اجتماعية مقالات الكتاب

التسول .. تشويه لصورة المجتمع

خلصت آراء المختصين إلى أن التسول يقصد به استجداء المساعدة المادية من الآخرين من خلال استدرار عطفهم إما بسوء حال أو احتيال. أما المتسول فهو ذاك الشخص الذي يطلب عطاء الآخرين من استجداء مالي أو مساعدات عينية في أماكن مختلفة ويتخذ من التسول أساساً لتوفير كل احتياجاته الخاصة.

إن التسول يعد ظاهرة اجتماعية شائهة وخطيرة تهدد المجتمع ، كما أنه يمثل الخطوة الأولى في طريق الانحراف والجريمة وقد يدفع بالمتسول لممارسة السرقات والجرائم، عوضاً عن الأضرار الاجتماعية والأخلاقية والأمنية التي قد تصاحب هذه الظاهرة من فساد أخلاق وترويج مخدرات وغيرها تحت مدعاة التسول، بالإضافة إلى تشويه صورة المجتمع واستمراء الكسل والحصول السهل على المال بأية وسيلة، بجانب أضرار التنشئة الاجتماعية للأطفال المتسولين وحرمانهم من حقوقهم في الاستقرار الأسري والتعليم وغيرها.

وفي سبيل وضع حد لهذه الظاهرة الاجتماعية الخطيرة فقد حدد نظام مكافحة التسول الذي أجازه مجلس الشورى مؤخراً وينتظر موافقة مجلس الوزراء الموقر عليه، عقوبات للمتسول حيث نص ضمن مواده على أن يعاقب كل من امتهن التسول أو حرض غيره أو اتفق معه أو ساعد على امتهان التسول بالسجن مدة لا تزيد عن ستة أشهر أو بغرامة مالية لا تزيد عن 50 ألف ريال، كما يعاقب كل من امتهن التسول أو ادار متسولين أو حرض غيره أو اتفق معه أو ساعده بأية صورة كانت على أي من ذلك ضمن جماعة منظمة تمتهن التسول بالسجن مدة لا تزيد عن سنة أو بغرامة مالية لا تزيد عن 100 ألف ريال أو بالعقوبتين معاً، مع الإبعاد من المملكة لغير السعودي ومنع عودته للعمل فيها وفق ضوابط محددة.

إن الجهد الحكومي لا يستطيع وحده القضاء على هذه الظاهرة السلبية، ولا بد من تضافر جهود كافة فئات المجتمع في هذا الصدد، وعلى سبيل المثال فإن المساجد لها دور في هذا الجانب من خلال حث أفراد المجتمع على إعلاء التكافل ومساعدة الشرائح الضعيفة، كذلك المدارس والجامعات لها دور من خلال الاهتمام ومساعدة التلاميذ والطلاب من الأسر الفقيرة، بجانب دور مؤسسات الرعاية والإغاثة في القيام بمساعدة الأسر الفقيرة، كما يناط بالقطاع الخاص ممثلاً في رجال الأعمال والشركات توفير فرص عمل للمحتاجين، كذلك على أجهزة الإعلام تصميم برامج وأعمال إعلامية توضح الأبعاد السلبية لهذه الظاهرة. وفي مجمل القول فإنه ينبغي تضافر جهود الجميع لمجابهة هذه الظاهرة السلبية وتلافي آثارها المدمرة، وفي ذات الوقت البحث عن المحتاجين الحقيقيين لإعانتهم لا المحتالين الخطرين على أمن المجتمع، وذلك للحفاظ على الصورة الحضارية المثلى للمجتمع أمام الآخرين.
باحثة وكاتبة سعودية
J_alnahari@

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *