وقفة: لم يأت الى ذهني (قبل عام الكورونا) انه سيأتي يوم لا أرى تلك اللحظات في ساحات الحرم النبوي الشريف والتي تسبق الإفطار في رمضان، اللحظات التي تجد فيها الجميع يعملون سويا في وضع طعام الإفطار الجماعي في ساحات الحرم، الابتسامة على محيا الجميع صغارا وكبارا، تسمع من هذا الطفل والشاب او هذا الرجل وهو يدعو ويطلب من زائر المسجد النبوي ان يكرمه بالتفضل في الجلوس على مائدة الإفطار التي تحتوي على الرطب المديني المشهور (الروثانه) وقطعة الخبز التي اشتهرت بها طيبة الطيبة (الشوريك والفتوت) الى جانب كاس اللبن وماء زمزم. تسمع من الجميع دون استثناء عبارات الترحيب لجميع الزائرين من مصلين في المسجد النبوي. ولكن للأسف، في سنة كورونا توقف هذا المشهد.
وقفة: مع جمال المشهد في الوقفة الأولى، كان هناك أيضا مشهد مؤلم متمثل في الكم الكبير من الطعام (الأرز، اللحم والخبز) لا يستهلك ويستغنى عنه، بعد أداء صلاة المغرب، تجد عمال النظافة في ساحات الحرم النبوي يقومون برفع كميات كبيرة من الأطعمة التي استغني عنها المفطرون! حيث تتمثل في كميات كبيرة من الأرز المطبوخ مع قطع اللحم (الدجاج) وقطع الخبز. للأسف منظر مؤلم جداً لضياع هذا الكم الكبير من الطعام، رغم ان هناك من الجمعيات الخيرية التي تجتهد في جمعه وإعادة توزيعه مرة أخرى على الاسر المحتاجة. في سنة الكورونا، توقف هذا المشهد المؤلم وأصبح الامر بيد الجمعيات الخيرية. اتمنى ان يستمر هذا المنهج الذي فيه تنظيم رائع وحفظ للنعمة من دون اسراف.
وقفة: الليالي الرمضانية، تتميز باجتماع الاهل والاصدقاء بعد أداء صلاتي العشاء والتراويح، يتبادلون الأحاديث والاخبار وهي عادة جميلة كانت تميز المجتمع المديني. أيضا، تلك اللقاءات الجميلة تراها في كل مناطق مملكتنا الحبيبة. للأسف، في سنة الكورونا، توقفت تلك الاجتماعات واللقاءات في رمضان الماضي، مع العودة بحذر في رمضان العام الحالي مع تطبيق معايير السلامة والحد من انتشار الفيروس الكوروني.
وقفة: من مقاطع اليوتيوب التي تجذبني مشاهدتها، هي ثقافة الطعام في دول العالم المختلفة خاصة في القارة الهندية. ثقافة وعادات تناول طعام الإفطار والسحور في طيبة الطيبة لها نكهتها المميزة، تجد اطباق الطعام والمشروبات التي اشتهر بها المطبخ المديني والتي يفضلها أهالي طيبة الطيبة، مثل اكلات الأرز (الكابلي، الزربيان، البخاري)، أنواع المعجنات (البوف، البوريك، الزلابية) وأنواع من المشروبات (السوبيا البيضا والحمرا وشراب التمر الهندي) الى جانب أنواع الخبز (الشوريك بالسمسم والفتوت) ولا أنسى ذكر الدقة المديني التي يتم تناولها مع أنواع الخبز واللبن مع تناول المشروبات. في سنة الكورونا، لم تتوقف تلك العادات المدينية ومازالت مستمرة بصورتها الجميلة والرائعة.
باختصار، نعم، لا زلنا نتذكر رمضان الماضي (2020) وما صاحبها من احداث مؤلمة للجميع. اما رمضان الحالي (2021) عدنا وبحذر شديد الى ممارسة عاداتنا وتقاليدنا الاجتماعية، تحت مظلة من التعاون بين الجميع في تطبيق معايير السلامة والتباعد الجسدي والتقليل من اللقاءات الاجتماعية. اتمنى ان يكون رمضان العام المقبل بإذن الله العودة الكاملة والطبيعية الى حياتنا التي اعتدنا عليها، دعواتي للجميع بتمام الصحة والعافية والسلامة والامن والامان (امين).
استشاري العدوى والمناعة
باحث في الشأن الصحي