قابلته وهو يهم بالخروج من مكتبه مبتهجا علي غير عادته .. فسألته إلى أين ؟ .. فقال لي ذاهب الى رئيسي كي أبارك له !! .. واستدرك قائلا: وأخيرا نجحت في التوصية لنقله وترقيته .. وزاد استغرابي .. فقلت له كيف ؟! .. قال لي .. إنني أحب وظيفتي ولكن أكره رئيسي ولا أطيقه .. فشلت جميع محاولاتي في رأب الصدع بيننا .. وأخيرا اهتديت الى حيلة تدفع إلى نقله بترقية حتى أتخلص منه .. وضحكنا كثيرا وودعته بتهنئة قلبية على ذكائه.
إحدى دراسات هارفارد تشير إلى أنه حوالي 50 % من الموظفين يعانون من رؤسائهم بل ويكرهونهم ولا يطيقونهم .. وفشلت محاولاتهم في إصلاح العلاقة الوظيفية بينهم.
وظل هذا السؤال عالقا في ذهني لسنوات عديدة وهو لماذا هناك من الموظفين من يحب رئيسه وآخر يكره رئيسه ولايطيقه مع أنه يحب وظيفته.
وقبل سنوات اهتديت إلى الإجابة الحاسمة على هذا السؤال .. لعلها تطفئ فضول البعض منا لهذا الشعور المتناقض تجاه الرؤساء من موظفيهم والعكس صحيح.
العلاقات الإنسانية في الحياة تحكمها عدة عوامل بعكس ما نعتقد .. وذلك بصرف النظر عما يمليه علينا ضميرنا في علاقاتنا مع الآخرين من قبول وحب أو كره ورفض .. حيث أن العقل البشري أو المخ هو من يتحكم في هذه العلاقات وينظمها ويعطيها تلك النكهة والصفات وذلك بناءً على أفضليات الدماغ في التفكير والاختيار عند الإنسان في توجهاته وسلوكه وشخصيته وأحكامه والتي بالضرورة أن يكون لها أكبر التأثير على أنماط ونوع العلاقات بين البشر.
لذلك يجب أن ندرك أن علاقاتنا تتطور وتتحسن وتنمو إذا ما أدركنا وتفهمنا دور الدماغ وعلومه وأقسامه وتخصصاته. وبالذات في التعاملات الإنسانية .. كالحب والقبول والكره والرفض بين الموظف ورئيسه والعكس.
ولكن ماذا سيفعل الموظف إذا كان يحتاج وظيفته ويحبها ولكن يكره رئيسه ويتمني ألا يعمل معه؟
تشير الأبحاث والدراسات في هذا الشأن إلى أهمية معرفة الموظف لشخصية رئيسه وسلوكه وأفضلياته وآرائه في العمل حتى يتسنى له الوصول الى توقعات الرئيس ومعرفة دوافعه في العلاقات الإنسانية والوظيفية.
وعليه أن يتحدث الى زملاء العمل داخل المنظمة أو من خارجها ومناقشة الصعوبات التي يواجهها مع الرئيس وأن يضع خطة للتغلب على تلك المشكلات.
وقبل كل شيء يجب على الموظف أن يدرس بعناية شخصيته وشخصيات زملائه ورئيسه ويحدد عوامل النجاح التي تحقق أهداف إدارته حتى يتمكن من معرفة أسباب الخلافات بينه وبين رئيسه.
وفي حال لم يوفق الموظف في تحسين العلاقة مع رئيسه يتوجب عليه أن يضع خطة تدريجية للتحدث مع الرئيس نفسه ومناقشة المشاكل والعقبات التي يواجهها معه كي يتوصلا إلى نقاط مشتركة للتفاهم والقبول والتعامل مع توقعات الرئيس.
وإذا لم تجد كل تلك الخطوات مع الموظف فأنصحه ألا يبتئس فهناك أشخاص ورؤساء يحملون شخصيات وسلوكيات يصعب التعامل معها .. والمخرج الوحيد في هذه الحالة هو أن يضع الموظف خطة لإقتناص بيئة عمل جديدة ورئيس متفاهم وعلاقاته الانسانية متزنة ومحفزة للإنجاز وتحقيق الأهداف ومن ثم ينتسب إلى تلك المنظمة أو الإدارة بحثا عن سعادته.