رياضة مقالات الكتاب

أرقام عشوائية

في دراسة قام بها سالي (اقتصادي سلوكي ومهتم بكرة القدم)، و أندرسون (لاعب سابق في الدرجات الدنيا في ألمانيا، وأستاذ في السياسة) يُفاجأ الكثيرون أن العديد من المسَلماتِ ليست صحيحة؛ فكون الفريق أكثر عرضة لتلقي الأهداف في الدقائق التي تلي تسجيله هدفًا (قاعدة شائعة لعقود من الزمن) تُظهر البيانات أنها ليست بالضرورة صحيحة، وهذه الدقائق في الواقع هي الأقل احتمالاً لتلقي الأهداف، إضافة إلى كون الضربات الركنية ذات تأثير ضئيل في زيادة فرص الفريق في التسجيل، على عكس الآمال المعلقة عند كل ركنية، وقاموا بدراسة 8232 مباراة في البطولات الأوروبية الكبرى من 2005-2011 فوجدوا أن الفريق الذي لديه المزيد من التسديدات على المرمى يفوز بنسبة 50-58٪ فقط (بحسب الدولة) ، ومن المثير للاهتمام اعتقادهم بأن هناك علاقة بين السجل التأديبي للاعب والصراعات في وطنه؛ حيث كتبوا “نظرًا لارتفاع عدد السنوات التي مرت بها دولة ما في الحرب الأهلية، يرتفع متوسط عدد البطاقات الصفراء لكل لاعب من البلد”. العديد من الحسابات الإحصائية تنشر الكثير من أرقام الأندية واللاعبين بطريقة عامة، فتجد إحصائية لحارس مرمى لخمس أو ست مباريات، وتلقيه أهدافا في كل مباراة، وهذه ليست معلومة جديدة، ولكن ماهو الهدف من الإحصائية؟ وكيف للمهتم بالإحصائيات والأرقام أن يستفيد منها؟ فالهدف من الأرقام والإحصاءات أن تكون مفيدة للمتلقي، ومجرد نشر الأرقام لا يضيف شيئاً، إن لم يتبعه تفسير لها، فالمواقع التي توفر الأرقام كثيرة، ولكن المختلف هو من يستطيع قراءة الأرقام وتحويلها لموضوع نقاش، فعلى سبيل المثال، لو ذكرنا أن حارس مرمى يتلقى أهدافا أكثر من داخل المنطقة، أو من العرضيات، فسنستنتج أنه ربما تكون المشكلة في الدفاع أكثر من الحارس، ولكن عند نشر إحصائية عامة من دون تفصيل، فذلك يلقي اللوم على حارس المرمى أكثر من المنظومة الدفاعية، التي تشمل خط الدفاع، والمحاور، وقس على ذلك الإحصاءات الأخرى.
لا أعتقد أن تحليل البيانات في المملكة والوطن العربي إجمالًا، تقدم بالقدر المطلوب والموازي لما وصل إليه المتقدمون في كرة القدم، ولكن من الواضح أنها أصبحت “موضة” أخرى فهناك أندية وإحصائيون يقومون بتجميع تلال من البيانات؛ ليقال إنهم فعلوا ذلك أو نشرها للاستعراض، ولكن هل تساعد فريقك على الفوز؟ هل تضيف شيئاً للمتلقي؟
بُعد آخر
أحياناً لا تروي الأرقام القصة كاملة، فيعتقد” سالي وأندرسون” أن تشيلسي كان يجب أن يتعاقد مع دارين بينت من سندرلاند مقابل 25 مليون جنيه إسترليني بدلاً من فرناندو توريس مقابل 50 مليون جنيه إسترليني عام 2011 لأن أهداف بينت أدت بشكل مباشر إلى الحصول على نقاط، أكثر من أهداف اللاعبين الآخرين في الدوري الإنجليزي 2009-2011. ولكن سيخبرك خبراء كرة القدم أن بينت ضعيف في الاحتفاظ بالكرة وإعطاء مساحة للآخرين للتحرك، وهو الدور الذي كان مطلوبًا أن يلعبه في تشيلسي.
@MohammedAAmri

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *