار.
كما أن المملكة تولي اهتماماً كبيراً لمجال الاتصالات وتقنية المعلومات، حيث أضحت التكنولوجيا الرقمية أداة أساسية في مجتمعاتنا، ووسيلة يعتمد عليها الكثير من البشر في حياتهم اليومية، وما شهده قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات في المملكة على مدى السنوات الماضية، من قفزات نوعية على مستوى البنية الرقمية، وتنمية القدرات الرقمية، والمشاريع الرقمية الضخمة ، خصوصا وأن العالم اليوم يمر بتحولات نوعية في مجالات الثورة الرقمية، لذا أسهمت الجهات المعنية في المملكة ومنها وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات بالعمل على مشاريع مختلفة لنشر المعرفة الرقمية، وتعزيز المحتوى التقني، وتنشيط دور المجتمعات التقنية المتخصصة في كل ما يستجد في مجال التقنية لتحقيق التنمية المستدامة، حيث أطلقت الوزارة العديد من المشاريع، ومنها مبادرة العطاء الرقمي التي تهدف إلى نشر الوعي الرقمي ومحو الأمية الرقمية عبر بناء مجتمع تطوعي من مدربين ومتطوعين لصناعة المعرفة الرقمية، ومشاركتها مع مختلف فئات المجتمع عبر فعاليات وبرامج تدريبية، ومبادرة التفكير الفني التي تهدف إلى نشر الوعي بتقنيات الثورة الصناعية الرابعة لتحقيق التنمية المستدامة، وبناء مجتمع حيوي رقمي فعال. وقبل عدد من السنوات، كانت مجموعة من خدمات التكنولوجيا الحديثة ليست إلا محض خيال ودراسة عابرة، ولكن بفضل الإبداعات التقنية المستمرة أصبحت حقيقة واقعية، فلا تتوقف التغيرات والتطورات التكنولوجية التي تظهر باستمرار في عصرنا هذا، ولا شك أن كل ما يظهر من جديد يؤثر على حياتنا بطريقة ما، فأصبح لا غنى عن التكنولوجيا في معظم إن لم يكن كافة المجالات الحياتية.
واتساقاً مع ذلك تمكنت المملكة من تسخير التقنية الحديثة في خدمة الوطن وتحقيق أهداف رؤية 2030، كما سنتطرق إلى التعرف على أبرز ما يعد التحول الرقمي في معظم الدوائر الحكومية من الأمور الهامة التي قامت بها المملكة ، حيث حققت المملكة في السنوات الأخيرة نجاحاً كبيراً في تطوير قطاع تقنية المعلومات واستخدام التكنولوجيا الحديثة في مختلف المجالات، كما أنها تعمل جاهدة ووفق خطوات مدروسة إلى الانتقال إلى التحول الرقمي وذلك تحقيقاً لأهداف رؤية المملكة 2030.
من ناحية أخرى يعتمد عدد كبير من المشاريع السعودية الضخمة التي أطلقتها المملكة مؤخراً على التكنولوجيا الحديثة وتقنية المعلومات بالدرجة الأولى، كما أنها ما زالت تعمل على توظيف كل ما هو جديد من تكنولوجيا وتقنيات في خدمة هذه المشاريع بالطريقة المثلى ، حيث تسعى المملكة لتكون من ضمن أفضل 100 مدينة بالعالم، وذلك من خلال تزويد 5 مدن حالية بالبنى التحتية الذكية. فيما يلي أبرز المشاريع الضخمة التي تشكل التكنولوجيا الحديثة فيها دوراً فعالاً وتتمثل هذه المدن في مدينة نيوم، مشروع البحر الأحمر، مشروع القدية، مدينة وعد الشمال مدينة الملك سلمان للطاقة سبارك. وانطلاقا من هذا الاهتمام فإن السعودية تعد من أكثر الدول في منطقة الشرق الأوسط التي يكثر فيها أعداد مستخدمي شبكة الإنترنت، كما يحصل 100% من السكان على اتصال بشبكة الجيلين الثاني والثالث، بينما 88% منهم يحصلون على اتصال بشبكة الجيل الرابع.
تقنية المعلومات
كما تهتم المملكة بشكل كبير بتطوير البنية التكنولوجية للمساعدة في نشر تقنية المعلومات، وفي هذا السياق تحتل المملكة المركز الرابع عالمياً في الجيل الخامس وإنترنت الأشياء، وذلك عبر آلاف الأبراج الموزعة في مختلف مناطق ومدن المملكة. وتعمل المملكة بشكل مستمر على تدريب وتأهيل الكوادر البشرية بآخر ما توصلت إليه التكنولوجيا الحديثة ، حيث عملت على تدريب أكثر من 18 ألف كادر وطني في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات.
برنامج الرواد
تم إطلاق برنامج رواد التقنية في أربع مناطق رئيسية في المملكة، وذلك بالتعاون مع أكثر من 40 شريكا من مختلف القطاعات الحكومية والخاصة وغير الربحية.
إطلاق ثمانية مراكز ابتكار في التقنيات الناشئة
يبلغ حجم سوق الاتصالات وتقنية المعلومات في المملكة أكثر من 140 ملياراً وكشف الاتحاد الدولي للاتصالات في تقرير حديث أن المملكة تعد من أنجح دول العالم في تسخير التقنية لمواجهة تبعات جائحة فايروس كورونا، مؤكدًا على أن تركيز المملكة على بناء البنية التحتية الرقمية واهتمامها بالتقنية وتنويع اقتصادها الرقمي، مكَّنها من التعامل مع آثار هذه الجائحة على مستوى استهلاك البيانات المتزايد، وارتفاع الطلب على الخدمات الرقمية.
وكشف التقرير أن هناك تحركاً سريعاً تم من قبل منظومة الاتصالات وتقنية المعلومات في السعودية، حيث نجحت السعودية في تحقيق التكامل بين جميع الجهات في القطاعات المحورية مثل الاتصالات وتقنية المعلومات والصحة والتعليم، والتعاون مع الشركات المقدمة لخدمات الاتصالات لإتاحة استخدام التطبيقات الهامة مجانًا.
كما نوه التقرير بأنه بفضل البينة التحتية في المملكة فقد تجاوز متوسط استهلاك الفرد للبيانات في السعودية متوسط المعدل العالمي الذي يقدر بـ 200 ميجابايت، بأكثر من ثلاثة أضعاف ليصل إلى أكثر من 920 ميجابايت في اليوم، مشيراً أن استيعاب هذا الكم من البيانات لم يكن ليتحقق لولا متانة البنية التحتية الرقمية، وتحرير الطيف الترددي الذي قامت به السعودية عبر زيادة نطاقات الطيف الترددي المخصصة لشركات الاتصالات بنسبة كبيرة بلغت 226% ، من 340 ميجاهرتز في عام 2017 إلى 1110 ميجاهرتز في عام 2020، ما جعل المملكة في مرتبة مقدمة بين دول مجموعة العشرين على مستوى تخصيص الطيف الترددي، وأسهم على نحو فعال في تخفيف العبء الإضافي على شبكات الإنترنت المتنقل ونشر تقنيات الجيل الخامس التي شهدت زيادة كبيرة في الطلب أثناء فترة جائحة كورونا.
وأشار التقرير بأن كل هذه الجهود أسهمت في تلبية الطلب المتزايد على البيانات، حيث ارتفع استخدام البيانات المتنقلة والثابتة في المملكة بنسبة 34% خلال الفترة من مارس إلى يونيو 2020م، فيما ظلت سرعات الإنترنت والوصول إليها على درجة عالية من الكفاءة. وعزا التقرير قوة البنية التحتية الرقمية لمنظومة الاتصالات وتقنية المعلومات في السعودية إلى الاستثمارات السابقة في البنية التحتية الرقمية والاستجابة السريعة لزيادة تخصيص الطيف الترددي، حيث وفرت هيئة الاتصالات في مارس 2020 ترددات إضافية لمقدمي خدمات الإنترنت المتنقل بلغت 40 ميجاهرتز إضافية في النطاقين 700 ميجاهرتز و 800 ميجاهرتز ، بزيادة 50% من إجمالي الترددات التي يستخدمها مقدمي الخدمات.
واختتم التقرير بالإشارة إلى تعاون المملكة مع منظمات المجتمع الدولي، والاتحاد الدولي للاتصالات تحديدًا، لمشاركة تجربتها الناجحة في التحول الرقمي مع كافة دول العالم خاصةً في أعقاب جائحة كورونا، وتزايد استخدام التقنية في مختلف القطاعات الرئيسية.