متابعات

احتيال بالإعلانات الإلكترونية المضللة

جدة- ياسر بن يوسف – تصوير – خالد بن مرضاح

حذر خبراء ومختصون من انتشار الإعلانات المضللة التي تبيع الوهم عبر الإنترنت أو الهاتف، أو من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وشددوا على ضرورة اتخاذ خطوات ايجابية توقف العمالة الوافدة المخادعة التي تقف خلف هذه الظاهرة. وأضافوا أن هناك عمالة تنشر اعلانات على الانترنت وتضلل المستهلك وتضع أسماء شركات ومؤسسات وتمنح العملاء سندات باسماء مؤسسات وختمها مثل مؤسسات إصلاح تسريب المياه المنتشرة في النت وغيرها ، لافتين إلى ضرورة حماية المستهلك من مثل هذه الاعلانات، وتوسيع الدائرة لتشمل عصابات الإنترنت والهاتف التي تعمل على استغلال المواطنين، وملاحقتهم عبر إعلانات وهمية ومضللة، وتستغل اسماء شركات كبيرة، وخصوصاً شركات معالجة تسريب المياه التي انتشرت بشكل لافت عبر الانترنت، وباتت تمنح العملاء سندات مختومة بأسماء مؤسسات وشركات لا وجود لها.
في البداية يؤكد الاقتصادي الدكتور سالم باعجاجة أن التطور الكبير الذي شهدته وسائل التواصل الاجتماعي في الفترة الماضية، والانتشار الكبير لها، جعل كثيرا من الأمور خارج السيطرة، واستغل ضعاف النفوس والمخادعون هذه الوسائل بطرق مختلفة من أجل تحقيق مكاسب، وخداع الآمنين من أفراد المجتمع، كما أنهم في بعض الأحيان يؤسسون شركات وهمية ويكون لديهم موظفون يحصلون على رواتبهم من خلال عمليات البيع الوهمي، ويستخدمون بعض المغرر بهم من الشباب والفتيات في هذه الوسائل التضليلية.
ويؤكد أن الكثيرين من أفراد المجتمع يتعرضون للنصب والاحتيال من بائعي الوهم، لكنهم لأسباب اجتماعية وأسرية يرفضون الافصاح عنها، بل ويرفض بعضهم الشكوى لوزارة التجارة وحماية المستهلك، ويفضلون الصمت والتسامح، وهو ما يساعد هذه الفئة المخادعة على الاستمرار ومواصلة عملهم مع شرائح أخرى من المجتمع تتعرض للغش والتدليس نفسه.

شركات وهمية

ويرى رجل الأعمال سعيد بن علي البسامي أن انتشار التجارة الإلكترونية ساعد الكثيرين على فتح مواقع تجارية دون ترخيص، علاوة على أن بعض المشاهير يساهمون بقصد أو بدون قصد في نشر اعلانات لهذه الشركات الوهمية، عبر السناب شات وتويتر باعتبارهما أكثر وسائل التواصل الاجتماعي انتشارا في المملكة، ولفت إلى ان البعض يفتح حسابا ويقوم بترويج بضاعته أو منتجة دون رقيبٍ أو حسيبٍ، ومن أكثر المنتجات التي يتم الترويج لها الأطعمة، وأدوات التحميل، وكلاهما خطر في حال كان غير صالحٍ للاستخدام أو مصنوعاً من موادّ ضارّة.
وأكد أن الفتيات أكثر الفئات تعرضاً لعمليات النصب والاحتيال عبر الانترنت، بسبب بحث بعضهن عن منتجات تجميل، وقال: “تعيش بعض الفتيات حالةً من الوهم والخيال عند مشاهدة صورة لفنانة أو عارضة تعلن أنها تستخدم منتجاً معيناً، فتبدأ في البحث عن المنتج لتقع في النهاية فريسة لعمليات نصب، ومع الأسف بعض تلك المواد تسبّب تشوّهات للبشرة أو أمراضاً جسدية تحتاج إلى علاجات طويلة المدى، وهذا ما حدث مع فتيات وشباب عدة؛ جرّبوا منتجات غير مرخصة تضرّروا منها جسدياً، منهم مَن تعرَّض لمضاعفات خطيرة وآخرون تسبّبت لهم في تشوّهات بالبشرة وتسمّم”.
المسؤولية مشتركة

وشدد رائد الاعمال يحيى بن عبدالله المفضلي على أن مواجهة هذه الفئة المضللة تحتاج إلى تكاتف كل الجهود فالمسؤولية مشتركة على الجميع، ففي البداية ينبغي أن يقوم المواطن أو المقيم بدوره كاملاً من خلال الإبلاغ الفوري لوزارة التجارة والجهات ذات الاختصاص على الهواتف المشبوهة التي تعرض خدمات وتسهيلات، وعدم التهاون مع أي إعلانات عبر الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي تظهر فيها عمليات خداع وتضليل، كما ينبغي للجهات الرقابية في وزارة التجارة القيام بدورها على أكمل وجه من خلال تكثيف عملها وتوسيع نطاقه ليشمل المخادعين الذين يدخلون بيوتنا دون استئذان عبر الهاتف الذي نحمله أو أجهزة التليفزيون، مع تفعيل دور الغرف التجارية والجهات ذات العلاقة.
ولفت إلى أن ظاهرة التضليل عبر الانترنت باتت عالمية، حيث صدر مؤخراً تحذير إلى محرّك البحث العملاق “غوغل” بأنّ ما يصل إلى 90 % من الإعلانات التي تظهر على موقعه للاستثمار في حسابات التوفير الفردية والسندات المالية، قد تكون خادعة بعد أن اتّضح أنّ مواقع مشكوك بمصداقيتها وحُجِبَتْ، لكنها عاودت الظهور مجدداً خلال ساعات، ووصل الأمر ببعض الإعلانات إلى حدّ انتهاك الأنظمة، وعلى الرغم من حجب معظم هذه المواقع، إلاّ أنه اتّضح أنّ عدداً منها عاود الظهور فوراً عبر موقع “غوغل” نفسه مع تغييرٍ بسيط في العناوين الإلكترونية لتلك المواقع.
4 ضوابط

من جهتها، توعدت وزارة التجارة بعقوبات رادعة للمخادعين والمضللين عبر الإنترنت أو الهاتف، وأكد المتحدث الرسمي لوزارة التجارة عبد الرحمن الحسين مؤخراً، أن هناك 4 ضوابط إلزامية منظمة لآليات الإعلانات التجارية الإلكترونية بمواقع التواصل الاجتماعي، مبينًا أهمية التزام المعلنين الأفراد والمنشآت بها تطبيقاً لأحكام نظام التجارة الإلكترونية ولائحته التنفيذية.
وبين الحسين أن هذه الضوابط تنص على تصريح المعلن بتقديم مادة إعلانية، وذكر اسم المنتج والخدمة المعلن عنها واسم موفر الخدمة، وعدم تضمين الإعلان أي ادعاءات أو عبارات كاذبة أو مضللة للمستهلك، وعدم الإعلان عن أي منتج مقلد أو مغشوش أو علامة تجارية لا يملك المعلن حق استخدامها.
وأكد رصد ومتابعة الوزارة المستمرة لمخالفات ضوابط الإعلان التجاري الإلكتروني وفقاً لاختصاصها بهدف حماية وحفظ حقوق المستهلكين وإيقاع العقوبات النظامية على المخالفين، ولفت إلى إيقاع غرامات كبيرة بحق مخالفين لضوابط الإعلان الإلكتروني التي نص عليها نظام التجارة الإلكترونية، ولائحته التنفيذية.
قاعدة بيانات
وفي السياق نفسه أوضح خالد بن درعان الحامد أن تصرفات القائمين على تلك الأفعال مخالفة للقانون، والهدف منها هو الوصول إلى أكبر شريحة من الأفراد لبناء قاعدة بيانات لعملاء جدد، كما أنها الطريقة الأسرع للترويج لأعمالهم، كما أن هناك طرقا لجمع البيانات لأهداف النصب والاحتيال بهجمات مدبرة، علماً بأن الجريمة المنظمة الإلكترونية تدرس نفسية الأشخاص في هجماتها، ناصحاً بعدم التعامل مع هذه الجهات والتوجه دائماً للمواقع الرسمية والمعتمدة.
وتقول فاطمة الجبيني ما أريد قوله إن هناك حملة ضخمة تشن على جيوب المواطنين والمقيمين على أرض مملكتنا وتستغلهم للسرقة والاحتيال، إما عبر الاتصالات الواردة من شركات استثمار وهمية، أو مطالبتهم بتحديث بياناتهم المصرفية، عن طريق الرسائل أو حتى المكالمات من شرائح جوال من داخل المملكة حتى، أو بحسابات مسروقة.
وعليه فإننا بحاجة إلى نشر مكثف لمثل هذه التوعية حتى تصل الجاهل قبل العالم، والطفل قبل الكبير، حملة توعوية تقوم عليها جهة رسمية تكون محدثة بشكل شبه يومي، عن طرق الاحتيال الجديدة والتشهير بأرقام الاتصال والحسابات المشبوهة التي تم استغلالها في ذلك، لأنه مهما كان «الحرامي شاطر»، إلا أنه لا بد أن يأتي يوم ويجد جهوده بلا فائدة، وخصوصًا أنه يواجه مصاعب حتى يحصل على حساب موثق أو شريحة اتصال سعودية أو غيرها وكل ذلك مكلف بالنسبة له، فإن وجد أن المردود المادي من عمليات احتياله لم تعد ذات عائد مجد، ووجد أنه كلما أخرج رأسه بطريقة نصب جديدة، أعطاه الشعب «على دماغه»، لاحترقت جهوده وتوقف عن أفعاله، ولعرف الشعب أنه «حتى الموثق لم يعد موثوقًا».
جهود جماعية

وقال متعب آل كعبان الوادعي ان حماية المستهلك وحقوقه ليست شعارات مبتذلة، بل تستلزم جهوداً جماعية كبيرة بعدما تعرضت إلى الإهمال والانتهاكات، ودخلت في صراع مع وسائل الدعاية والإعلان، ونظرا لضرورة هذه الوسائل وأهميتها في تعريف المستهلكين بالمنتجات الجديدة ومزاياها، فإنها تمارس في كثير من الأحيان عملية تضليل واضحة للمستهلكين الذين قد يقبلون جراء ذلك على استهلاك سلعة معينة ولكنها قد لا تكون بالمواصفات المعلن عنها، مما يؤدي إلى وقوع المستهلكين في فخ تضليل الإعلان الذي قد يلحق بهم أضراراً صحية أو اقتصادية.
وقال عبدالله سعد وجوب التفريق بين الإعلانات ذات الأسعار المبالغ فيها والأخرى الوهمية، لذلك نحتاج إلى تعريف الإعلانات الوهمية ، حيث نستطيع بيانه بشكل مبسط على أنه الإعلان عن خدمة لا وجود له على أرض الواقع يختلف عن المبالغة في سعر تقديمها ولابد من تضافر الجهود في أهمية توفير حماية المستهلك من أنه يمثل الطرف الضعيف ، فالرغبة في الربح السريع دفعت العديد من التجار والمنتجين، ومقدمي الخدمات لاتباع أساليب غير مشروعة للإثراء السريع باستخدام وسائل الغش والخداع المختلفة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *