إعداد – عبدالله صقر
نشرت “البلاد” في أكتوبر 1966 م تقريرا تحت عنوان المملكة تحضر المؤتمر الرابع عشر لليونسكو ويشير التقرير الى ان الوفد السعودي المشارك في المؤتمر الذي يرأسه وكيل وزارة المعارف في ذلك الحين عبدالوهاب عبدالواسع قد طلب تزويدها بمجموعة من الكتب التي تتحدث عن نهضة المملكة وتقدمها . ويوضح التقرير ان المؤتمر يحضره ممثلون عن 120 دولة وتناول ظروف الحياة والنهضة الثقافية والاجتماعية في كل دولة .. وحسب معد التقرير فان الوفد السعودي يعد من أبرز الوفود المشاركة في المؤتمر
ومن المعروف ان المملكة دعمت ولادة اليونسكو وشاركت بفعالية في رسالتها كون هذه المنظمة إنسانية محضة وتعمل على ايجاد الشروط الملائمة لإطلاق حوار بين الحضارات والثقافات والشعوب على أسس احترام القيم المشتركة.
وتأسست اليونسكو عقب الحرب العالمية الثانية وترتبط المملكة بتاريخ وثيق معها يمتد إلى 74 عاما ونيف حيث تعد المملكة إحدى الدول المؤسسة لليونسكو.
ففي أواخر عام 1945م تمّ عَقْدُ مؤتمر للأمم المُتَّحِدة في لندن حضرته المملكة بهدف تأسيس مُنظَّمة تُعنى بالتربية، والعلم، والثقافة ونشر السلام في العالم.
وفي عام 1946 م كانت المملكة واحدة من عشرين دولة أسست اليونسكو عبر المصادقة بالتوقيع على تأسيس دستورها .. ممّا أدخله حيِّز التنفيذ في تاريخ 4 /نوفمبر من عام 1946م ..وفي عام 1984 م كان للمملكة إسهام كبير في ميزانية المنظمة عندما انسحبت امريكا من عضوية اليونسكو. وفي عام 2011 م قدمت المملكة تبرعا سخيا عندما امتنعت امريكا من دفع حصتها في المساهمة الاعتيادية بمبلغ 20 مليون دولار أمريكي مما كان له الأثر الإيجابي في استمرار مشاريع كادت أن تتوقف في أكثر البلدان حاجة للدعم.
تتويج عالمي للمملكة
وحظي القطاع الثقافي بدعم لا محدود من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حتى قبل توليه مقاليد الحكم .. وفي الرابع من سبتمبر للعام 2014 م قام الملك سلمان -حينما كان ولياً للعهد- بزيارة الى مقر اليونسكو بباريس وهي المرة الأولى التي يضع فيها مسؤول سعودي كبير ضمن برنامج زيارته لباريس، زيارة لمنظمة اليونسكو حيث ألقى كلمة المملكة أمام المندوبين الدائمين للدول الأعضاء في المنظمة دعما وتأكيدا من المملكة لدور اليونسكو.
وتدرك قيادة المملكة الأهمية القصوى للدور المستقبلي لليونسكو وخاصة وفق منظور الرؤية السعودية 2030 والقواسم المشتركة التي تجمع بين المملكة كونها احد الدول المؤسسة لها اذ ان الثقافة وقوة الحوار والتماسك الاجتماعي والنمو الاقتصادي والإبداع هي جوهر الرؤية السعودية ومهمة اليونسكو.
وتؤكد الرؤية السعودية على قدرة المملكة على تسخير موضعها الإقليمي والديني والجغرافي والتاريخي كقوة مؤثرة ثقافيا وفنيا كقلب ومحور للثقافات المختلفة ..حيث تعمل المملكة واليونسكو على ايجاد أرضية مشتركة ووضع رؤى شاملة للتنمية المستدامة، تضمن التقيد بحقوق الانسان، والاحترام المتبادل، والتخفيف من حدة الفقر، وكلها قضايا تقع في صميم رسالة اليونسكو وأنشطتها.
وتعي قيادة المملكة تماما دورها الرئيسي في صنع التغيير من حيث التعاون مع العالم وباعتبار المملكة الدولة العربية الوحيدة بين دول مجموعة العشرين التزمت المملكة بمواصلة بناء الجسور التي تسهم في خدمة الإنسانية وبالأخص تمكين الشباب، وحرصت المملكة على تطوير نظامها التعليمي وإدخال الابتكار إيمانا منها بقوة التعليم والتكنولوجيا وباعتبار ان غالبية سكان المملكة هم من فئة الشباب. وتعول الرؤية السعودية على هذه الفئة من خلال تمكين الشباب وتعد المملكة رائدة في التغيير ، وبأن تنمي جيلا قادرا على مواجهة تحديات المستقبل.
المملكة وإنجازات اليونسكو
وفي عام 2015 أسهمت المملكة في تطوير الأجندة العالمية للتعليم 2030 والعمل مع اللجان الدولية لإعداد الهدف الرابع للتنمية المستدامة والمرتكز على التعليم من خلال إقامة برامج وورش عمل إقليمية ودولية.
كما سجلت المملكة رابع موقع أثري على قائمة اليونسكو وهو مواقع الرسوم الصخرية في جبة والشويمس. وقدمت مؤسسة مسك الخيرية دعما سخيا للمنظمة لإقامة منتدى اليونسكو التاسع للشباب. وفي 2017 استضافت الرياض منتدى المنظمات غير الحكومية بالشراكة مع مؤسسة مسك الخيرية لتمكين شباب العالم من إحداث أثر اجتماعي إيجابي.
وفي 2018 تم توقيع مذكرة تعاون بين وزارة الثقافة واليونسكو وإعلان المملكة التزامها بتخصيص 25 مليون دولار أمريكي لتمويل برامج اليونسكو الاستراتيجية وأعمالها المعنية بالحفاظ على التراث، من خلال التوقيع على خطاب إعلان النوايا في 2019.
وفي 2020 ولأول مرة في تاريخ منطقة الشرق الأوسط، استضافت المملكة قمة قادة مجموعة العشرين (G20)، بالإضافة إلى عقد أول اجتماع لوزراء الثقافة حيث تم تبني هذه الخطوة من قبل اليونسكو.
لكن الريادة العالمية السعودية تتمثل بفوز المملكة في انتخابات الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، لعضوية ثلاث لجان أساسية في وقت واحد هي: عضوية المجلس التنفيذي، وعضوية لجنة التراث العالمي، وعضوية التراث الثقافي غير المادي.
ويعكس هذا التتويج الدولي لعضوية المملكة في ثلاث لجان أساسية في وقت واحد باليونسكو ثقة المجتمع الدولي بالمملكة ومشروعها الإنساني الحضاري الداعم للمشروعات الثقافية المحلية والدولية.