اجتماعية مقالات الكتاب

فجوة الأجيال

بداية دعونا نتساءل من أين تأتي قيمنا ومعتقداتنا .. ؟
وأهمية ذلك ترجع الى مدى أثر القيم على حماسنا ودوافعنا التي نتركها خلفنا في الحياة عموما .. وإن كل القرارات التي نتخذها مصدرها قيمنا سواءً كانت من خلال عقلنا الواعي أو العقل الباطن .. وأن المشاكل والصراعات والخلافات التي نواجهها وتنتج بين البشر سببها الاختلافات الواضحة في القيم والمعتقدات فيما بينهم.
وترجع صلاحية قيمنا للمواقف والأحوال والعصر الذي نعيشه وإلى معتقداتنا الدينية التي اعتنقناها والثقافات والشخوص الذين تأثرنا بهم اثناء رحلة الحياة.
لذلك نشاهد أن إنسان اليوم وقيمه هو إنسان مختلف في قادم الأيام وذلك يعتمد على مدى التغيير الذي طرأ على معتقداته ومدى تأثره بثقافات جديدة.

وعندما نتحدث عن الجيل.. فاننا نقصد المرحلة العمرية الفارقة بين الآباء والأبناء .. ومتوسط تلك الفترة هو 30 سنة تقريبا .. وأثناء هذه الفترة يمر الجيل بمجموعة من الأحداث والمؤثرات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتكنولوجية .. والتي تؤثر في وعيه ووجدانه من معطيات تلك الفترة التي عاصرها ذاك الجيل.
ويقسم العالم الأجيال وفق سنوات ولادتهم .. فهناك جيل الصامتين .. وجيل طفرة المواليد .. وجيل Y وجيل Z ..
وما يهمنا هنا هو نسبة جيل Y في السعودية 1981 ـ 1995 .. ويمثل 30% من السكان .. مقارنة بجيل Z 1996 ـ 2015 .. الذي يشكل النسبة الأعظم .. ويجب التنويه إلى أنني لم أعثر على تفصيل دقيق لهذه النسب.

وأهم ملامح ونظرات الجيل الجديد للآباء أنهم شديدو التمسك بالقيم القديمة والسلوك المتحفظ وعدم التعايش مع متغيرات العصر .. وتتجلي آثار هذه التوجهات على العلاقات الانسانية بين الوالدين والأبناء وتصبح العلاقة متوترة بين الطرفين علي الدوام وذلك لأسباب ثلاث رئيسة: السلطوية الابوية وغياب النقاش والحوار بين الجيلين في المنزل والمدرسة والمجتمع عموما واخيرا سيطرة وسائط التواصل الاجتماعي ومدى تأثيرها على وعي الشباب.
أما النظرة المعاكسة من الجيل القديم عن الأبناء فإنهم يرونهم سطحيين ومتمردين ومتهورين ولا يتحملون المسؤولية ويقضون جل وقتهم في التنقل مابين أجهزة الكمبيوتر أو تصفح هواتفهم الذكية وسماع الموسيقي الصاخبة البعيدة عن الأصالة والكلاسيكية ..

وأرى بقناعة وقوة أن جيل الألفية اكثر تعليما وانفتاحا على العالم وأكثر جرأة على الحوار والنقاش وتقبلا للأفكار الجديدة والغريبة .. ويملك ناصية التكنولوجيا ويسيطر عليها .. هذا الجيل أحدث تغييرا جذريا على أنماط السلوك الاستهلاكي .. والمطالبة بحقوقه والبحث عن مساحة الإبداع في النطاق الذي يعمل ويعيش فيه.
هذا نموذج مصغر للفجوة التي تفصل بين الجيلين .. ولكن التحدي الذي يواجه رجال الأعمال والشركات اليوم هو العمل عن بعد .. فإن هناك خليطا من الأجيال وثقافات مختلفة يعملون في الشركات بل وفي الإدارة الواحدة وهدفهم واحد .. وهو الإنجاز وتحسين وتطوير قطاع الأعمال .. إلا أن الجيل الكبير لم يدرك بوضوح العولمة الجديدة والمنافسة العالمية لاقتصاد المعرفة وتوظيف التكنولوجيا والذكاء الإصطناعي الخ .. وهذا لن يتوفر لقطاع الأعمال إلا من خلال استقطاب الأجيال الشابة من الموهوبين المبدعين والذين يعملون كخبراء متنقلين تحت الطلب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *